أمد/
■ قال فهد سليمان، الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: إن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، تخوض الآن حرب إستنزاف ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، ستكون نتائجها عنصراً رئيسياً في رسم نهاية الحرب الضارية في قطاع غزة، وتأثيراً إيجابياً على المواجهات في الضفة الغربية، وإجهاض مشروع نتنياهو لمستقبل القطاع. وأضاف:
إن الحرب في قطاع غزة والمواجهة الفلسطينية – الإسرائيلية عموماً، تحولت إلى حرب إستنزاف، قد تمتد لفترة من الزمن، بعد أن فشل جيش الاحتلال في تحقيق أهدافه في النيل تصفوياً من المقاومة، وإستعادة أسراه بالقوة، وفرض مشروعه السياسي على مستقبل القطاع.
وكان فهد سليمان، يتحدث في ندوة جماهيرية حاشدة، عقدت في قاعة الشهيد خالد نزال، في مخيم اليرموك، بحضور ممثلي فصائل العمل الوطني والأحزاب السورية وفعاليات مجتمعية، لمناسبة دخول حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في القطاع شهرها الـ12، على طريق إستكمال عامها الأول.
تناول الأمين العام للجبهة الديمقراطية، في مستهل ندوته 3 قضايا رئيسية، تمثل كل واحدة منها السمة الرئيسية للفترة التي تتحرك فيها: التطبيع، بإعتباره المحور الأهم للحِراك السياسي قبل 7/10؛ حرب الإستنزاف التي هي الصيغة الغالبة للصراع حالياً؛ والإنقسام الفلسسطيني، لجهة ما طرأ عليه من تغيير في ضوء التغيير الحاصل في نسبة القوى التي تؤثر فيه، كما تشكلت في سياق الحرب وحتى يومنا ■
التطبيع
■ إستعاد فهد سليمان، في هذا السياق، ما كان تعمل عليه الولايات المتحدة قبل 7 أكتوبر من مشاريع لتعميم التطبيع العربي – الإسرائيلي، باعتباره المصطلح الملطف لدمج دولة الاحتلال في الإقليم، عسكرياً وإقتصادياً وثقافياً، الخ … وكل هذا بقيادة واشنطن، ما يسمح لها إحكام إمساكها بأوضاع الإقليم الذي يمثل غرب آسيا في الجغرافيا، كما وفي مدلوله الجيوسياسي والجيوإستراتيجي.
وأكد فهد سليمان، أن حرب 7 أكتوبر، إذ جمّدت عملية التطبيع بإستهدافاتها الإقليمية المعرَّفة، دون أن تضع حداً لها، أي تقطع عليها الطريق نهائياً، هذه الحرب وضعت الإقليم في حالة جديدة، فالحرب في قطاع غزة، حتى ولو تم الوصول إلى وقف إطلاق النار، فإن المعركة سوف تتجدد طالما الاحتلال قائم.
وأوضح الأمين العام للجبهة الديمقراطية، أن إشتعال جبهات الإسناد والمشاغلة، في جنوب لبنان والجولان السوري المحتل، وفي اليمن، والبحر الأحمر، أدخل على الحرب عنصراً جديداً، ينطوي على إحتمال التطور إلى ما هو أوسع، علماً أن واشنطن تريد تجنب تحوّل الحالة القائمة إلى حرب إقليمية، لذلك فهي جاهدة لقطع الطريق عليها، وهذا ما يفسر إهتماماتها الكبرى بالوصول إلى وقف لإطلاق النار، الذي حتى لو حصل، فإنه لن ينجح في محو النتائج التي أحدثتها في المنطقة جبهات الإسناد والمشاغلة.
ومما قاله فهد سليمان، في هذا الصدد، أن جبهات الإسناد والمشاغلة، هي في الأساس حركات تحرر، لكل منها قضيته الوطنية الخاصة به، إن في لبنان، أو في الجولان المحتل، أو في البحر الأحمر، والدور الأميركي في عسكرة الممرات المائية، وبما يشكله من خطر على أمن وإستقرار الشعوب ومصالحها كالشعب اليمني الشقيق، وبالتالي حتى ولو توقفت المعركة في قطاع غزة، فإن نيرانها لن تتوقف في محاور الإسناد والإشعال، إلى أن يتم الإستجابة لتطلعات حركات التحرر العربية، آنفة الذكر، وبما يلبي مصالح شعوبها.
وفي هذا السياق، تم التأكيد على أن تعميم التطبيع، الذي كان من أهدافه دمج إسرائيل في المنطقة، وتهميش القضية الوطنية الفلسطينية، وإعلاء راية المشروع الأميركي – الإسرائيلي، في محاوره المختلفة، لم يكن سينتصر بالنتيجة على قوى حركات التحرر، حتى لو راوده طموح الهدف اللاحق المتمثل بإحتواء النفوذ السياسي المتجدد في الإقليم لروسيا والصين وإيران.
وختم الأمين العام للجبهة الديمقراطية هذا العنوان بخلاصة رئيسية، تؤكد أن القضية الفلسطينية، إلى جانب أنها قضية شعب يناضل من أجل التحرر الوطني وحق تقرير المصير، فإنها باتت محور إستقرار وأمن المنطقة، ومفتاح تحولاتها الإستراتيجية، وهذا مرهون بدوره، على ما سوف ترسو عليه من نتائج ■
حرب الإستنزاف
■ إعتبر فهد سليمان، أن حرب الإبادة الجماعية، وقد دخلت الشهر الأخير من عامها الأول، فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة، إذ فشلت في القضاء على المقاومة التي ما زالت تحافظ على بنيتها القتالية، وتقاتل، وفشلت في إستعادة الأسرى الإسرائيليين، كما فشلت في رسم معالم «اليوم التالي» للقطاع ومستقبله السياسي، فالشعب في القطاع صامد صموداً أسطورياً، والمقاومة تجدد في بناها وأساليبها القتالية، وتواجه قوات الإحتلال على كل المحاور، وكل محاولات إستعادة الأسرى بالقوة فشلت، حتى أن الولايات المتحدة، نفسها، ما زالت تؤكد قناعاتها بأن إتفاقية وقف إطلاق النار، هي السبيل الوحيد لإستعادة الأسرى الإسرائيليين.
ووصف الأمين العام للجبهة الديمقراطية، ما يجري الآن، بأنه حرب إستنزاف، تخوضها المقاومة الفلسطينية، ويخوضها الشعب كله، ضد جيش الاحتلال، وقال: إن حرب الإستنزاف القائمة أمام أحد خيارين، إما التصعيد، أو الإنكفاء، فأما التصعيد فإنه يصطدم بسقف القرار الأميركي بتجنب الحرب الإقليمية، فضلاً عن إصطدامه بصمود المقاومة الفلسطينية وقوة من يساندها، أما الإنكفاء فهو لا يعكس سوى إنتصار المقاومة الفلسطينية على العدوان الإسرائيلي.
من هنا، فإن السمة الرئيسية للحالة القائمة، بما هي حرب إستنزاف، بالإمكان أن تستمر لفترة من الزمن، الأمر الذي يعززه واقع أن نتنياهو وحكومته، يعملان على إفشال كل المبادرات للوصول إلى أفق لإطلاق النار، بما في ذلك مبادرة الرئيس الأميركي بايدن، التي قادت إلى قرار مجلس الأمن 2537 بالإجماع.
ورأى فهد سليمان أن جيش الفاشية الإسرائيلي، يواجه حرب الإستنزاف التي يشنها ضده مقاتلو المقاومة، بتوسيع دائرة التدمير والقتل الجماعي ضد شعبنا في أنحاء القطاع، كما وفي الضفة الغربية، ظناً منه أنه بذلك، وإلى جانب سياسات التجويع والتعطيش والحرمان من الدواء والعلاج، سوف يدفع أهلنا في القطاع إلى الهجرة، ما يمكنه من تحقيق أحد أهدافه الإستراتيجية في رسم مستقبل القطاع، على حساب مشروعنا الوطني.
وقال أيضاً: إن دخول مقاومتنا مرحلة حرب الإستنزاف، أمر، يتطلب من جبهات الإسناد والمشاغلة هي الأخرى، تطوير أدواتها وأساليبها القتالية، بحيث تنغلق الدائرة على العدو، ويستمر بالأحمال الثقيلة التي وضعتها على كتفيه حرب الإستنزاف المستمرة، ما يرغمه، في نهاية المطاف إلى التسليم يضمن المصلحة الوطنية كما تراها المقاومة ■
الإنقسام الفلسطيني في ضوء علاقات القوى المستجدة
■ قال فهد سليمان: إن الإنقسام شهد مع «طوفان الأقصى»، تطوراً مهماً، عكس نفسه على المشهد الفلسطيني، فقد كان الإنقسام قبل 7/10 بين سلطتين، الأولى رسمية، معترف بشرعيتها، والثانية هي سلطة الأمر الواقع. بعد 7/10، نشأت ظروف موضوعية وعملية وضعت سلطة الأمر الواقع في موضع المشارك في الموقع الرسمي، بإعتبار المقاومة هي مرجعية القرار في الميدان، ما نقل الإنقسام من حالته السابقة إلى حالة جديدة: جهة تسيطر على الميدان وجزء من المرجعية التمثيلية بالأمر الواقع، وجهة أخرى ما زالت تحتفظ بموقعها التمثيلي بالشراكة مع المقاومة، إنما دون أن يكون لها تأثير يذكر في وقائع الميدان.
إن هذه الحالة باتت تستوجب توحيد طرفي السلطة، الرسمي المعترف بشرعيته، أي مالك التمثيل، مع سلطة الأمر الواقع التي باتت عملياً تدير الشأن السياسي، بإعتبارها صاحبة القرار، ومشاركة بهذه الصفة في المرجعية التمثيلية، الأمر الذي يستوجب إعتماد صيغة الوفد الفلسطيني الموحد، الذي يدير العملية السياسية بكل جوانبها.
وقال فهد سليمان: لقد حمل «حوار بكين» وما صدر عنه من مخرجات، حيث المخرج لعموم الحالة الوطنية من المأزق الذي تعانيه، بعد أن قرر أمرين رئيسيين: إعادة تفعيل الإطار القيادي المؤقت، وتشكيل حكومة الوفاق الوطني، لإدارة الشأن العام في الضفة الغربية وقطاع غزة، وقطع الطريق على المشاريع البديلة.
وأكد الأمين العام للجبهة الديمقراطية بأنه كان بإمكان ترجمة مخرجات «إعلان بكين» أن ينهي الإنقسام، عبر تشكيل إطار قيادي موحد ومؤقت، يدير شؤون القضية الوطنية في منعطفاتها الكبرى، بكل جوانبها.
وأكد فهد سليمان على ضرورة الإستجابة لمخرجات «حوار بكين»، حيث ما زال الرهان في بعض الأوساط على الدور الذي تعتقد أنه سيكون بإمكان السلطة القيام به، منفردة في قطاع غزة، دون شركاء بإعتبار أن وجودهم يثقل عليها، وينعكس سلباً على علاقاتها العربية، خاصة مع محور التطبيع، ومع الولايات المتحدة.
وأكد الأمين العام للجبهة الديمقراطية في الختام، أن معركتنا تتمحور الآن، إلى جانب مواجهة الغزو والإحتلال، في القطاع والضفة، ودعم صمود شعبنا، الضغط بكل قوة من أجل إنجاح الدعوات لترجمة مخرجات «إعلان بكين» ■