أمد/
واشنطن: مع استمرار المفاوضات المعقدة بين حركة حماس وإسرائيل بشأن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، فإن الأخيرة لا تزال تسعى لاستعادة الرهائن المختطفين في قطاع غزة عبر استخدام طرق وأساليب أخرى، وذلك رغم صعوبة الأمر، وفقا لخبراء تحدثوا لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
ويأتي ذلك مع إعلان الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء، العثور على جثث 6 رهائن خلال عملية في غزة، بينهم 5 ذكور سبق أن أُعلن مقتلهم خلال الأشهر الماضية.
واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم غير مسبوق لحماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق الأرقام الإسرائيلية الرسمية.
وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، حيث لا يزال 105 منهم محتجزين في غزة، بينهم 34 شخصا يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم، حسب وكالة فرانس برس.
جمع المعلومات
بعد نحو أسبوعين من هجمات السابع من أكتوبر، تم تكليف لجنة من خبراء الصحة بمراجعة المعلومات الاستخباراتية السرية وتحديد ما إذا كان الرهائن أحياء أم أمواتًا، لإخطار الأسر وإبلاغ المفاوضين.
وحددت اللجنة حتى الآن أن أكثر من 40 رهينة قتلوا، بناءً على لقطات كاميرات أمنية في إسرائيل ومقاطع فيديو التقطها مسلحون من حماس تم العثور عليها في غزة، وأدلة الحمض النووي، وفقًا لعوفر ميرين، المدير العام لمركز شعاري تسيديك الطبي في القدس، عضو اللجنة.
وفي إحدى الحالات، تمكنت اللجنة من تحديد أن الرهينة شاني لوك، ماتت بعد العثور على قطعة من جمجمتها داخل الأراضي الإسرائيلية. وتم العثور على جثتها في نهاية المطاف في مايو الماضي.
من جانبها، قامت كارين ناخون، وهي عالمة إسرائيلية من جامعة رايخمان، بتشكيل فريق من المتطوعين الذين قاموا بمسح وسائل التواصل الاجتماعي وتطوير خوارزميات لتمشيط 200 ألف مقطع فيديو لتحديد الأشخاص المفقودين.
ثم قام الفريق بمشاركة النتائج مع مسؤولي الاستخبارات. وفي هذا الصدد، قالت ناخون: "في البداية لم يعمل أحد معنا، ولم تكن الدولة موجودة".
وبعد بدء توغل الجيش الإسرائيلي في القطاع الفسلطيني، في 27 أكتوبر، كانت المعلومات الاستخباراتية لا تزال محدودة، كما أثبتت الاستجابة العسكرية أنها كانت "قاتلة لبعض الرهائن"، وفقا لاثنين من المسؤولين الإسرائيليين السابقين كانا قد تحدثا إلى الصحيفة الأميركية.
من جانبه، قال ضابط استخبارات أميركي، تقاعد مؤخراً، إن إسرائيل تلقت أيضاً المساعدة من الولايات المتحدة، التي زادت من اعتراضاتها للمكالمات الهاتفية في غزة في الأيام التي أعقبت اندلاع الحرب، حيث ساعدت تلك البيانات في تحديد مكان احتجاز بعض الرهائن.
أما، الجنرال الإسرائيلي المتقاعد، يسرائيل زيف، فأكد أن جهود الاستخبارات الإسرائيلية "تحسنت، لأن العملية البرية في غزة جلبت معلومات من الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر والوثائق التي تم العثور عليها داخل القطاع".
وأشار إلى أن التوغل الإسرائيلي البري "سمح بالحصول على معلومات من بعض سكان غزة الذين يقدمون معلومات استخباراتية لإسرائيل، أو من خلال استجواب السجناء"، حسب وول ستريت جورنال.
استخدام الذكاء الاصطناعي
ورغم تأكيد مسؤولين أمنيين إسرائيليين أن الاستخبارات البشرية ضرورية لإجراء عمليات إنقاذ الرهائن، لأن ذلك النوع من المعلومات يكون دقيقا للغاية، فإن أشخاصا مطلعين على الأمر، قالوا إن إسرائيل وسعت أيضًا من استخدامها للذكاء الاصطناعي في هذه المهمة.
وتلجأ إسرائيل للذكاء الاصطناعي للمساعدة في معالجة وتحليل كميات كبيرة من المعلومات البصرية وإشارات الاتصالات والمعلومات الاستخباراتية البشرية القادمة من غزة، لأنها أدركت أنها لا تستطيع معالجتها يدويًا.
وعلى الرغم من التحسن في معالجة البيانات، فإن جمع المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية لا يزال يواجه تحديات، إذ تحرص حركة حماس، المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة، على اتباع أساليب اتصالات معقدة لتجنب التقاط الإشارات، كما أن زعيمها يحيى السنوار لا يتواصل إلا من خلال الرسائل المرسلة عبر مبعوث، حسب وسطاء عرب.
وأوضح وسطاء أن "السنوار قطع الاتصالات مع قيادة حماس بسبب عدم الثقة، والاعتقاد بوجود جاسوس في صفوفها"، وذلك بعد مقتل نائب قائد الجناح العسكري لحماس، مروان عيسى، في مارس الماضي.
ومن بين العقبات الأخرى التي تواجه إسرائيل، انتشار الرهائن في جميع أنحاء القطاع، ونقلهم من مكان إلى آخر لجعل تحديد مكانهم أكثر صعوبة، حسب الصحيفة الأميركية.
وفي هذا الصدد، قالت الرهينة المفرج عنها، أفيفا سيغل، للصحيفة الأميركية، إنها احتُجزت في 13 موقعًا مختلفًا فوق الأرض وتحتها خلال 51 يومًا قضتها في غزة.
ويعتبر إنقاذ الرهائن أحياء أمرًا صعبًا للغاية، كحال تحديد مكان جثث المختطفين، لأنها غالبًا ما تكون مخفية، ففي ديسمبر، عُثر على جثتي رهينتين في أكياس قمامة في نفق شمالي غزة، وفقًا لأورين غانتز، والدة أحد الرهائن.
وحتى عندما تكون إسرائيل لديها كل المعلومات الاستخباراتية، فإنها لا تختار دائماً تنفيذ مهمة إنقاذ، فقد كانت عملية إنقاذ الرهائن الـ4 في رفح خلال فبراير الماضي، جاهزة لفترة طويلة قبل تنفيذها، لكنها تأخرت على أمل التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن.
وتساءل حينها المسؤولون عما إذا كان ينبغي لهم المخاطرة بحياة رهينتين مسنين في عملية إنقاذ عسكرية، بينما يمكن إطلاق سراحهما بأمان أكبر في صفقة وقف إطلاق النار.
وفي السياق ذاته، اعتبر مسؤول استخباراتي إسرائيلي سابق في حديثه إلى "وول ستريت جورنال"، أنه "لن تتم عودة معظم الرهائن دون التوصل إلى اتفاق".