أمد/
“جُيوشُ الهوى والحُزْنِ تَقتادُ أَدْمُعي
وشَوقي وتَذْكاري وآيات مَرْبَعي
وما لِي وما لِلبَانِ، قد بانَ عَهْدُهُ
ووَلَّى هَوى الغِزْلانِ مِن بين أَضْلُعِي
إلى (قاعةِ الزَّهراءِ) لَبَّيْتُ مُحْرِمًا
ووَلّادَتي بَيْتُ القَصيدِ المُرَّصَعِ
وقُرْطُبَةُ بَيتُ ابنِ زَيدونَ وِجْهَتي
وبُستانُها والدَّهْرُ ما بينَ أَذْرُعي
كساها وحَيَّاها الحَيا مِن ثِيابِهِ
وأَغْدَقَها بِالرِّيِّ مِنْ كُلِّ مَشْرَعِ
إليْها، ولي فيها مَعانٍ عَشِقْتُها
كعِشْقِي لِمَنْ كانتْ عُيوني ومَسْمَعي
لِتِلكَ الَّتي تَسبي الفُؤادَ بِطَرْفِها
وفي وَجْنَتَيْها مُهْجَةُ القَلبِ تَرْتَعي
أُواري وأُخْفِي اِسْمَها عندَ ذِكْرِها
كما تَخْتَفي أشواقُها خَلْفَ أَدْمُعي
ولِلصَّبْرِ أَثوابٌ تَشِفُّ إذا بكى
مُحِبٌّ، وحاشا صادقُ الحُبِّ يَدَّعِي
وكلٌّ له (ولَّادةٌ) غيرَ أنّني
أُداري الهَوى الغَلّابَ جَهْلًا ولا أَعِي
سَلامٌ على حُبٍّ تَقَضَّى وما انْقَضَتْ
عذاباتُه كأسًا مِنَ الجَمرِ مُتْرَعِ
تَجَرَّعْتُ مِن غَدْرِ الحَبيبِ وظُلْمِهِ
مآسي الهوى يا بِئْسَهُ مِن تَجَرُّعِ
ورَوَّعَني حتّى فَنيتُ مرارةً
ولِلحبِّ أحكامُ الزَّمانِ المُرَوِّعِ
تقولُ: وقد مالَتْ عَلَيَّ تَدَلُّلًا
أما زِلْتَ مَفْتونًا بِعِطْري ومِخْدَعِي
ولانَتْ وقدْ أَرْخَتْ دُموعَ نَدامَةٍ
وفي خَدِّها بَعضُ اصفرارِ التَّفَزُّعِ
وفي وَجْنَتَيْها مِن دُموعٍ كَذُوبةٍ
عَلاماتُ كُحْلٍ للبراءةِ تَدَّعي
أَتَحْلِفُ بِاللهِ الّذي أنتَ عَبْدُهُ
بأنَّكَ لم تَغْدِرْ، ولم تَتَمَتَّعِ؟!
وأنتَ سَليلُ المَجْدِ مِن آلِ (حِمْيَرٍ)
(وذي يَزنٍ) والقَيلِ (سيفٍ) (وتُبَّعِ)
فقلتُ لها لا أكذبُ اللهَ إنّني
فَطَمْتُ فُؤادي عَنْ هَوَى كُلِّ مُوجِعِ
وهذا ابنُ زيدون المُعَنَّى يقولُ لِي
فوَلّادَةٌ تَهْوَى حَياةَ التَّسَكُّعِ
تُبادلُ أَلْفًا بِالغرامِ وبالهوى
ولِلْبَغْيِ أَلْفا عاشِقٍ عِنْد مَضْجَعِي؟
لقد كَنْتُ جَوَّابَ الزَّمانِ، وها أنا
أرى الدَّهْرَ أمسى قَدْرَ مِتْرٍ مُرَبَّعِ
متى نلتقي بعد الفراقِ؟ تَساءَلَتْ
ومَنْ ذا يُعِيدُ الحُبَّ مِن بَعْدِ ما نُعِي؟
أُقَلِّبُ أَحشاءَ الهواجِسِ عَلَّني
أراها بَرَاءً في ثيابِ التَّضَرُّعِ
ولكنّها يا وَيْحَ قَلْبٍ أَحَبَّها
يَطِيبُ لها قَهري، وحُزني، ومَصْرَعي
تُريدينَ أن أَصْفُو لِحُبِّكُ مُخْلِصًا
وعن حُبِّ غَيري أنتِ لم تَتَوَرَّعِي
كِلانا يَرى ثَوبَ الوِصالِ مُمَزَّقًا
بِكَفِّكِ خَرْقًا واسعًا لم يُرَقَّعِ
أُوَدِّعُ ما اسْتَبْقَيْتُ ما عاد شاغِلي
غَرامُكِ، وَلَّى مِن خيالي فوَدِّعي
أُكابِدُ أَسرارَ اللَّظَى في جَوانحي
فليتكِ يومًا لا عَلَيَّ ولا معي
فَطَلَّقْتُ غَدْرَ الحُبِّ والعَهْدُ باطلٌ
قُبورُ ضَحايا الحُبِّ في كلِّ مَوْضِعِ”