أمد/
كتب حسن عصفور/ كان شهر يونيو 2022 على موعد مع نقطة فصل مشرقة في المشهد العالمي، عندما فاز اليساري غوستافو بترو رئيسا لدولة كولومبيا ليضع نهاية لتحالف تاريخي بين دولة العدو الاحلالي، فوزه كان شبيها بمساره السياسي، متمرداً مسلحاً في حركة أبريلية رفضت الظلم والاستغلال، منحازاً للإنسان والإنسانية، وفي مقدمة من يستحقون كان شعب فلسطين، مطلقا مقولته الأشهر، “المسيح كان فلسطينياً”.
يوم أن افتتح شارع فلسطين في بوغوتا عاصمة كولومبيا بالنشيد الوطني الفلسطيني، كانت رسالة سياسية جديدة نحو صناعة مسار تاريخي جديد، ووضع نهاية لسواد علاقة مع دولة العدو الاحلالي، ولم يهتز أبدا أمام حملة إرهاب سريعة بدأتها حكومة الفاشية اليهودية، وصلت إلى حد السخرية الشخصية به ومنه، بل والتهديد بدعم عصابات مسلحة تمهيدا لانقلاب عسكري.
بترو، غير العربي وغير المسلم، بدأ في التفاعل المباشر مع الحدث الفلسطيني بعدما أطلقت حكومة الفاشية المعاصرة حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة، ووصفها بـ “جهود النازيين الجدد في تدمير الشعب الفلسطيني وحريته”، وبدأت خطوات الفعل الرافض، ما فتح عليه جبهة معارضة داخلية وأمريكية إلى جانب “الطغمة المالية اليهودية”، لكنه لم يقف ليفكر بمصالح خاصة، على حساب مواقف تاريخ سياسي وضمير إنساني.
قياسا، كولومبيا لها مصالح كبيرة خاصة بالبعد العسكري والأمني مع دولة العدو، وهي متضررة فيما لو ذهبت بعيدا في مواقفها، لكن غوستافو بترو لم يحسبها وفقا لنظرية “تاجر الحقيبة السياسية”، بل وفقا لرؤية الانحياز التاريخي للإنسانية التي جسدها أحد أعظم كتاب العصر الكولومبي أيضا غابرييل غارسيا ماركيز، وواصل مواقفه دون ارتعاش.
يوم 18 أغسطس 2024، اتخذ بترو، القرار الذي مثل “هزة سياسية” في المسرح العالمي، وسط حرب هي الأكثر فاشية في عالمنا منذ نهاية الحرب العالمة الثانية 1945، بوقف تصدير الفحم من كولومبيا للكيان كونه يستخدم في تصنيع قنابل لقتل أطفال فلسطين…سبب وقرار كاف لأن يكون الدرس الأول في أن مسار وقف الحرب العدوانية له طريق واحد، عندما تدرك حكومة الإرهاب بقيادة عصابة الثلاثة نتنياهو -بن غفير وسموتريتش، استخدام كل أشكال القوة الناعمة التي يمكنها أن تكون قاطرة إنهاء الجريمة والإبادة الجماعية.
قرار الرئيس بترو، لم يخضع لحسابات صغيرة، ولم يفكر كيف له تبرير استمرار فتح باب علاقة اقتصادية تستخدم في حرب إبادة شعب فلسطين، لم يذهب هروبا من قرار بالبحث عن أنفاق لا عمل، والحديث عن “تشكيل لجان” تدرس وترى، ثم تذهب ولا ترى كونها مصابة بعمى رؤية الحقيقة الوطنية، ومسكونة بـ “حب طارئ” لدولة الكيان وحكومته الفاشية.
مقارنة بين مقررات قمة عربية، لم ير منها النور قرارا لصالح فلسطين، مقابل قرار الرئيس الكولومبي بترو فتح طريق النور السياسي لشعب انتظر ممن هم “أولى بك فأولى”، فكان الفعل الحق من إنسان لا يعتمر الكوفية العربية ولا العباءة ولا لسانه ضاد ولا يحمل سجادة صلاة، بل كل ما له إيمان بمبدأ رفض لما هو ضد الإنسان.
غوستافو بترو قال المسيح فلسطينيا، بعض كلمات لكنها شرعنت رؤية سياسية تلغي مبدأ التهويد..ليؤكد أن أممية الانتماء انتصرت على “قومية الهوية”، التي أطلقت قذائف الكلام دون أن تطلق رصاصة فعل واحدة.
بترو الرئيس لم يتحدث يوما بأن فعل الإبادة الجماعية تجاوز “الخطوط الحمراء” ولن يسمح مرة ثانية به..كما قالها قادة عرب من كل مظاهر الزي واللهجات..لكنه أصدر فرمانه بأن تصدير الفحم لدولة الكيان “خطر أحمر”..ذلك هو الفرق عن منافقي الكلام.
غوستافو بترو..اسمك لن يكون خبرا في خبر.. بل نقشا مرسوما في حائط المقدس الوطني الفلسطيني..وفاء من شعب يدرك أنك الأقرب لروحه الكفاحية من “ذوى القربي” عربا وعجما…حبك لفلسطين مقابله عشق من أهلها لمن يستحق وسام الخلود الوطني.
ملاحظة: كل ما تقرأ موظف أمريكاني استقال لأنه مش قادر يتحمل مشاهد حرب الإبادة ومجازر لم يراها حتى بأفلام هوليودية..لما تسمع موظف بريطاني تخلى عن امتيازاته كمان تشعر بفرح غريب.. وتدرك أن الإنسان لا زال به إنسانية.. والأرض بتتكلم مش عربي وبس بل كمان إنجليزي وإسباني..مش هيك يا “عرب”!
تنويه خاص: مجلة تايم، عملت شي ما سبق إنها عملته.. بعد ما نشرت لقاء مع نتنياهو قبل كم يوم رجعت ونشرت “كل أكاذيبه” اللي حكاها خاصة دعمه المالي والسياسي لحكم حماس..اللي عملته المجلة غريب فعلا..ولكن الأمريكان لما يحطوا حطاط واحد بيصير ما غريب غير الشيطان..وكأنه زوج سارة صار هو الشيطان ولازم يغور..طيب غووووووووووور في ستين داهية..
لقراءة المقالات كافة..تابعوا الموقع الخاص