أمد/
تحلُّ علينا الذكرى الثالثة والعشرون لاستشهاد القائد الوطني والقومي والأممي الرفيق أبو علي مصطفى، في ظل استمرار حملة الإبادة الجماعية الطاحنة والمكثفة والوحشية التي تشنها المنظومة الاستعمارية الدولية عبر ذراعها الكيان الصهيوني الذي تأسس منذ يومه كمشروع ومنظومة لإبادة الفلسطينيين وفرض البطش الاستعماري المسلح على شعوب المنطقة بأكملها.
نستذكر اليوم تاريخ مجيد من مشهدية الدم والنهج والدرس الذي جسده القادة الشهداء العظماء حين اشتقوا طريقا لكفاح شعبنا من أعمدة الخيام ومنافي اللجوء، واطلقوا شرارة المقاومة وشعلة الثورة الفلسطينية المعاصرة والكفاح المسلح ومشروع التحرر الوطني الفلسطيني وناضلوا وقاتلوا واستشهدوا دفاعاً عن وجود شعبنا وقضيته العادلة وحقوقه المشروعة. ونحن اليوم نستذكر روح وفكر ونهج القائد الذي ظل عشقاً ونبضاً ودرساً ومدرسة:
أولاً: القائد أبوعلي نموذج وطني جسد ترابط مفهوم القيادة بالبطولة، والقول بالممارسة، والقائد من يمتلك الثقافة والوعي والسلوك والشجاعة ومزيد من المقاومة، وقد تجلت في السيرة المفعمة بالعطاء تاريخ كفاح يختصر روح الشعب و تاريخ الحركة النضالية للشعب الفلسطيني، جسدتها مقولته الشهيرة وعلى أرض فلسطين “عدنا للوطن لنقاوم وعلى الثوابت لن نساوم”. قالها لننغرس أكثر ونتجذر في أرض الوطن لمقاومة مشروع الإبادة والتهجير وتصفية القضية ولحفظ الوجود وشرعية البقاء، وتعزيز صمود شعبنا في غزة والضفة في وجه المجازر والحصار والتجويع والتدمير، مدرسة المقاومة هي القوة الشاملة والشامخة، يؤكد أننا أمام عدو لا يفهم إلا لغة المقاومة، ويستهدف الكل الفلسطيني، لذلك من واجبنا تشكيل جبهة مقاومة وطنية لإدامة الاشتباك التاريخي الميداني والمقاومة الشاملة للاحتلال . في جبهة المقاومة في فلسطين كلها مع جبهات الإسناد ضد العدوان الغاشم.
ثانياً: القائد أبو علي مصطفى نموذج لمدرسة فلسطين قولاً وعملاً، الوطن فوق كل اعتبار فصائلي أو فئوي أو أي امتياز شخصي أو موقع تنظيمي، فما كانت الوحدة الوطنية بالنسبة له ترفاً ولغواً ، التي أصبحت في زمن عملية طوفان الأقصى ضرورة وطنية ، التي مثلت الوعي التحرري الذي زعزع أركان الكيان الصهيوني، وأظهر عجزه وقدرة شعبنا على هزيمته، ليستنجد بحملة استعمارية مسعورة لكي الوعي المقاوم. نجدد دعوتنا لصد العدوان بوحدة الصف الشعبي والوطني ووحدة مقاومته البطلة، تستند إلى جبهة وطنية عريضة، ورؤية وطنية واستراتيجية جامعة تطلق طاقات شعبنا الكامنة وتزجها في معركة الوجود، تتولى قيادة شعبنا في هذه المعركة وتوفير متطلبات صموده. وانتصاراً للملحمة المصيرية التي يخوضها شعبنا وقوى المقاومة في كل أماكن تواجدها وفي مختلف الساحات العربية والدولية.
ثالثاً: أبو علي مصطفى القائد الرؤيوي، يعلمنا كيفية التمسك بالهدف وبالحق، والحق قبل الحل، وبالهدف أكثر من الوسيلة . وبالثابت أكثر من المتغير ، بالكل الاستراتيجي أكثر من الجزئي والتكتيكي. وإن الأولويات الوطنية ، يتم تحديدها بناءً على أهداف مشتركة واحتياجات ضرورية تمليها اللحظة التاريخية ، قد نجد أننا أمام مهمة رئيسية لإعادة تقييم ومراجعة سياسية وطنية شاملة، ينتج عنها رؤية فلسطينية وطنية جديدة، فالأولوية الوطنية اليوم بترجمة ” إعلان بكين” بدعوة الإطار القيادي المؤقت ومباشرة العمل بإعادة بناء المؤسسات الوطنية وفي طليعتها منظمة التحرير الفلسطينية، وما حالة التسويف وإضاعة الوقت والانتظارية لن تخدم المصلحة الوطنية بل تصب في خدمة مشاريع التصفية وأصحابها والرهانات الخاسرة على الأميركيين والصهاينة وملحقاتهم من الرجعيين والمطبعين العرب.
رابعا: القائد أبو علي المفعم بالثقة بحتمية النصر وبناء ثقافة الامل في مواجهة ثقافة اليأس والإحباط ، والتفاؤل في ظروف التشاؤم، والروح الإيجابية في وجه السلبية، لذلك نتعرض لتجفيف مخيماتنا بسياسات التهجير والقتل والتدمير في غزة والضفة وكل مكان ، اعتداء ممنهج على وجود الشعب الفلسطيني، في فلسطين ومحيطها، بهدف تشتيت الشعب الفلسطيني، البحث عن خيارات فردية مهلكة وقاتلة من غزة إلى القدس والضفة الغربية. واجبنا الجماعي والوطني حماية الوجود الفلسطيني، وحفظ الهوية الوطنية الفسطينية من التبديد، وإسقاط أهدافه العدوان العسكرية والسياسية والاستراتيجية.
خامساً: أبو علي مصطفى قائداً مؤسساً لنظرية الصراع بيننا وبين العدو الصهيوني كصراع تاريخي شامل ومفتوح؛ ارتباطاً بطبيعة وجوهر العدو وأهدافه القائمة على نفي وجود الشعب الفلسطيني المادي والمعنوي عن أرض وطنه، وإقامة ما يُسمّى بالدولة اليهودية؛ المدعومة بالكامل من القوى الإمبريالية العالمية وفي مُقدّمتها الولايات المتحدة الأميركية،
باعتبارها قاعدتها المتقدمة في الوطن العربي، وعليه، لم تقتصر رؤية الرفيق أبو علي للصراع باعتباره بين الشعب الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي، بل هو بالأساس بين الأمة العربية جمعاء وقواها الحيَّة، والعدو الصهيوني، الذي يهدف إلى السيطرة والهيمنة على كل المنطقة ومقدّراتها وثرواتها، وإخضاعها بالكامل لأطماعه الإمبريالية الاستعمارية. وإن مدى هذا الصراع يطال كل شعوب أمتنا هو الدفاع عن وجودها الذي تهدده شراكة نظم التطبيع مع المشروع الصهيوني واستعدادها لقبول هيمنته على المنطقة بأسرها، ورهانها على هزيمة شعب فلسطين ومقاومته الذي سيبقى يشكل خندق الدفاع الأول عن الأمة العربية وشعوبها ودولها وعن أمن الإنسان العربي والأمة العربية بكل أبعاده ومعانيه. وأحرار العالم وخصوصاً في المركز الغربي الاستعماري، في رفض وإدانة حرب الإبادة الوحشية والشراكة الغربية فيها، وتصعيد النضال ضد مجرمي الحرب وداعمي الإبادة، ودعم قضية شعبنا العادلة ونضاله ومقاومته المشروعة بكل أدواتها.
العهد والوفاء والمجد لك يا أميننا العام الشهيد أبا علي مصطفى، ابن مدرسة الحكيم والوديع وجيفارا غزة وغسان كنفاني.
المجد لكتائب أبي علي مصطفى ولصناع السابع عشر من أكتوبر العظيم
والخلود للشهداء
والحرية لقائدنا أحمد سعدات وكل أسرانا البواسل
والنصر للمقاومة