أمد/
كتب حسن عصفور/ قبل ساعات من “الحدث العسكري” بين حزب الله ودولة الكيان، دفعت الولايات المتحد بكل قوتها لفرض جولة تفاوضية جديدة حول شروط صفقتها “المستبدلة”، بعدما أصرت في شهر يونيو على فرض مقترح رئيسها بايدن على مجلس الأمن ليصبح قرارا برقم شهير 2735، مستغلة بعدم وجود خيار بديل لوقف حرب الإبادة الجماعية، إصرار من واشنطن ما كان “مفهوما” سوى الرغبة بالتفاوض.
ولكن، وقبل انطلاق الجولة التفاوضية الأخيرة، بدأ “الحدث العسكري” بين دولة الكيان وحزب الله اللبناني، اشارت كثيرا من التفاصيل، أن المسألة لم تكن بعيدة عن وجود “تفاهم ضمني”، على حدود الفعل ورد الفعل، كما حدث سابقا عندما قامت بلاد فارس بـ “رد اعتباري” في شهر أبريل “انتقاما” لقصف قنصليتها في دمشق، ومقتل قادة من الحرس الثوري ومدنيين عاملين.
من “الشواهد” التي تستوجب التفكير فيما وراء “الحدث العسكري”، الوصول المفاجئ لرئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال تشارلز كيو براون إلى تل أبيب، والبقاء في المنطقة إلى ما بعد الانتهاء، ما يؤشر إن الأمر لم يكن مفاجئا، ولا سريا ابدا، ولعل زمن “الحدث” بداية ونهاية وشكله، وما تم كشفه لاحقا يؤكد أن “سيناريو رد طهران الأبريلي” تكرر ثانية في سيناريو “الحدث العسكري” الأغسطسي.
المعركة الحقيقية منذ حرب أكتوبر 2023، التي قامت بها دولة العدو ضد قطاع غزة، ترتبط مباشرة بما حدث من تطورات جوهرية في المنطقة، خاصة الحضور الاستراتيجي للصين، وهو ما لاحظته صحيفة “المونيتور” الأمريكية، التي حدت إن الحرب على قطاع غزة ترتبط بمستقبل الطاقة في الشرق الأوسط، ما فرض على الولايات المتحدة تعديل انتشار قواتها البحرية ونشر حاملتيْ الطائرات (روزفلت) و(لينكولن) في الشرق الأوسط بعيداً عن أماكن تموضعها الأصلية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ”.
ويمكن إضافة إلى ذلك “البعد الاستراتيجي”، إمكانية كسر العلاقة التقليدية الاقتصادية بكل أنماطها لدول عربية مع الولايات المتحدة، ضمن قاعدة “السوق المفتوح”، ما قد يمثل “خطرا كبيرا على مستقبل مكانة أمريكا في المنطقة ودورها العالمي، في ظل صراع ليس ببعده “السلمي” فحسب بل بملامح عسكرية، خاصة في ظل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وتأثير نتائجها على حلف الناتو أوروبيا.
وكي لا تهرب خيوط التطورات العالمية من “اليد الأمريكية”، لا بد لها من بقاء منطقة الشرق الأوسط في حالة اشتعال إلى حين التوصل إلى ترتيبات شاملة، جوهرها التفاهم الاستراتيجي مع بلاد فارس، بعيدا عن كل البيانات النارية المعادية، وتكريس مضمون “التفاهم الاستراتيجي” وفقا لـ “النموذج العراقي” (عداء الشكل تفاهم الجوهر)، باعتبار ذلك في تقديرها حجر الأساس في محاصرة “التمرد المتوقع” لدول عربية اقتصاديا في مجالي الطاقة والاستثمارات نحو روسيا والصين.
حرب غزة، هي أداة من أدوات الولايات المتحدة المراد أن تفرض نتائجها “خدمة البعد الاستراتيجي الجديد” لمصالحها الإقليمية، ولذا فهي حريصة على صياغة رؤية تفرض في بعدها الجوهري بقاء حالة الاشتعال وليس الهدوء، ولكنها تعمل بمعادلة عدم كسر مسيرة التفاوض، كي لا تخرج حركتها عن مسار الضرورة الممكنة في الزمن المنظور.
تناول الإصرار الأمريكي على استمرار التفاوض حول “صفقة التهدئة والتبادل” في ظل حركة تبديل مضمونها، لا يهدف أبدا البحث عن اتفاق حولها، بل تكريسها كمسار بلا نهاية إلى حين أن تتمكن من وضع ترتيبات إقليمية جديدة، تتوافق ومصالحها الاستراتيجية في الشرق الأوسط.
حرب غزة جزء من “الاستراتيجية الأمريكية” يرتبط نهايتها بما يمكن أن يكون من ترتيبات إقليمية شاملة، تعيد تثبيت قواعدها المركزية ومحاصرة الحضور المتسارع للصين وروسيا، ولذا فهي تعمل على شراء الزمن بالدم الفلسطيني، في قطاع غزة والضفة والقدس، إلى أن تصل لهدفها الكبير.
رؤية واشنطن وجوهرها تفرض إعادة تقيم فلسطيني وبعض عربي لكيفية مواجهة “الخدعة الأمريكية الكبرى” في استغلال حرب غزة لمصالحها الاستراتيجية، برؤية مضادة وبالتعاون مع أطراف تمثل تناقضا لها ومعها.
ملاحظة: لا يوجد غرابة يمكن الحديث عنها كما غرابة بعض الفلسطينيين في منح لقب “سيد المقاومة” لغير فلسطيني دافع الثمن أرضا وشعبا وحياة..أن تكون “دونيا سياسيا” فتلك قصتك.. أما أن تكون جاهلا فيما هو حق لصاحب الحق فتلك جريمة تستوجب الجلد الوطني..وفلسطين سيدة الفعل المقاوم..يا لص المقاومة!
تنويه خاص: مرات في نشر أخبار بتخلي الواحد يفكر كتير وهو بيسمعها أو بيقراها..مثلا فصيل ما يطلق “صاروخ” من قطاع غزة على دولة الكيان..بعد ثواني وقبل ما يسقط وين ما يسقط بتطلعلك قناة بتعلن الصاروخ نوعه كذا وطلع من منطقة كذا واللي أطلقه كذا..معقول كل هاي “الكذا” خدمة لأهل غزة أم لمن يصطاد أهل غزة…فكروا فيها بس بقلب ابيض..
تابعوا قراءة المقالات على موقع الكاتب الخاص