أمد/
كولمبو: تصدر سياسي يساري، ذو ميول ماركسية، نتائج انتخابات الرئاسة في سريلانكا بعد فرز أكثر من نصف الأصوات يوم الأحد، ويبدو أنه يتجه لهزيمة الرئيس الحالي للحصول على فرصة قيادة تعافي الاقتصاد الهش للدولة المثقلة بالديون، بعد أسوأ أزمة مالية تشهدها منذ عقود.
وأعلنت لجنة الانتخابات في سريلانكا، حصول المرشح أنورا كومارا ديساناياكي على 40% من الأصوات البالغ عددها 6 ملايين صوت، متقدماً على زعيم المعارضة الرئيسي ساجيث بريماداسا الذي حصل على 33%، بينما تذيل القائمة بفارق كبير عن الرئيس الحالي رانيل ويكريمسينجه بحصوله على 17% من الأصوات في الانتخابات التي أُجريت، السبت.
وأدلى نحو 75% من الناخبين المؤهلين البالغ عددهم 17 مليوناً بأصواتهم، وفقاً للجنة.
ومن المتوقع إعلان النتائج النهائية في وقت لاحق من يوم الأحد. وإذا لم يفز أي مرشح بنسبة 50% في الجولة الأولى، فستجرى جولة ثانية بين الفائزين بأعلى الأصوات مع إعادة توزيع الأصوات التفضيلية للمرشحين الآخرين، وهي النتيجة التي يقول المحللون إنها مرجحة بالنظر إلى تنافسية الانتخابات.
ويسمح نظام التصويت الترتيبي في سريلانكا للناخبين بالإدلاء بثلاثة أصوات تفضيلية لمرشحيهم المختارين.
وشهد التصويت أجواءً سلمية، على الرغم من أن الشرطة أعلنت حظر التجول في جميع أنحاء الدولة الجزيرة حتى الظهر (06:30 بتوقيت جرينتش) كإجراء احترازي، بينما استمر فرز الأصوات.
وهذه هي أول انتخابات منذ انهيار اقتصاد سريلانكا في عام 2022؛ بسبب نقص حاد في النقد الأجنبي، مما جعل الدولة الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي غير قادرة على دفع ثمن واردات المواد الأساسية بما في ذلك الوقود والأدوية وغاز الطهي.
وتظاهر آلاف المحتجين في كولومبو في عام 2022، واحتلوا مكتب الرئيس ومقر إقامته، مما أجبر الرئيس آنذاك جوتابايا راجاباكسا على الفرار، والاستقالة لاحقاً.
وقال براديب بيريس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كولومبو: "نتيجة الانتخابات تُظهر بوضوح أن الانتفاضة التي شهدناها في عام 2022 لم تنته بعد".
وأضاف: "صوت الناس بما يتماشى مع هذه التطلعات إلى ممارسات سياسية ومؤسسات سياسية مختلفة. ديساناياكي يعكس هذه التطلعات، والشعب التف حوله".
"مرشح التغيير"
وقدم ديساناياكي البالغ من العمر 55 عاماً، نفسه باعتباره "مرشح التغيير" لأولئك الذين يعانون من تدابير التقشف المرتبطة بحزمة إنقاذ صندوق النقد الدولي بقيمة 2.9 مليار دولار، ووعد بحل البرلمان في غضون 45 يوماً من توليه منصبه لتفويض جديد لسياساته في الانتخابات العامة.
وأثار ديساناياكي قلق المستثمرين ببرنامجه الانتخابي، الذي تعهد فيه بخفض الضرائب في الدولة الجزرية، وهو ما قد يؤثر على الأهداف المالية لصندوق النقد الدولي، وإعادة صياغة ديون بقيمة 25 مليار دولار.
لكنه اتخذ نهجاً أكثر اعتدلاً خلال حملته، وقال إن أي تغييرات ستجري بالتشاور مع صندوق النقد الدولي، وإنه ملتزم بضمان سداد الديون.
وترشح ديساناياكي، المعروف بخطاباته الرنانة، كمرشح لتحالف "قوة الشعب الوطني"، الذي يضم حزبه ذو التوجه الماركسي "جاناتا فيموكثي بيريمونا"، الذي دعم عادة تدخل الدولة الأقوى وخفض الضرائب وسياسات السوق الأكثر انغلاقاً.
وهذه هي أول انتخابات منذ انهيار اقتصاد سريلانكا في عام 2022؛ بسبب نقص حاد في النقد الأجنبي، مما جعل الدولة الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي غير قادرة على دفع ثمن واردات المواد الأساسية بما في ذلك الوقود والأدوية وغاز الطهي.
ورغم أن حزب "جاناثا فيموكثي بيرامونا" (جبهة تحرير الشعب) لديه 3 مقاعد فقط في البرلمان، تعزز موقف ديساناياكي بفضل وعوده باتخاذ تدابير صارمة لمكافحة الفساد وسياسات أكثر دعماً للفقراء. واجتذب حشوداً كبيرة في المسيرات، داعياً السريلانكيين إلى ترك معاناة الأزمة وراءهم.
فيما تعهد زعيم المعارضة ساجيث بريماداسا، بإعادة التفاوض على الخطوط العريضة لاتفاق صندوق النقد الدولي.
ودخل بريماداسا (57 عاماً)، السياسة بعد اغتيال والده الرئيس راناسينج بريماداسا في تفجير انتحاري عام 1993. وحصل بريماداسا الابن على 42% من الأصوات في عام 2019 ليحتل المركز الثاني، خلف راجاباكسا، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
ووعد حزب بريماداسا اليساري الوسطي بإجراء تغييرات ضريبية للحد من تكاليف المعيشة. وساعده دعم المجتمعات الزراعية في شمال ووسط سريلانكا في سد الفجوة مع ديساناياكي مع تقدم فرز الأصوات.
ملايين يعانون الفقر
وبدعم من برنامج إنقاذ بقيمة 2.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، سجل اقتصاد سريلانكا انتعاشاً مؤقتاً، لكن ارتفاع تكاليف المعيشة لا يزال يشكل قضية أساسية للعديد من الناخبين.
ولا يزال الملايين يعانون الفقر والديون، على الرغم من انخفاض التضخم إلى 0.5% الشهر الماضي من أعلى مستوى له في أثناء الأزمة عند 70%، وتوقعات بنمو الاقتصاد في عام 2024 لأول مرة منذ 3 سنوات. ويعلق الكثيرون الآمال على رئيسهم المقبل لتحقيق مستقبل أفضل للبلاد.
وسيتعين على الفائز في الانتخابات ضمان التزام سريلانكا ببرنامج صندوق النقد الدولي حتى عام 2027، لوضع اقتصادها على مسار نمو مستقر، وطمأنة الأسواق، وجذب المستثمرين، ومساعدة ربع شعبها على الخروج من الفقر الناجم عن الأزمة.