أمد/
بغداد: برعاية وحضور فخامة رئيس الجمهورية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد وبمشاركة واسعة من شخصيات سياسية وأكاديمية وأدبية عراقية وعربية وأجنبية، انعقدت اليوم السبت 29 حزيران 2024 في قرية دجلة ببغداد، فعاليات مؤتمر المركز الثقافي العربي الكردي تحت عنوان (ملتقى الثقافتين العربية – الكردية).
وفي مستهل حفل افتتاح المؤتمر عزف النشيد الوطني وتليت آيات من الذكر الحكيم ووقف المشاركون دقيقة صمت على أرواح شهداء العراق، تلا ذلك عرض فيديو تعريفي عن المركز الثقافي العربي الكردي.
وألقى معالي وزير الثقافة والسياحة والآثار الدكتور أحمد فكاك البدراني كلمة افتتاح المؤتمر أشار خلالها إلى أن لغة الثقافة هي اللغة التي تؤلف بين قلوب أبناء الوطن الواحد وتجمعهم على كلمة واحدة وقرار واحد، موضحا أن الثقافة تستطيع أن تحقق ما لا يحققه سواها لضمان المصالح السياسية والاقتصادية.
وأشاد معالي الوزير بأفكار فخامة الرئيس التي مهدت لتأسيس المركز الثقافي العربي الكردي، مؤكداً أن المركز لا يضم فقط العرب والكرد بل كل المكونات الأخرى التركمان والأشوريين والصابئة المندائيين وجميعهم يساهمون في تنمية الأفكار للوصول الى مخرجات تحقق الحوار الفكري الايجابي.
ثم القى فخامة رئيس الجمهورية كلمة خلال المؤتمر، رحب فيها بالحضور، مشيرا الى إن الاهتمام الأساسي للمركز الثقافي العربي الكردي هو العمل على القضايا الثقافية والتاريخ والتراث، وتنمية المشتركات الثقافية وتطويرها بما يخدم حياة التعايش الإيجابي.
واستذكر رئيس الجمهورية الأدوار الثقافية المهمة لعدد من المثقفين الكرد ممن عاشوا في بلدان عربية مثل مصر ولبنان والاردن وغيرها وأسهموا بإثراء الثقافة والفنون العربية، مشيراً إلى ضرورة الاستفادة من تجارب التأريخ وتقدير الأدوار المهمة التي قدمتها شخصيات في جانب الثقافة والمجالات المعرفية الأخرى.
ثم تحدث الدكتور الصادق الفقيه الأمين العام لمنتدى الفكر العربي ممثلاً صاحب السمو الأمير الحسن بن طلال وألقى كلمة نقل في مقدمتها تحيات سمو الأمير الى فخامة رئيس الجمهورية وإلى المشاركين في المؤتمر، وأكد أيضاً على الكم الكبير من المشتركات الموجودة بين الشعوب وضرورة اغتنامها بما يعضد الروابط بينها ويؤسس لمستقبل مشرق للأجيال القادمة.
ثم ألقى السيد محافظ كربلاء المقدسة المهندس نصيف جاسم الخطابي كلمة استشهد خلالها بتاريخ مدينة كربلاء الزاخر بالمبادئ والثقافة والقيم والفكر الأصيل الواعي، مؤكداً أن الثقافة عبارة عن معادلة زمنية تتأثر بمؤثرات ومتغيرات وتخلق تنمية مستدامة وآلية عمل حقيقية نستطيع أن نشيد بها في بلدان أو في منطقة تجمعها مشتركات أصيلة أكبر من الجغرافية والاقتصاد المتغير والتحديات التي قد تزول.
وتحدث معالي وزير الداخلية والثقافة الأردني الأسبق السيد سمير الحباشنة الأمين العام لمجموعة السلام العربي، مشيرا إلى أهمية دور الثقافة والمثقفين في تفكيك وحل القضايا الملتهبة في المنطقة، موضحاً أن هناك أربع أمم مؤسسة هي الأمة العربية والتركية والكردية والفارسية والتي قدمت للبشرية الكثير، مؤكداً أن العرب والكرد أصحاب خصوصية أكثر قرباً واندماجاً من حيث المقاصد والتاريخ المشترك والتضحيات أيضاً، مسلطاً الضوء على الجهود التي بذلها الكرد من أجل القضية الفلسطينية ودفاعهم عن سوريا والأردن.
ثم ألقى الأكاديمي والمفكر الدكتور عبد الحسين شعبان كلمة أوضح فيها أن المركز الثقافي العربي الكردي يضم مثقفين تجمعهم أمومة إنسانية مشتركة برغم وجود اختلافات حول التاريخ والحاضر والمستقبل، مشيراً إلى أن ما يجمع العرب بالكرد وبقية شعوب المنطقة من ترك وفرس وغيرهم يمكن البناء عليه في إطار مشروع أوسع وأكبر يلعب فيه المثقفون دوراً كبيراً يشمل مجموعات ثقافية أخرى تصب في ذات الاتجاه والتوجه في إطار تعظيم الجوامع وتقليص الفوارق.
وأشار شعبان إلى أن التجربة التاريخية أكدت فشل جميع الحلول العسكرية والحربية والعنفية لحل القضية الكردية لذلك ينبغي الاستماع الى صوت العقل والحكمة للوصول إلى الغايات المنشودة بوسائل سلمية حضارية ومدنية واعتماد الحوار فحوار سنة خير من قتال ساعة.
وتحدث الدكتور عاطف المغاوري نائب رئيس حزب التجمع المصري ورئيس الهيئة البرلمانية للحزب في مجلس النواب المصري عن تمنياته للعراق أن ينهض ويأخذ مكانته الطبيعية بين الأمم ليؤدي دوره الحضاري المعهود، مشيراً إلى إن مبادرة المركز الثقافي العربي الكردي في عقد هذا المؤتمر انما هي رسالة لجميع المكونات الإقليمية في المنطقة العربية وجوارها تؤكد ضرورة اللجوء إلى الحوار والتخلص من ثنائية العداء والصراع التي استنزفت كل الموارد وجعلت من الاقتصاديات عبارة عن اقتصاديات حرب وليس بناء.
بعدها ألقى الأكاديمي والمخرج السينمائي الدكتور علي بدر خان كلمة استهلها بالافتخار بأصله الكردي وجنسيته المصرية، وأثنى على خطوة تأسيس المركز الثقافي العربي الكردي ضارباً العديد من الأمثلة على قوة الترابط بين العرب والكرد المتمثلة بالشخصيات المصرية ذات الأصول الكردية والتي كانت لها اسهامات أساسية في بناء مصر الشقيقة منذ القدم والى يومنا هذا وفي مختلف المجالات الثقافية والسياسية والاقتصادية.
ثم ألقى رئيس أكاديمية الكوفة في هولندا الدكتور محمد سعيد الطريحي كلمة أكد خلالها عراقة الأمة الكردية التي توازي بعراقتها الأمة العربية، مشيراً إلى السمات والمسميات والمشتركات التاريخية والثقافية التي تربط هاتين الأمتين الحيتين، وقام الدكتور الطريحي بإهداء المركز الثقافي العربي الكردي ثلاثين مجلداً من تأليفه تضم عدداً من الأبحاث والوثائق التي تؤرخ وتسجل الشواهد والوقائع ذات الاهتمام المشترك بين الكرد والعرب.
كما ألقى رئيس هيئة المستشارين في بيت الحكمة الدكتور محمد جواد الطريحي كلمة أوضح خلالها تقديمه ورقة بحثية إلى فخامة رئيس الجمهورية والمركز الثقافي العربي الكردي تركز على تحويل الجانب النظري إلى جانب عملي يعضد العلاقة بين العرب والكرد ثقافياً واجتماعياً وانسانياً.
واختتمت البروفيسورة في الجامعة اللبنانية والباحثة في العلاقات العربية الكردية الأستاذة الدكتورة سارة كنج الكلمات الافتتاحية لمؤتمر المركز الثقافي العربي الكردي بكلمة أشارت فيها إلى بداية اهتمامها بطبيعة العلاقات بين الكرد والعرب ودورهم السياسي والثقافي والفكري والأدبي في سوريا والعراق ولبنان ومصر وغيرها من البلدان، مشيرة إلى الأدوار التي لعبها الكرد والخدمات التي قدموها لهذه المنطقة عبر التاريخ والتي تعبر عن عطاء لا متناهي، مشيدة بفكرة انشاء المركز الثقافي الرامي الى اعتماد الثقافة كوسيلة لتوطيد العلاقة بين العرب والكرد.
وعلى هامش مؤتمر (ملتقى الثقافتين العربية – الكردية) كرّم فخامة رئيس الجمهورية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، كلا من صاحب السمو الأمير الحسن بن طلال ممثلاً عنه الدكتور الصادق الفقيه، ورئيس أكاديمية الكوفة في هولندا الدكتور محمد سعيد الطريحي، والأكاديمي والمفكر عبد الحسين شعبان.
كما أقيمت ثلاث جلسات حوارية أولاها كانت بعنوان (دور الثقافة العربية الكردية في تنمية واستدامة التعايش السلمي وتعزيز الانتماء الوطني) أدارها الأكاديمي والمفكر الدكتور عبد الحسين شعبان وشارك فيها وزير الثقافة الأسبق السيد فرياد راوندوزي والوزير السابق في حكومة إقليم كردستان الدكتور محمد إحسان ورئيس الشبكة العربية للتسامح الدكتور اياد البرغوثي و رئيس الهيئة الأكاديمية الكردية السيد حمه زياد مولود ورئيس مركز شرقيات للبحوث الدكتور محمد زاهد جول وأمين عام اتحاد الكتاب العرب الدكتور محمد الحوراني، نوقشت خلالها مجموعة أفكار تؤسس لخارطة طريق تستند على الثقافة في تجاوز الازمات وتقوية النسيج المجتمعي والتخطيط لمستقبل واعد.
أما الجلسة الحوارية الثانية فكانت بعنوان (دور المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية والمجتمع المدني في تنمية أواصر الثقافة العربية الكردية) قام بإدارتها معالي وزير الثقافة الأسبق السيد فرياد راوندوزي وتحدث فيها معالي وزير النفط السابق الدكتور إبراهيم بحر العلوم ومعالي وزيرة الخارجية السودانية السابقة الدكتورة مريم الصادق المهدي وعميد كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور عادل البديوي والكاتب والصحفي السيد ساطع راجي والباحثة في علم الاجتماع الدكتورة رفيف صيداوي ومعالي وزير التربية الأسبق الدكتورة سهى العلي بك، وأشار المشاركون في كلماتهم إلى ضرورة اهتمام المؤسسات الحكومية على اختلاف وظائفها بالعمل على ترسيخ الأخوة العربية الكردية من خلال عملها ونشاطاتها فضلا عن تشريع القوانين بالاعتماد على المصلحة العامة دون هضم حق أي طرف.
وعقدت الجلسة الثالثة والاخيرة تحت عنوان (الشخصيات الثقافية العربية والكردية وتأثيرها في انتاج ثقافة إنسانية وطنية) والتي أدار نقاشاتها أمين عام الشؤون الثقافية في اتحاد الأدباء السيد منذر عبد الحر وشارك فيها الأستاذ في جامعة الموصل الدكتور علي احمد خضر والمؤلف والباحث الاجتماعي السيد فاضل كريم و رئيس قسم الدراسات الإقليمية والدولية في جامعة بغداد الدكتور مفيد الزيدي والخبيرة في شؤون المجتمع المدني السيدة لبنى بن عبد الله والأكاديمية والناشطة في الشأن السياسي الدكتورة ليلى الصائغ والتدريسي في كلية الإمام الأعظم الدكتور صالح خلف الأصيفر، وناقشت الجلسة عطاء العديد من الأسماء العربية والكردية التي كان لها تأثير متميز على طبيعة العلاقات العربية الكردية وعلى ماضي وحاضر ومستقبل البلد، حيث تم التأكيد على ضرورة التعريف بتلك الشخصيات ونشر مفاهيمها الوطنية وتعريف الأجيال الناشئة بالأدوار الإيجابية لتلك الشخصيات في بناء الوطن وتحقيق تطلعات شعبه.
وأختتم مؤتمر المركز الثقافي العربي الكردي بكلمة لمعالي وزير الثقافة والسياحة والآثار الدكتور أحمد فكاك البدراني أعرب فيها عن تقديره وتثمينه لجهود فخامة رئيس الجمهورية في إثراء الثقافة العراقية والحرص على تقوية العلاقات الاجتماعية والروابط الوطنية بين جميع المكونات وبما يؤمن المستقبل الواعد والزاهر للعراق، شاكراً جميع المشاركين في هذا المؤتمر على طروحاتهم وأفكارهم ودراساتهم التي تصب في خدمة الثقافة والمثقفين وترسخ لمجتمعات ديمقراطية واعية وأوطان آمنة ومستقرة.