أمد/
كتب حسن عصفور/ منذ 314 يوما، قامت دولة الفاشية اليهودية بارتكاب أبشع عمليات إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني، في قطاع غزة والضفة والقدس، كشفت أنها لم تكن ردة فعل كما حاولوا تزويرا لغطاء ما حدث، ولا يحتاج المرء دليلا اثباتيا، أكثر وضوحا مما يحدث في الضفة والقدس، جرائم حرب من فرق إرهابية استيطانية بقيادة وزراء في حكومة نتنياهو، مع أوسع عملية تهويد، بينها ساحة البراق والمسجد الأقصى.
أصبح توصيف ما حدث، وفقا لكل المؤسسات القانونية، ومحكمة العدل الدولية وبيان النائب العام للجنائية الدولية، بأن دولة العدو الاحلالي ارتكبت من جرائم الحرب ما فاق من سبقها، من الفاشيين ومجرمي الحروب في دول بأنحاء الكوكب الأرضي، ولذا ليس الأمر بحاجة لتدقيق في توصيف ما قامت به حكومة الفاشية المعاصرة ضد شعب فلسطين، استكمالا لما بدأته منذ العام 1948، وصولا لمجزرة مدرسة التابعين في غزة أغسطس 2024 واقتحام المسجد الأقصى وإقامة الصلوات التلمودية ذات الشهر والعام، إشعارا بما يمكن أن يكون هدما أو إزاحة للمسجد الأقصى.
أفعال ناطقة كانت تفترض حراكا رسميا عربيا مفترقا عما كان طوال 314 يوما، وتوافقا مع بعض ما قالته القمة العربية في البحرين شهر ما يوم 2024، خاصة بعد تشكيل لجنة مكلفة بالتحرك وعمل ما هو ضروري لذلك، والواقع، أن اللجنة التي تشكلت قامت ببعض زيارات وانتهت بصور بروتوكولية وبيانات خالية من كل “دسم عروبي”، دون تأثير على أي كان.
وفجأة، بعد قيام حكومة الفاشية المعاصرة باغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية في طهران، اتجه مسار الحراك لكيفية “ضبط” رد فعل بلاد فارس، وفتحت الولايات المتحدة ورشة اتصالات متنوعة، ربما هي الأوسع منذ 314 يوما، قادها الرئيس الأمريكي بايدن ووزيره بلينكن إلى جانب المخابرات المركزية تهدف بالدرجة الأساسية للسيطرة بعدم الخروج عن ترتيباتها الخاصة لمسار ما بعد أكتوبر، واستخدمت “الرسمية العربية” لذلك بشكل مستفز.
كان التقدير، أن تستفز الحركة التوسلية الأمريكية لبلاد الفرس وحركة الاحتواء الواسعة، الرسمية العربية لتدرك أنها ليست “ثقلا مركزيا” في حسابات الولايات المتحدة، خاصة بعدما رفضت وبطريقة استفزازية رؤيتها لليوم التالي لما بعد حرب غزة، ولم تقم لها “حسابا سياسيا”، رغم كل ما لها مصالحا وفوائد أضعافا مضاعفا لغيرها، لتبدأ عملية استخدام ما لديها من “أوراق قوة” تفوق كثيرا وجدا ما لما للفرس في التعامل مع إدارة بايدن.
والحديث هنا عن “أوراق قوة” خارج أي عمليات عسكرية، أو عناصر ربما يعتبرها البعض “المخنوع” جينيا، بأنها قد تقود إلى حرب إقليمية تخرج عن السيطرة، أوراق حقيقية قادرة ليس فقط أن تجبر أمريكا على الركض لترضية الرسمية العربية، بل وستذهب لما هو أبعد نحو فرض مسار سياسي يعيد الاعتبار لقضية فلسطين، ومكانة عربية تليق بها وما لها.
“أوراق القوة الناعمة”، الممكن لها أن تكون سلاحا يفوق تأثيره “الكلام الإيراني”، تستند جميعها إلى البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، واللجوء لها لمواجهة ما يهدد السلم والاستقرار، فما بالنا ونحن أمام أوسع حرب إبادة ضد شعب وأرضه منذ عام 1945.
عناصر “القوة الناعمة” تستند إلى عقوبات اقتصادية وتجارية الشاملة وعلى تدابير أكثر استهدافاً، كحظر توريد الأسلحة، أو حظر السفر، أو القيود المالية أو الدبلوماسية، وجميعها لا تحمل “شبهة القوة العسكرية” أو الاشتباكات المسلحة، إجراءات ليس ضد حكومة العدو الاحلالي فقط، بل أيضا ضد الولايات المتحدة وكل من يقف إلى جانب حرب الإبادة الجماعية ضد فلسطين.
قد لا تستطيع دول عربية استخدام كل تلك الإجراءات ضد أمريكا، ولكنها بالتأكيد تستطيع جدا أن تستخدمها ضد دولة الكيان الاحتلالي، مع بعض إجراءات اقتصادية وتجارية مع الولايات المتحدة، وليس بعيدا كيف إن العربية السعودية ودول أخرى استخدمت سلاح النفط في حرب أكتوبر 1973، وأيضا رفضها الكامل الاستجابة لطلب واشنطن زيادة الإنتاج النفطي للتأثير على روسيا بعد العملية العسكرية في أوكرانيا، وتوسيع باب العلاقات الاقتصادية مع الصين والتوجه نحو الانضمام الى معاهدة دولة بريكس.
اللجوء لعناصر القوة الناعمة من البند السابع لميثاق الأمم المتحدة، هو سلاح تعزيز مكانة الرسمية العربية ليس مع الولايات المتحدة فحسب، بل وضعها رقما على طاولة السياسة الدولية، ويمكنها أن تتحول من محدودية الدور إلى دور مقرر، بل والرقم السادس من دول الفيتو العالمي.
قديما، انقسمت الدول العربية لأسباب متعددة، بين محور أمريكا بكل ما به غزو ولصوصية وبين محور الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية، ولكن الآن المشهد لم يعد بذات التقاسم، بل أن صعود الصين بالتحالف مع روسيا وفر غطاءا هاما لدفع دول عربية الخروج من “التبعية الأمريكية”، دون المخاوف الأمنية القديمة، وبعضها بدأ مساره النسبي بذلك، لوكن بحدود غير واضحة البعد السياسي.
لجوء الرسمية العربية لاستخدام “عناصر القوة الناعمة” في البند السابع ضد أمريكا ودولة الكيان الفاشي خدمة لمكانتها العالمة واحتراما لسيادتها، قبل أن يكون خدمة لفلسطين القضية والشعب، كما يعتقد بعض الصغار.
ملاحظة: حكي الوزير الطلياني عن جهوزية بلده لارسال قوات عسكرية لغزة عشان “تحميها”..بتكشف أن اليوم التاني بدأ في المطبخ الأمريكاني الكبير مع بعض الطباخين الصغار…ولسه الفلسطينية قال مختلفين مين يكون مع مين على معبر رفح..يا مساكين عقلكم شو زغيييير..
تنويه أمدي: زمان كان منتشر مقولة “هلا بالخميس” لأسباب مختلفة..مش مهم كل واحد شو تفسيره.. لكن خميس اليوم في الدوحة معقول نقوله “هلا بالخميس” أو يا ريته ما أجا هالخميس..خلونا نشوف مع أنه لو فيه خير كان بشر..بس طولوا بالكوا يمكن تزبط..قولوا ياخميس..
لقراءة المقالات كافة..تابعوا الموقع الخاص للكاتب