أمد/
لا حلا عسكريا لوضعنا. هكذا ببساطة يجب أن نقول هذا. لعله من الأفضل ان نصرخ به، الان، قبل ان يأتي الرد الإيراني على قتل هنية الذي بذاته كان ردا على مذبحة الأطفال في مجدل شمس التي بذاتها كانت ردا على تصفية مسؤول حزب الله الكبير التي بذاتها كانت ردا على الدمار والموت الذي يزرعه حزب الله في الشمال الذي بذاته كان ردا لم اعد أتذكر على ماذا.
من يمكنه ان يتذكر كل سلسلة الردود والردود المضادة في الحرب العبثية التي لا تنتهي هذه. عشرة اشهر من الموت والخوف والثكل التي ليس فقط لا نرى لها نهاية بل وأيضا لا نفهم على ماذا يقتل كل يوم افضل أبنائنا، على ماذا لا تنام الأهالي في الليل خوفا من ان يدق الباب، وعلى ماذا سيتربى اليتامى دون ان يعرفوا اباءهم. بالمقابل، فقدنا الفهم على ماذا ولماذا نحن نواصل زرع الموت والدمار في شوارع الناس الذين سنضطر ذات مرة لان نعيش معهم بجيرة. وصلوا الى مرحلة في هذه الحرب نسير فيها في متاهة اسطورية من الضياع، متاهة رعب عظيم ليس واضحا لاي منا كيف نخرج منها بسلام.
لا حلا عسكريا للوضع الرهيب الذي علقنا فيه. الطريق الوحيد الذي يمكننا ان نعيشه في الشرق الأوسط هو الانخراط فيه. الفكرة في أننا سنتمكن من العيش الى الابد على حرابنا سخيفة وغبية معا. رأينا كيف انهارت كل أجهزة الامن في 7 أكتوبر. ورجاء لا تقلصوا هذا القصور في أن أحدا ما لم ينهض في الصباح او ان واحدة ما لم يصدقوا تقاريرها او ذاك الذي كان يستجم في ايلات في تلك الليلة. هذا اعمق بكثير. لا يمكن العيش على الحراب الى الابد. بلا سلام، دولة إسرائيل لن توجد في هذه المنطقة محوطة بالاعداء.
اسمعهم منذ الان ينادون من الاعالي، “مع من نصنع السلام؟ مع النخب؟ مع القتلة والمغتصبين اللعينين الذين ذبحوا أطفالا، شيوخا، نساء ورجال؟” الإحساس بالمرارة في مكانه. فهؤلاء حقا أناس عديمو الطابع الإنساني، لا يمكن الحديث معهم. من جهة أخرى، في هذا سذاجة وعمى. قيادة إسرائيل، واولا وقبل الاخرين بيبي نتنياهو نفسه، فعلت كل شيء كي تنمي الإرهاب الحماسي. فقد حولت ملايين الدولارات لمنظمة الإرهاب إذ ارادت ان تنمي المتطرفين من بين الفلسطينيين وتضعف المعتدلين. وحسب هذا الفهم المشوه، فان السنوار افضل من أبو مازن لانه مع أبو مازن لا سمح الله يمكن ان نصر الى سلام، بينما السنوار هو قاتل يمكن دوما الاعتماد عليه في الا يضع سلاحه.
عندما سيكتبون ذات مرة في كتب التاريخ عن كارثة 7 أكتوبر، سيصعب على القراء ان يصدقوا بان إسرائيل اليمينية، الصقرية وفائقة الوطنية في نظر نفسها أنمت بكلتي يديها هذا الإرهاب الاجرامي فقط كي لا تضطر لان تساوم. فكروا متى سمعتم آخر مرة تقريرا على لقاء لوزير إسرائيلي كبير مع أبو مازن؟ مكالمة هاتفيه معه؟ شيء ما؟
وهكذا صممنا بكلتي يدينا الجحيم الذي نعيش فيه الان. السلطة الفلسطينية فككناها، فيما جعلنا حماس وحدة مختارة، فخر الشعب الفلسطيني. وفي صورة مرآة عندنا، بن غفير وسموتريتش، الى جانب ضباط اليمين الذين يديرون سياسة هذه الحكومة، يجرونا الى الهوة في رقصة تانغو مخيفة مع أناس حماس، رقصة الموت.
لن يكون بسيطا إقامة قناة حوار متجددة مع الفلسطينيين. فالدمار الذي زرعناه في غزة يخلق هناك ندبة قاسية وأليمة مثلما خلقته لنا مذبحة 7 أكتوبر. عشرات الاف القتلى وبينهم مدنيون كثيرون. هم صدمة لا تنسى. لكن لهم أيضا لا يوجد بديل غير التغلب، بالضبط مثلما لا يوجد لنا. عشرة اشهر من اللظى تكفينا جميعا. الان هو زمن المعتدلين لان يسمعوا صوتهم. الان هو الزمن للصراخ، لا حلا عسكريا لوضعنا.
عن يديعوت أحرنوت العبرية