أمد/
كتب حسن عصفور/ تذكيرا بما قاله رئيس حكومة دولة الفاشية اليهودية بنيامين نتنياهو يوم 9 أكتوبر 2023 (48 ساعة بعد دخول حماس وتحالفها لمناطق شرق قطاع غزة)، أن عملية إعادة بناء الشرق الأوسط الجديد، بدأت، وتزامنت تلك التصريحات بعد لقاء مع وزير خارجية أمريكا “اليهودي” بلينكن” الذي وصل فجأة وبسرعة نادرة إلى تل أبيب ، ورغم غرابة التصريحات، لكنها مرت بهدوء.
في خطابه “المرتعش جدا” في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة 27 سبتمبر 2024، أعاد رأس الطغمة الفاشية في تل أبيب، نتنياهو، التذكير بعناصر “رؤيته” لليوم التالي في فلسطين وكذا المنطقة، منطلقا من مبدأ “إعادة الاحتلال” لقطاع غزة، بشكل مباشر وغير مباشر، فيما يعيد تركيب الوجود الفلسطيني في الضفة إلى “جزر في محيط يهودي” وتهويد عام لمدنية القدس، مع بقاء “جيوب فلسطينية تحت الحصار”.
وبشكل مفاجئ، قام بحركة ربما اعتبرها البعض “بهلوانية”، كما هي عادته المسرحية دوما، بعرض صورتين واحدة “مظلمة لمحور الفرس ومن معه”، وأخرى خضراء لما يراه “محور التطبيع”، وبعيدا عن الكذب الوصفي للواقع، لكنه وضع ملامح رؤية لما يراه يجب أن يكون اليوم التالي لحرب المنطقة، التي تتسع جوانبها دون تحول جذري.
صور نتنياهو “المظلمة والخضراء” لمنطقة الشرق الأوسط، تتقاطع مع الرؤية السياسية الأمريكية في جوانب بأنها تبحث إعادة ترتيب المنطقة، وفقا لما سيكون نتائج الحرب التي تمتد نسبيا، ودون أن تتركها تذهب أبعد من السيطرة عليها، فتفقد كثيرا من “حسابات تراها ربحا سياسيا تاريخيا”، خاصة العلاقة مع النظام الفارسي ودوره المرتقب.
تزامنا مع “خطاب صورة المستقبل الأمريكي – اليهودي” في المنطقة التي رفعها نتنياهو، أقدم جيش الاحتلال على ارتكاب خطوة، ربما كانت ضمن “الخطوط الحمراء” في المرحلة الحالية، بالعمل على محاولة اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله، بما تحمله من انعكاسات، كان يعتقد أنها ذات بعد “إقليمي”، وبعيدا على أنهم نجحوا بالاغتيال أو بعض منه، فالرسالة المركزية، ان تل أبيب هي من يضع “الخطوط الحمراء” وليس غيرها.
قصف المقر المركزي لحزب الله وبه حسن نصر الله، لم يكن أبدا يحدث دون تنسيق كامل بين تل أبيب وواشنطن، بل أن المخابرات المركزية الأمريكية هي من قدم معلومة وجود نصر الله في المكان، حسب وسائل إعلام أمريكية، ما يعيد للذاكرة ما قدمته للفاشية اليهودية من معلومات استخبارية حول مكان مروان عيسى أحد أبرز قيادات القسام، أدى لاغتياله وارتكاب مجزرة كبرى في المنطقة الوسطى، وتكرر ذات المسار مع رمز القسام محمد الضيف في خانيونس، مع مجزرة مضافة لمسلسل المجازر في القطاع.
عملية قصف الضاحية ومحاولة اغتيال نصر الله، هي المؤشر الأبرز إلى ان التنسيق الأمريكي مع حكومة الفاشية اليهودية لترتيبات مستقبل المنطقة يتسارع عمليا، كونها تعتبر ذلك مفتاح التشكيل الجديد المطلوب سياسيا، في ظل صراع مصالح دولي وإقليمي، بدأ يتبلور ليس توافقا مع الاستراتيجية الأمريكية العامة، بل خروجا عنه في بعض “مساقاته” رغم الحديث الكلامي عن “علاقاتهم الاستراتيجية” وبيان بليكن مع ممثلي المجلس الخليجي.
لم يكن توقيت “التصعيد الأكبر” ضد محور الفرس في لبنان، مصادفة زمنية بقدر ما جاء ردا مباشرا على ما أعلنه وزير خارجية العربية السعودية عن تشكيل “أول تحالف عربي دولي” من أجل إقامة دولة فلسطين، بعدما أعلم ولي العهد بن سلمان لا تطبيع دون دولة فلسطينية، وهو ما تعتبره “دولة الفاشية اليهودية” خطرا وجوديا عليها، وكسرا لـ “حلم التطبيع” على الجثة الفلسطينية، كما اعتقدوا بعدما فتحت لهم حرب غزة بابا واسعا لذلك.
تغيير موقف حكومة الفاشية اليهودية العسكري المفاجئ نحو لبنان وقيادة حزب الله، بتجاوز “قواعد اللعبة” وفقا لوصف أحد قادة بلاد الفرس، ما يشير إلى أن هناك “قواعد جديدة” يجب أن تكون، قاعدتها “رؤية نتنياهو” التوافقية مع أمريكا، مع تفاوض على تعديلات بعض جوانبها تحت “القصف العدواني المتصاعد”.
جرس إنذار سياسي كبير أطلقته حكومة نتنياهو تجاوز كثيرا حدود الحرب على فلسطين، نحو جديد يتساوق مع “خرائط أمريكا ودولة الكيان الخضراء والسوداء” وفق معادلة صراع المصالح مع روسيا والصين، ما يفرض العمل لـ “كبح جماح بعض التمرد في دول الخليج”.
قصف الضاحية الجنوبية ومحاولة اغتيال نصر الله مع استمرار الحرب على الضفة وقطاع غزة، ليس عملا أمنيا “دفاعيا”، بل هو فعل سياسي كامل الأركان لترتيبات تتعاكس كليا والمصالح العربية، التي بدأ الحديث عنها يعود عبر رؤى عربية ربما لم تكتمل بعد، لكنها تنمو نحو تكوين معادل لصياغة تحالف دولي جديد ليس من أجل فلسطين فحسب، بل من أجل واقع عربي جديد يتوافق والمصالح القومية، ويتعاكس في جوانب عديدة منه مع “ترتيبات واشنطن – تل أبيب”.
ولقطع الطريق على التحالف المعادي، يتطلب جاهزية “عروبية” تبتعد عن “حسابات البقالة السياسية”، وتذهب لحسابات السوق السياسي الكبير.
ملاحظة: لم يكن الوطني الفلسطيني من “الشامتين الشتامين”..ولذا لا يستقيم ابدا للبعض أن يرى في محاولة اغتيال نصر الله خبرا “مفرحا له” بفعل ما فعل وعداءه النادر للخالد المؤسس أبو عمار…له الرحمة لو غادر وله أن يصاب بنوبة تعيد له عروبته الناقصة..
تنويه خاص: من غرائب خطاب الرئيس محمود عباس الأخير في الأمم المتحدة، ما قال أن مسؤولية اليوم التالي ستكون لدولة فلسطين وحكومة فلسطين ومنظمة التحرير..الصراحة كانت جملة كشفت أن البعض بس بدوا يحشي الحكي حشي..فهم ما فهم عمرهم ما فهموا..وآخرتها مع هيك شلة حلبنتيشية..
لقراءة المقالات تابعوا موقع الكاتب الخاص