أمد/
واشنطن: أعلنت رئيسة جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة نعمت شفيق استقالتها، وذلك بعد 4 أشهر تقريباً من إشرافها على تعامل الجامعة مع احتجاجات في الحرم الجامعي على خلفية الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة.
وقالت شفيق، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى الموظفين والطلاب: "كانت أيضاً فترة من الاضطرابات، إذ كان من الصعب التغلب على تباين
وجهات النظر في مجتمعنا. لقد كان لهذه الفترة أثر سلبي على أسرتي، كما كان الأمر بالنسبة لآخرين في مجتمعنا".
أشارت الدكتورة نعمت إلى أنها اتخذت قرارها بعد تفكير عميق خلال فصل الصيف، معتبرةً أن مغادرتها في هذا الوقت ستساعد الجامعة على التعامل مع التحديات المقبلة.
وتأتي استقالتها بعد استقالة ثلاثة عمداء بجامعة كولومبيا، الأسبوع الماضي، بعد أن أظهرت رسائل نصية أن المجموعة تستخدم "استعارات معادية للسامية" أثناء مناقشة الطلاب اليهود.
وكانت الجامعات الأمريكية بمثابة نقطة اشتعال للاحتجاجات على حرب غزة منذ أن هاجمت حماس إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتوغل الإسرائيلي اللاحق في قطاع غزة الفلسطيني.
وقد أدلى قادة جامعة هارفارد، وجامعة بنسلفانيا (UPenn)، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بشهاداتهم أمام لجنة مجلس النواب المعنية بالتعليم والقوى العاملة.
واستقال رئيسا جامعة هارفارد ويو بن في نهاية المطاف وسط ردود فعل عنيفة بسبب تعاملهما مع احتجاجات الحرم الجامعي وشهادات الكونغرس، بما في ذلك رفضهما القول بأن الدعوة إلى قتل اليهود يمكن أن تنتهك سياسة الجامعة.
وفي أبريل/نيسان الماضي، دافعت شفيق أمام الكونغرس عن جهود مؤسستها لمعالجة معاداة السامية، قائلة إن هناك ارتفاعاَ في مثل هذه الكراهية في الحرم الجامعي وأن الكلية تعمل على حماية الطلاب.
وأضافت الدكتورة نعمت في رسالتها "أنها حاولت السير على نهج يوازن بين المبادئ الأكاديمية ومعاملة الجميع بالعدل والرحمة". وأوضحت أنها كانت تشعر بالقلق الشديد، سواء على مستوى المجتمع الجامعي أو على المستوى الشخصي، جراء "التهديدات والإساءات التي تعرضت لها هي وزملاؤها والطلاب".
من هي "مينوش" المصرية
ولدت الدكتورة نعمت شفيق، المعروفة إعلامياً باسم "مينوش"، في محافظة الإسكندرية المصرية في 1962، وفي عام 1966، عندما كانت في الرابعة من عمرها، انتقلت مع أسرتها إلى الولايات المتحدة بعدما تعرضت ممتلكات العائلة للتأميم في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وفق مصادر أكاديمية من جامعة كولوميبا.
استقرت الأسرة بدايةً في سافانا بولاية جورجيا، حيث عاصرت نعمت خلال طفولتها أحداثاً واضطرابات اجتماعية وسياسية كبيرة في الولايات المتحدة، مثل حرب فيتنام وظهور حركة الحقوق المدنية.
التحقت "مينوش" بعدة مدارس في فلوريدا وجورجيا وكارولينا الشمالية خلال تلك الفترة. وتتحدث اللغتين الإنجليزية والعربية بطلاقة، وتحمل الجنسيات المصرية والبريطانية والأمريكية.
في عام 1983، تخرجت بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف من جامعة ماساتشوستس-أمهيرست، حيث حصلت على بكالوريوس في الاقتصاد والسياسة.
لاحقاً أكملت دراساتها العليا في المملكة المتحدة، وحصلت على درجة الماجستير من كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية في عام 1986، ثم على درجة الدكتوراة في الاقتصاد من كلية سانت أنتوني بجامعة أكسفورد في عام 1989.
وفي عام 2002، تزوجت من عالم الأحياء الجزيئية رافائيل جوفين في واشنطن، وأنجبت منه طفلين توأم، إضافة إلى أنها أصبحت زوجة أب لثلاثة أبناء آخرين لزوجها من زواج سابق.
التعليق على الصورة، في أبريل/نيسان الماضي، أصدرت الدكتورة نعمت شفيق تعليمات للشرطة بدخول حرم جامعة كولومبيا، حيث يتواجد الطلاب المتظاهرون ضد استمرار الحرب في غزة، ما أدى إلى اعتقال نحو 100 طالب.
بدأت نعمت شفيق مسيرتها المهنية بعد حصولها على الدكتوراه عام 1989، حيث عملت في البنك الدولي على قضايا تتعلق بأوروبا الشرقية بعد سقوط جدار برلين، وكانت أصغر نائب لرئيس البنك الدولي على الإطلاق، حيث كانت تبلغ من العمر 36 عاماً.
واستمرت في تولي مناصب قيادية في مؤسسات دولية، مثل دورها في وزارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة خلال حملة "لنجعل من الفقر تاريخاً"، وصندوق النقد الدولي خلال أزمة الديون في منطقة اليورو، وأشرفت على برامج الصندوق في الشرق الأوسط.
وتولت أيضاً منصب نائب محافظ بنك إنجلترا، إذ كانت مسؤولة عن ميزانية عمومية حجمها 500 مليار دولار خلال فترة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وفي عام 2017، عادت إلى الأوساط الأكاديمية كرئيسة لكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، ومن ثم أصبحت في يوليو/تموز 2023 أول امرأة تتولى رئاسة جامعة كولومبيا في نيويورك، وحينها وصفها رئيس مجلس أمناء الجامعة بأنها "المرشحة المثالية".
في عام 2015، تم تصنيفها كواحدة من أقوى 100 امرأة في العالم من قِبل مجلة فوربس، وحازت بنفس العام على لقب "السيدة" من المملكة المتحدة في عام 2015، تقديراً لمساهماتها في مجال التنمية الاقتصادية.
كما حصلت على جائزة "قادة الصناعة الأوروبية رقم 100 في مجال التمويل" في عام 2019.