أمد/
واشنطن: أرسلت مجموعة من كبار الشخصيات الإسرائيلية، بما في ذلك مسؤولون سابقون في شؤون الأمن القومي وأكاديميون وقادة أعمال، رسالة شديدة اللهجة إلى قيادة الكونغرس الأمريكي تتهم فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي من المقرر أن يتحدث أمام الكونغرس، الأربعاء، بـ"تهديد الأمن القومي الإسرائيلي والأمريكي".
وتصف الرسالة نتنياهو بأنه "تهديد وجودي"، وكذلك بأنه "مهتم بأنانية ببقائه السياسي ويتحمل المسؤولية الوحيدة عن الفشل في هزيمة حركة حماس في الحرب الحالية في غزة"، كما سلطت الضوء على المشاكل القانونية المستمرة التي يواجهها نتنياهو، بما في ذلك أنه متهم بالرشوة والاحتيال.
ومن بين أكثر من 30 موقعا، هناك 5 مسؤولين كبار سابقين من جهاز المخابرات (الموساد)، كان من بينهم المدير المتقاعد للجهاز تامير باردو، ورئيسان سابقان للجيش الإسرائيلي وقائمة واسعة من المسؤولين العسكريين والأمنيين والدبلوماسيين والقانونيين ورجال الأعمال الآخرين.
وكان من بين هؤلاء الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء أهارون تشيخانوفير، وكذلك رئيسان سابقان لجامعة بن غوريون، أفيشاي برافرمان وريفكا كارمي.
وجاء في الرسالة: "على مدى عقود، ظل نتنياهو يحرض الإسرائيليين ضد بعضهم البعض، مما أضر بنسيجنا الاجتماعي الوطني، وألحق ضررا كبيرا بقدراتنا الدفاعية، وتآكل اقتصادنا، ودمر مكانتنا الدولية".
وأضافت أن "نتنياهو يضر بشدة بمصالح الأمن القومي الأمريكي من خلال نهجه في هذه الحرب، مما يؤثر سلبا على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وخارجه ويعرض إسرائيل للخطر بشكل أكبر".
وتم بعث الرسالة يوم الثلاثاء، إلى رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل.
ودعا باردو، مدير الموساد السابق، الكونغرس الشهر الماضي إلى سحب دعوة نتنياهو، واصفا الدعوة بأنها "خطأ فادح".
وكتب أحد الموقعين الآخرين، وهو ألون بينكاس، الذي شغل من قبل منصب القنصل العام لإسرائيل في نيويورك، أن نتنياهو يزور واشنطن ويتحدث إلى الكونغرس من أجل "إيذاء بايدن وتحويل إسرائيل إلى قضية خلافية حزبية أكبر قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية".
وتم إرسال رسالة مماثلة في يناير/ كانون الثاني إلى الرئيس الإسرائيلي ورئيس البرلمان للمطالبة بإقالة نتنياهو من منصبه.
يذكر أنه تمت دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي للتحدث أمام الكونغرس من قبل رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايك جونسون، في حين هددت مجموعة متزايدة من الديمقراطيين بمقاطعة الخطاب.
وقال السيناتور المستقل بيرني ساندرز في بيان: "بنيامين نتنياهو مجرم حرب، لا ينبغي دعوته لإلقاء كلمة أمام اجتماع مشترك للكونغرس، ولن أحضر بالتأكيد".
وفي مارس/آذار، دعا شومر، أحد أقوى حلفاء إسرائيل في الكونغرس، نتنياهو إلى الاستقالة وإجراء انتخابات جديدة في إسرائيل.
ولا تزال تفاصيل خطاب نتنياهو غامضة، حيث ينتظر الكثيرون معرفة ما إذا كان سيكرر خطابه أمام الكونغرس عام 2015 والذي انتقد فيه الاتفاق الإيراني الذي توسطت فيه إدارة أوباما.
وصدم البيت الأبيض في عهد أوباما بقرار نتنياهو إلقاء كلمة أمام الكونغرس بعد دعوة أخرى من رئيس مجلس النواب الجمهوري جون بوينر، وتجاهل العشرات من الديمقراطيين هذا الخطاب، كما فعل نائب الرئيس آنذاك بايدن الذي كان مسافرا.
غياب ربع مشرعي الحزب الديمقراطي
وعادة ما يحضر نائب الرئيس، بصفته رئيسًا لمجلس الشيوخ، ويجلس بشكل بارز على المنصة.
ومع ذلك، ستغيب نائب الرئيس كامالا هاريس أيضا عن خطاب نتنياهو، الأربعاء، بسبب السفر، والذي قال مستشار الأمن القومي لبايدن، جيك سوليفان، يوم الجمعة إنه لا يتوقع أن يكون تكرارا لما حدث في عام 2015.
وقالت القناة 14 العبرية، في تقرير لها، اليوم الأربعاء، إنه من المتوقع أن يقاطع ربع مشرعى الحزب الديمقراطي في مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين الخطاب المقرر أن يلقيه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونجرس مساء.
وهاجم جيرولد نادلر، أرفع نائب يهودي في مجلس النواب الأمريكي يوم الثلاثاء، نتنياهو واصفاً إياه بأنه "أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي".
واعتبر نادلر أن خطاب نتنياهو، أمام الجلسة المشتركة للكونجرس "لا يخدم تعميق العلاقات التي تربط الولايات المتحدة، وإسرائيل سوياً، ولكنها حيلة ساخرة، تهدف لإخراجه من موقفه السياسي اليائس في الداخل، والتدخل في الشئون السياسية الأمريكية المحلية، قبل أشهر من انتخابات تحظى بأهمية كبيرة".
وقال نادلر، في بيان، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي وحلفاءه الأمريكيين "يسعون إلى استخدام كونجرس الولايات المتحدة، أعظم هيئة تشريعية في العالم، كمسرح لإعلانهم الحزبي المقبل، واستعمال الأعضاء المنتخبين ككومبارس مبجلين"، وإنه لا شك لديه في أن الخطاب الذي سيلقيه نتنياهو: "لا يجب أن يحدث".
وصعد السيناتور كريس فان هولين من ولاية ماريلاند إلى مجلس الشيوخ، أمس الثلاثاء، واتهم رئيس الوزراء بإحباط جهود السلام وإيجاد حل للصراع.
وقال: "نتنياهو وحلفاؤه المتطرفون مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتامار بن جفير يريدون أن يتم دمج أراضي الضفة الغربية بشكل كامل في إسرائيل. إنهم يريدون استكمال رؤيتهم لإسرائيل الكاملة التي تشمل الضفة الغربية بأكملها".
وقال السيناتور بيرني ساندرز في بيان نشر الليلة الماضية: "أتفق مع المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية واللجنة المستقلة التابعة للأمم المتحدة على أن كلاً من بنيامين نتنياهو ويحيى السنوار مجرمي حرب".
ومضى ساندرز قائلا إنه لا ينبغي قبول نتنياهو في الكونجرس الأمريكي، بل على العكس من ذلك، ينبغي إدانة سياسته برمتها".
وردا على دعوات المقاطعة التي أطلقها أعضاء الحزب الديمقراطي، قال رئيس المؤتمر اليهودي الأمريكي دانييل روزن إن من يتخطون الخطاب احتجاجا على نتنياهو هم في الواقع يقاطعون دولة إسرائيل.
ونقلت صحيفة "تلغراف" البريطانية عن مسئولين إسرائيليين انتقادهم الشديد لنائبة الرئيس، المرشحة الرئاسية الديمقراطية، "أن قرارها بمقاطعة خطاب رئيس وزراء إسرائيل مخيب للآمال، ولا يمكن للعالم الحر أن يتحمل عدم قدرة القادة على التمييز بين الخير والشر".
وتأتي الزيارة أيضا في وقت حرج في المفاوضات من أجل وقف إطلاق النار وجهود تهدف إلى التوصل لاتفاق الرهائن في غزة.
وقال مسؤولون أمريكيون كبار إن نتنياهو وقع على الإطار مقترح الاتفاق الذي أعلنه بايدن في مايو/أيار، لكن منتقدي رئيس الوزراء اتهموه بإضافة تفاصيل يمكن أن تحبط الصفقة.
وجاء في الرسالة الموجهة إلى الكونغرس: "لقد عرقل نتنياهو إطلاق سراح الرهائن، ومنع مناقشة أساسية حول الأهداف الاستراتيجية الوطنية للحرب".
يذكر أن 35% فقط من الأمريكيين ينظرون لنتنياهو بشكل إيجابي، وذلك وفقا لاستطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب هذا الشهر، مع تصاعد عدم تأييده بشكل حاد في السنوات الخمس الماضية.
ووفقاً للاستطلاع نفسه، فإن عدد الأمريكيين الذين يرفضون العمل العسكري الإسرائيلي في غزة يفوق عدد الموافقين عليه.
مع تحول إسرائيل إلى قضية حزبية في السياسة الأمريكية، يحذر الموقعون على رسالة الثلاثاء مما يمكن أن تفعله زيارة نتنياهو للعلاقات بين البلدين.
واختتموا كلامهم بالقول: " نحن نشكركم على دعمكم المستمر ونحثكم على البقاء حلفاء أقوياء لإسرائيل، ونشجع رئيس الوزراء نتنياهو على وضع سلامة وأمن ومستقبل إسرائيل والعلاقات الاستراتيجية الإسرائيلية الأمريكية قبل مصالحه السياسية والشخصية."