أمد/
نيويورك: شدّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم الإثنين، في مقابلة مع وكالة فرانس برس، على أنّ “لا شيء يبرّر العقاب الجماعي” الإسرائيلي اللاحق بسكان قطاع غزة الذين يعانون على نحو “لا يمكن تصوّره”.
ووجّه الأمين العام انتقادات حادة للطريقة التي تدير بها الدولة العبرية حربها في القطاع الفلسطيني المدمّر والتي تدخل الشهر المقبل عامها الثاني.
وقال غوتيريش “هذا أمر لا يمكن تصوّره: مستوى المعاناة في غزة، ومستوى الموتى والدمار لا مثيل له في كل ما شهدته منذ أن أصبحت أمينا عاما” في 2017.
وأضاف “بالطبع، ندين كل هجمات حماس، وكذلك احتجاز الرهائن الذي هو انتهاك مطلق للقانون الإنساني الدولي”.
لكن في معرض وصفه لما يشهده القطاع المحاصر من قتلى ودمار وجوع وأمراض، لفت إلى أنّ “الحقيقة هي أنّ لا شيء يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني، وهذا ما نشهده على نحو دراماتيكي في غزة”.
واندلعت الحرب في غزة إثر هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل وتسبّب بمقتل 1205 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية. ويشمل هذا العدد رهائن قضوا خلال احتجازهم في قطاع غزة
وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 97 منهم محتجزين، بينهم 33 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وردّت إسرائيل بحملة قصف وهجوم بري على غزة، مما أسفر عن سقوط 41226 قتيلا على الأقل، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس. وتؤكد الأمم المتحدة أنّ غالبية القتلى من النساء والأطفال.
كما قُتل أكثر من مئتين من العاملين في المجال الإنساني، معظمهم من موظفي الأمم المتحدة.
وقال غوتيريش إنّ “المساءلة يجب أن تكون ضرورية” فيما يتّصل بالقتلى المدنيين، مشيرا إلى “انتهاكات واسعة النطاق” ارتكبتها إسرائيل وكذلك أيضا حماس.
وبهذا الصدد، دعا الأمين العام للأمم المتحدة مرارا إلى وقف فوري لإطلاق النار، لكنّ المحادثات التي تجرى بوساطة أميركية-مصرية-قطرية ما زالت تراوح مكانها وسط تقاذف إسرائيل وحماس المسؤولية عن عرقلة جهود التوصل لاتفاق.
وإذ وصف غوتيريش المحادثات بأنها “لا نهاية لها”، أعرب عن اعتقاده أنه سيكون من “الصعب جدا” التوصل إلى تسوية، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه لا زال متفائلا.
ومع رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الرد على اتصالاته منذ تشرين الأول/أكتوبر، لا يعوّل غوتيريش على تحقيق اختراق خلال أسبوع من الاجتماعات الرفيعة المستوى للجمعية العامة التي ستعقد اعتبارا من الأحد.
وفي العادة يستقبل الأمين العام كل رؤساء الدول والحكومات الذين يشاركون في الجمعية العامة، لكنّه، على الأرجح، لن يجتمع بنتنياهو هذه المرة.
وقال غوتيريش “على حدّ علمي فقد قيل بالفعل علنا إنه لا يعتزم طلب عقد اجتماع معي. لذلك بالطبع، من المحتمل جدا ألا يعقد الاجتماع”.
– “غريب جدا” –
وأضاف “ليس المهم مسألة إجراء مكالمة هاتفية من عدمها أو عقد اجتماع من عدمه، المهم هو ما يحدث على الأرض. المهم هو معاناة الناس”.
وتابع “المهم هو الإنكار المستمر لحل الدولتين وتقويض حل الدولتين من خلال تدابير مختلفة تطبّق على الأرض”.
وأوضح الأمين العام أنّه “مع قضم الأراضي، والإخلاءات، ومع المستوطنات الجديدة التي يتم بناؤها، وكل ذلك على نحو غير شرعي وفي سياق احتلال هو الآن، وفقا لرأي محكمة العدل الدولية، بحدّ ذاته أيضا غير شرعي”.
وقال إن بعثة المراقبة المقترحة التي يدعمها للإشراف على أي وقف لإطلاق النار في المستقبل تبدو “غير محتملة”، إذ من غير المرجح أن تحظى بموافقة كل الأطراف.
وتتطلّب بعثات الأمم المتحدة موافقة الدول المضيفة.
وهذا واحد من الأسباب التي دفعت مجلس الأمن قبل نحو عام إلى تفويض بعثة متعدّدة الجنسيات، بقيادة كينيا وليس الأمم المتحدة، دعم الشرطة في هايتي في مكافحة عنف العصابات في بلد ينبذ قوات حفظ السلام الأممية.
لكن مع اقتصار ما تم نشره على بضع مئات من عناصر الشرطة وافتقار البعثة إلى التمويل، أثارت واشنطن احتمال تحويلها إلى بعثة أممية، وهو ما لا يمكن أن يحصل إلا بطلب من هايتي.
وقال غوتيريش “غريب جدا أن يكون تمويل عملية للشرطة صغيرة نسبيا في هايتي بغاية الصعوبة”، واصفا الأمر بأنه “غير مقبول على الإطلاق”.
وفي معرض الرد على اتهامات للأمم المتحدة بأنها عاجزة عن كبح النزاعات في غزة وأوكرانيا وغيرها، حمّل غوتيريش المسؤولية للدول الأعضاء، خصوصا في مجلس الأمن وأعضائه الـ15، في ما يتّصل بالقرارات، سواء المتّخذة أو غير المتّخذة.
وقال إنّ مجلس الأمن الدولي والمؤسسات المالية الدولية “عفا عليها الزمن وتعاني اختلالا وغير عادلة”.
وأضاف “لقد حاولنا إيجاد حلول لحروب، لكنّ المشكلة تكمن في أنّه ليست لدينا القدرة، وأحيانا الموارد، التي تمكّننا من ذلك”.