أمد/
كتب حسن عصفور/ مبدئيا، لا يجب تجاهل أن بلدة “مجدل شمس” هي أرض سورية محتلة، كما فعلت الولايات المتحدة وهي تتحدث عن الجريمة التي أصابت أهلها بمقتل 12 شخص من البلدة، تكريسا لقرار الرئيس السابق ترامب، بعدما اعترف بقرار ضم الجولان المحتل الى دولة الكيان، إلى جانب اعترافه بالقدس عاصمة لها، كاسرا قرار أممي وامريكي منذ عام 1948، باعتباره شرطا من شروط إقامة دولة فلسطين وفقا لقرار التقسيم 181.
الإشارة الأولية لا بد منها، بعدما حاولت الفاشية اليهودية الحاكمة في دولة الكيان، استغلال الجريمة ضد أهل مجدل شمس لتمرير قرارها بضم الجولان، واستغلت دماء الضحايا للتسلل بتكريس قرار غير شرعي، وبأنها أرض محتلة منذ عام 1967.
مع ساعات أنباء حادثة مجدل شمس، ومعرفة عدد ضحايا العملية الإجرامية، بعيدا عما كان مصدرها، كشفت دولة الكيان، مؤسسة ووسائل إعلامية عن مسألة تهربت منها في محطات زمنية، حول التمييز بين سكانها ليس بقوانين تمر دون معرفة عالمية، ولكنها بتصريحات وجدت مرورها سريعا الى مختلف لغات العالم، عندما بدأ الحديث عن هوية القتلى، بأنهم ليسوا “يهود”.
التمييز الفوري لهوية القتلى ودينهم، لم يمكن “خطأ إعلاميا”، بل كان تمهيدا هاما لمسار تطور التفاعل مع الرد الممكن ومآله، خاصة وهو أكبر رقم من المدنيين سقطوا ضحايا منذ 7 أكتوبر 2023، كي لا يتم فرض فعل يتجاوز ما تريده المؤسسة الحاكمة.
وسريعا تم وضع إطار الرد الممكن أو المحتمل، بأنه لن يكون “تقليديا”، وسيتجاوز الرد اليومي عمل بعمل، ما قد يشمل مناطق حساسة تطال مراكز لحزب الله في الضاحية الجنوبية والجنوب، وربما مناطق بنى تحتية في لبنان، لكنه لن يذهب الى مفهوم “الحرب الشاملة”.
الحديث عن عدم الذهاب لحرب شاملة، هي رسالة أولية إلى أمريكا راعي ترتيبات المشهد العام لليوم التالي لحرب غزة، والعلاقة مع بلاد فارس وملحقها في لبنان واليمن (الحوثيين) وفقا لمشروعها الإقليمي العام، بأن ردها سيكون محكوما بـ “قواعد انضباطية”، لا تؤدي الى إرباك مخططها ما قد يفقدها بعض أوراق الضغط التي بيدها في المنطقة.
بالطبع، لا يمكن اعتبار أن مسار المعارك العسكرية يمكن التحكم به وفقا لرغبة ما، فأي حركة تخرج عن سياقها قد تنجرف إلى مسار مختلف كليا، خاصة لو جاء رد فعل أصاب منطقة حيوية في داخل الكيان، أو ما أدى لمقتل عدد من “اليهود” يفوق قتلى مجدل شمس، فعندها ستخرج “مسار الرغبات عن مسارها”.
ولكن الرئيسي فيما تم الإشارة إليه، والذي يجب أن يكون الدرس المركزي لكل أهل فلسطين 1948، إنه رغم كل الخدمات التي قدمها غالبية دروز فلسطين خدمات في جيش دولة الكيان، واحتلال بعضهم مواقع أمنية حساسة جدا، كانوا في مواجهة مباشرة ضد شعب فلسطين في الضفة والقدس وقطاع غزة، لكن تلك “الخدمات” سقطت مع اختبار محدد، كشفته حادثة مجدل شمس.
الرسالة المركزية لحادثة مجدل شمس، أن دولة الكيان لن تذهب أبدا نحو “حرب شاملة” ما لم تمس جوهريا سكانها اليهود، أو “مصالح اليهود”، كونها تعتبر ذاتها “دولة اليهود”، ولن تذهب لمخاطرة كبرى لغيرهم.
مجدل شمس، أكدت بدون أي مسوغات وشروحات، أن عمل لجنة المبادرة الدرزية هو الطريق الصواب، بأن رفض الخدمة في مؤسسة دولة الكيان الأمنية بات الخيار والرد على عنصرية كشفتها بوقاحة مطلقة سلوك وتصريحات بأن القتلى ليسوا “يهود”.
هل نشهد انتفاضة “بني معروف” لكسر سلوك عمل ساد منذ قيام دولة الكيان اغتصابا لأرض فلسطين التاريخية، والتمرد العام على العمل في مؤسساتها الأمنية…تلك هي الرمزية الأهم لو حدثت ردا على حدث مجدل شمس، وانتقاما لأرواحهم.
ملاحظة: اسماعين هنية دعا من قطر إلى اعتبار 3 أغسطس يوما عالميا لنصرة غزة ومش يوم 4 أغسطس اللي بيصادف الذكرى 85 لميلاد الخالد المؤسس ياسر عرفات..لكن يبدو أن أبو عمار مش مخزون في ذهن رئيس حماس..تفاصيل صغيرة بس دلالتها كبيرة..لمن هو مرتبط بتاريخ فلسطين مش بتاريخ جماعة في فلسطين.
تنويه خاص: فضيحة لوحة “العشاء الأخير” في افتتاح “أولمبياد باريس “سحبت كتير من رصيد بهجة الإبداع المرتقب..غباء غريب تسقط فيه مدينة قدمت حالها أنها عاصمة النور لكنها كشفت عن نفق ظلامي عميق بداخلها..باريس ماكنتش باريس.
لقراءة مقالات الكاتب ..إضغط