أمد/
ياوندي: قال مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، إن الشعب الفلسطيني يعيش أحد أخطر الفصول في تاريخه منذ نكبة عام 1948، عندما تعرض للمجازر والذبح والتهجير القسري من أرضه وتجريده من ممتلكاته وتركه في مواجهة ظلم تاريخي لا يمكن محوه أو التغاضي عنه.
جاء ذلك في البيان الذي ألقاه خلال ترؤسه وفد دولة فلسطين في اجتماع مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في دورته الـ50، المنعقد على مدار يومين في الكاميرون.
وأضاف منصور في بيانه أمام وزراء خارجية الدول المشاركة في الاجتماع، أن الشعب الفلسطيني لا يزال يعيش عواقب هذا الظلم التاريخي في غياب جهد دولي جماعي لتمكينه من ممارسة حقوقه، بما في ذلك حقه في تقرير المصير والاستقلال وحقه في العودة إلى أرضه.
وأوضح انه في قطاع غزة، ومنذ قرابة عام، يشهد الشعب الفلسطيني أبغض عدوان. فمنذ 11 شهراً، تواصل إسرائيل قصف الأحياء السكنية المكتظة بالسكان، والمنازل، والمساجد، والكنائس، والمدارس، والمستشفيات، والملاجئ والخيام المليئة بالنازحين.
وقال منصور إن إسرائيل لا تتوقف عن استهداف المدنيين الفلسطينيين، وعمدت إلى تفاقم معاناتهم من خلال إعاقة دخول المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الغذاء والدواء والوقود، وقتل وتشويه المدنيين، بمن في ذلك الأطفال، ونشر المجاعة واستخدام التجويع كسلاح في الحرب، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، بما في ذلك قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وفي انتهاك لأبسط قواعد الإنسانية والأخلاق.
وأضاف في بيانه أنه منذ 11 شهراً، لم تتوقف أوامر الإخلاء الإسرائيلية، فلقد أمرت إسرائيل مليوني فلسطيني من سكان قطاع غزة بالإخلاء إلى ما يسمى "منطقة إنسانية" وهي منطقة غير موجودة، مشيرا إلى أن أوامر الإخلاء هذه هي جزء من الحرب الجسدية والنفسية ضد المدنيين في غزة، ونسائنا وأطفالنا، والمرضى والجرحى، وكبار السن والمعاقين، وهي خنق الشعب الفلسطيني على أرضه وإجباره على الفرار منها.
كما عبر منصور عن صدمته أنه "بعد 11 شهرًا من هذا العدوان والإبادة الجماعية، لم تتم الاستجابة لمطالب المجتمع الدولي حتى الآن. لا وقف لإطلاق النار، ولا وصول آمن للمساعدات الإنسانية، ولا إنقاذ وحماية المدنيين. بل إن معاناة الشعب الفلسطيني تزداد سوءا، كما أن سياسة إسرائيل في القتل والتهجير القسري والتدمير والحرمان قد تزايدت مما أدى إلى معاناة إنسانية غير مسبوقة".
وأضاف أنه نتيجة لهذا، عاد شلل الأطفال إلى الظهور في قطاع غزة بسبب التدمير المنهجي الذي تقوم به إسرائيل للبنية التحتية للمياه والصرف الصحي، بالإضافة إلى القيود التي تفرضها على الإصلاحات والوصول إلى الإمدادات، وتعطل النظام الصحي بشكل كامل.
كما صرح منصور بأنه مضى نحو أكثر من شهرين منذ اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2735، ولم يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، مضيفا "لا أحد في غزة لديه الوقت للمراوغات الإسرائيلية، وانه ويجب إنقاذ أرواح الفلسطينيين بشكل عاجل وفوري".
ودعا المجتمع الدولي إلى ضرورة فرض وقف فوري لإطلاق النار، وعدم السماح لإسرائيل بمواصلة الإبادة الجماعية بوسائل أخرى.
كما تناول منصور في بيانه الوضع الخطير في الضفة الغربية وما تشهده محافظاتها من عدوان يهدف الاحتلال منه إلى توسيع مجازره وسياسة التهجير القسري التي ينتهجها. ففي الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، تغزو قوات الاحتلال الإسرائيلي المدن الفلسطينية بشكل يومي، وتعتقل الآلاف من الفلسطينيين وتعرضهم لأقسى أشكال التعذيب، ما يؤدي إلى استشهاد الأسرى في زنازينهم. كما تستمر إسرائيل في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وزيادة خطط الاستيطان وشرعنة البؤر الاستيطانية، كما فرضت "العقوبات" على الحكومة الفلسطينية، وسرقت عائدات الضرائب الفلسطينية، وسمحت للمستوطنين بنشر إرهابهم وتنفيذ هجماتهم ضد الفلسطينيين بشكل يومي.
وقال إن السياسيين والمسؤولين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى المبارك في القدس، منتهكين الوضع الراهن التاريخي للأماكن المقدسة في المدينة.
وطلب منصور من دول منظمة التعاون الإسلامي والمجتمع الدولي ككل اتخاذ إجراءات جدية وحاسمة لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة فورا وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من القطاع ورفع الحصار والسماح بدخول المساعدات ومنع خطة التهجير القسري وتوفير الدعم للسكان المدنيين للتعافي وإعادة الحياة وتمكين الحكومة الفلسطينية من تحمل المسؤولية الكاملة في قطاع غزة، ودعم مبادرة الرئيس محمود عباس بالذهاب إلى قطاع غزة. وحث دول منظمة التعاون الإسلامي على السعي لإنجاز هذه المبادرة وحشد المجتمع الدولي لدعمها.
كما أكد ضرورة تقديم الدعم المالي والسياسي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ومواجهة حملة التشهير والهجمات الإسرائيلية ضدها، وضمان قدرة الوكالة على الاستجابة للمعاناة الإنسانية في قطاع غزة وفي مناطق عملها بشكل عام، باعتبار الوكالة عاملاً مهماً من عوامل الاستقرار في المنطقة.
كما ناشدهم أيضا بضرورة حشد الدعم الدولي لعضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة، والدفع نحو المزيد من الاعترافات بدولة فلسطين، كخطوة سياسية تصحح الظلم التاريخي الذي وقع على الشعب الفلسطيني وذلك تأكيدا لحقه في تقرير المصير.
وفي ختام بيانه، قال منصور إن الشعب الفلسطيني بحاجة لإنهاء معاناته وليس التخفيف منها، وإن هذا لا يتحقق إلا من خلال أمر واحد، وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، والتي يشكّل قطاع غزة المحتل جزءاً لا يتجزأ منها.
وأضاف أن الفلسطينيين بحاجة إلى حشد الدعم الدولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق استقلال وسيادة دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967، وفقاً للشرعية الدولية، وعاصمتها القدس الشرقية، وتحقيق السلام العادل والشامل، بما في ذلك عقد مؤتمر دولي للسلام على أساس الشرعية الدولية.
وفي هذا الصدد، أكد أهمية الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن عدم شرعية الاحتلال وضرورة إنهائه بشكل كامل وبأسرع وقت ممكن، وضرورة ترجمته إلى إجراءات وخطوات عملية، في ضوء المسؤوليات التي حددتها المحكمة لإسرائيل والدول الثالثة والمنظمات الدولية.
وصرح منصور أن دولة فلسطين ستسعى في الأسابيع المقبلة إلى التصويت على قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة، يضمن اتخاذ المجتمع الدولي الإجراءات اللازمة لدعم القرارات التي اتخذتها محكمة العدل الدولية في قرارها التاريخي.