أمد/
(المضمون: منذ سنوات يطالب المواطنون الفلسطينيون من مواطني باقامة جامعة في مدينة فلسطينية، الامر الذي يمكن أن يكون فرصة لاصلاح الخلل. اضافة الى واجب مؤسسات الاكاديميا في اسرائيل في وقف كل نشاطاتها التي تخرق قرار المحكمة، يجب عليها الوقوف على رأس من يطالبون بانهاء الاحتلال – المصدر).
قرار محكمة العدل الدولية بشأن عدم قانونية سيطرة اسرائيل في المناطق الفلسطينية يمكن أن تكون له تداعيات بعيدة المدى على الاكاديميا في اسرائيل. هذا ضمن امور اخرى، بسبب تورطها في مشروع الاستيطان الذي يتناقض بشكل حاد مع المطالبة بعدم دعمه. من اجل احترام قرار المحكمة فانه يجب على مؤسسات التعليم العالي في اسرائيل أن تعمل على ايجاد فصل واضح بين النشاطات المشروعة داخل حدود اسرائيل وبين نشاطات ابحاث واقتصادية وما شابه في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
المحكمة قررت بشكل قاطع (في البند 225 – 229 في القرار) بأن سيطرة اسرائيل في المناطق المحتلة، التي تشمل قطاع غزة وشرقي القدس، هي سيطرة غير قانونية. ضمن امور اخرى، قالت المحكمة بأن القوانين التي سنتها اسرائيل والاعمال التي قامت بها في المناطق تخلق وضع من ضم الضفة الغربية وشرقي القدس، الى جانب الفصل شبه المطلق بين تجمعات المستوطنين وتجمعات الفلسطينيين بواسطة اسلوب له طابع التمييز العنصري أو حتى الابرتهايد.
المحكمة قالت ايضا (في البند 242) بأن الخرق الخطير للقانون الدولي لا يتعلق فقط بحياة الفلسطينيين كأفراد لهم حقوق، مثل حرية الحركة، بل ايضا بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني. اسرائيل تمنع تطوره الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وحقه في التقرير بشكل حر مكانته السياسية. وبشأن البنود التي تتعلق بالتعويضات، التي يجب على اسرائيل دفعها لاصلاح جزء من المظالم التي فعلتها خلال سنوات الاحتلال، جاء بأن هذه تتعلق ليس فقط باعادة الاراضي والممتلكات، بل ايضا العقارات والوثائق التي اخذها الاحتلال من الاشخاص ومن المؤسسات الفلسطينية، من بينها الارشيفات (البند 270).
مفهوم ضمنا أن دول العالم، بما في ذلك اسرائيل، ملزمة الآن بالعمل وفقا لهذا القرار. ونحن نأمل رؤية خطوات ملموسة تجعل اسرائيل تنهي الاحتلال. ولكن عبء العمل ليس فقط على دول. البنود اعلاه توضح واجب المجتمع الثقافي والاكاديمي لتطبيق ما يُفهم منها، مثل التوقف عن تمويل ابحاث تجرى من خلال حرق القانون الدولي وتساعد على تعزيز الاحتلال والمستوطنات، أو استخدام الموارد الطبيعية والثروة الثقافية في المناطق (التي يتم دعمها من الصندوق الوطني للعلوم). ايضا يجب أن توقف مشاريع اكاديمية في المستوطنات.
اضافة الى ذلك يجب اعادة الى اصحابها القطع الاثرية والمواد الثقافية التي تم العثور عليها في الحفريات غير القانونية، أو تم اخراجها من المتاحف من قبل باحثين اسرائيليين في الضفة وفي شرقي القدس وفي قطاع غزة. ويجب خلق من جديد الشروط لترميم وتطوير الاستقلال الاقتصادي والاكاديمي والثقافي للشعب الفلسطيني. جامعات كثيرة في العالم تعرض المنح للطلاب والباحثين من غزة بعد أن قامت اسرائيل بتدمير الجامعات هناك. هذا العرض غير متاح لمؤسسات الاكاديميا الاسرائيلية، لكن يجب عليها على الاقل المطالبة بوضع حد لتدمير نظام التعليم الفلسطيني، الناتج ضمن امور اخرى عن الاعتقالات المتكررة لهيئة التدريس والطلاب، ومنع الخروج للدراسة والمشاركة في المؤتمرات في الخارج ووضع قيود على زيارات الاكاديميين من الخارج.
يجدر بمؤسسات الاكاديميا وقف تعاملها مع وحدات الجيش، التي تشارك في الاحتلال غير القانوني. العلاقات مع المؤسسة الاكاديمية في اريئيل يجب قطعها على الفور، اضافة الى ابعادها عن اطر رسمية مثل مجلس التعليم العالي ولجنة رؤساء الجامعات. منذ سنوات يطالب الفلسطينيون مواطني اسرائيل باقامة جامعة في مدينة فلسطينية، الامر الذي يمكن أن يكون فرصة جيدة لاصلاح هذا الامر.
ادارات الجامعات تنشغل الآن في بذل الجهود لصد الدعوات للمقاطعة الاكاديمية. في اعقاب القرار القاطع للمحكمة فان مؤسسات اكاديمية وصناديق تدعم الابحاث يتوقع أن تتخذ قرارات تمنع التعاون مع مؤسسات الاكاديميا في اسرائيل اذا استمرت في المشاركة في مشروع الاحتلال. في المقابل، اذا طبقت الجامعات في اسرائيل بنفسها قوانين القانون الدولي فلن تكون أي ذريعة لقرارات من هذا النوع. اضافة الى واجب المؤسسات الاكاديمية في اسرائيل بوقف أي نشاط يخرق قرار المحكمة فانه يجب عليها الوقوف على رأس المطالبين بانهاء الاحتلال.
ليس من نافل القول التذكير بأنه يوجد للاحتلال دور رئيسي في افساد منظومات الحكم الاسرائيلية داخل حدود الخط الاخضر، وزيادة التوجهات المناوئة للديمقراطية التي تهدد منظومة التعليم العالي. كخطوة اولى نحن نقترح تشكيل طواقم هدفها فحص معنى القرار والواجبات النابعة منه بخصوص المؤسسات الاكاديمية. في هذه الطواقم من الجدير دمج خبراء في القانون الدولي والتاريخ والعلوم السياسية، وخبراء في عملية الترميم واصلاح العدالة من مجموعة متنوعة من المجتمعات المشاركة في الاكاديميا الاسرائيلية.
هآرتس