أمد/
لندن: عادت انتقادات وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي السابقة لدونالد ترامب، الذي وصفه قبل سنوات بأنه "كاره للنساء"، و"متعاطف مع النازيين الجدد"، و"كاره للأجانب"، كما اعتبره "تهديداً عميقاً للنظام الدولي"، وهدد حتى بالاحتجاج إذا زار لندن، إلى الواجهة من جديد، مع استعداد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض.
وفي فبراير 2017، قال لامي، عندما كان عضواً في البرلمان إنه "يشعر بالخجل" من دعوة حكومة حزب المحافظين ترامب إلى المملكة المتحدة.
وأضاف حينها: "هل هذه الدولة العظيمة يائسة للغاية من صفقة تجارية لدرجة أننا نلقي بكل تاريخنا من النافذة؟ لم نفعل ذلك من أجل كينيدي أو ترومان أو ريجان، لكننا نقول لهذا الرجل: من فضلك تعال وسنضع كل شيء لأننا يائسون للغاية".
وتابع: "أعتقد أن هذه الدولة أعظم من ذلك، أعتقد أن أطفالي يستحقون أفضل من ذلك، أعتقد أن ابنتي تستحق أفضل من ذلك، أنا أشعر بالخجل من وصول الأمور إلى هذا الحد"، وفق "تليغراف".
وانتقد لامي ترامب بشدة خلال اجتماع على هامش مؤتمر "حزب العمال" لعام 2017 في برايتون، وأدانه بسبب تعامله مع مسيرة الجماعات اليمينية المتطرفة والقومية البيضاء في أغسطس من ذلك العام في شارلوتسفيل.
وفي تعليقات نقلتها صحيفة "ديلي ميل" في ذلك الوقت، قال لامي إنه سيحتج على مجيء ترامب إلى المملكة المتحدة، مضيفاً أنه مستعد لربط نفسه أمام مدخل مقر رئاسة الوزراء في بريطانيا من أجل ذلك.
ورفض ترامب الدعوة في نهاية المطاف في يونيو 2017، بسبب الغضب الشعبي البريطاني من الزيارة المقترحة.
وفي عام 2018، انتقد لامي ترامب لإلغاء زيارة إلى مقبرة لجنود أميركيين في فرنسا للاحتفال بالذكرى المئوية لنهاية الحرب العالمية الأولى، بسبب سوء الأحوال الجوية.
كما حذّر لامي من "تنفير جيراننا في أوروبا" والوقوع "في قبضة الطاغية الأميركي"، وذلك رداً على تعليق أدلى به ترامب على تويتر، حول فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، بعد أن اقترح إيمانويل ماكرون إنشاء "جيش أوروبي حقيقي".
وفي مساعٍ لتحسين العلاقات، توجه لامي مؤخراً برسالة تهنئة لترامب بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية، مؤكداً أن "الحكومة البريطانية تتطلع للعمل معك". ووفقاً فاينانشال تايمز"، تعد هذه الرسالة خطوة جديدة ضمن جهود لامي لترميم العلاقات مع ترامب وأنصاره، خصوصاً بعد زيارات متعددة للولايات المتحدة كوزير خارجية في حكومة الظل، ومؤخراً كوزير في الحكومة الحالية.
وأشارت صحيفة "فاينانشيال تايمز"، إلى أن هذه الرسالة تعد أحدث خطوات لامي لإصلاح العلاقات مع ترامب وأنصاره، لافتةً إلى أنه سبق أن زار الولايات المتحدة 7 مرات كوزير خارجية في حكومة الظل، ومرتين منذ الانتخابات البريطانية في يوليو الماضي.
وخلال تلك الزيارات التقى لامي نائب الرئيس الأميركي المنتخب جي دي فانس، والسيناتور الجمهوري ليندسي جراهام، ومستشار الأمن القومي السابق روبرت أوبراين، وعدداً من قادة الحزب الجمهوري.
وشهد شهر سبتمبر الماضي "التقدم الأهم" في خطة لامي لإصلاح العلاقات، وذلك عندما حضر مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عشاءً خاصاً مع المرشح الجمهوري آنذاك في برج ترامب.
وخلال ساعتين ونصف، تحدث الثلاثة عن شغف ترامب بإسكتلندا التي وُلدت فيها والدته، ويملك فيها منتجع جولف، كما أعرب الرئيس المنتخب عن اهتمامه بالعائلة الملكية البريطانية، بحسب ما نقتله الصحيفة البريطانية عن مصادر مطلعة على الحديث.
وقال ستارمر، الذي طلب من فريقه "التغريد بمسؤولية" عشية إعلان نتائج الانتخابات، إن العشاء مع ترامب كان "بناءً للغاية".
لكن يبقى من غير واضح ما إذا كانت هذه المحاولات والمبادرات كافية لمحو ذكريات انتقادات لامي الحادة.
حزب المحافظين يدخل على الخط
وبعد ساعات من رسالة التهنئة التي وجهها لامي إلى ترامب، طرحت زعيمة حزب المحافظين الجديدة كيمي بادنوك، في أول مواجهة لها ضد ستارمر خلال مجلس العموم، عدة تساؤلات، منها عما إذا كان وزير الخارجية قد اعتذر لترامب شخصياً عن تصريحاته التي وصفتها بـ"المهينة والبذيئة".
وأشارت بادنوك إلى أن عدداً من وزراء حكومة حزب العمال وقّعوا قبل سنوات، على مقترح يدعو إلى منع ترامب من إلقاء خطاب في البرلمان البريطاني، حاثةً ستارمر على تجاوز ذلك بدعوة الرئيس المنتخب للتحدث إلى البرلمانيين.
وعندما سُئلت المتحدثة باسم ستارمر، عما إذا كان لامي سيظل وزيراً للخارجية طوال مدة هذه الدورة البرلمانية، قالت: "نعم، إنه وزير الخارجية".
كما تحدث ستارمر مع ترامب لتهنئته على فوزه في الانتخابات. وناقش الجانبان قوة العلاقة بين بريطانيا والولايات المتحدة، بما يشمل مجالات الدفاع والأمن والنمو والازدهار، بحسب بيان الحكومة البريطانية، الذي قال إن ستارمر بحث مع ترامب "الوضع في الشرق الأوسط، وأكد على أهمية الاستقرار الإقليمي".
وأثناء استرجاعهما للقاء الذي جرى في سبتمبر، تحدثا عن "الروابط القوية والعلاقة الوثيقة" التي تربط ترامب بلندن، وأعربا عن تطلعهما للعمل معاً، بحسب البيان البريطاني.
وذكرت "فاينانشيال تايمز"، أن الملياردير إيلون ماسك الذي سبق أن سخر من ستارمر على وسائل التواصل الاجتماعي، وزعم بعد أعمال الشغب في الصيف الماضي أن بريطانيا تتجه نحو "حرب أهلية"، سيكون من أهم العوائق أمام تطور "العلاقة الخاصة" بين البلدين.
وبعد عدم تلقيه دعوة لحضور قمة الاستثمار الدولية التي نظمها ستارمر الشهر الماضي، هاجم ماسك بريطانيا، قائلاً إنه "لا ينبغي لأحد زيارتها".
وتوقعت "فاينانشيال تايمز" أن تؤدي مشاركة ماسك المحتملة في إدارة ترامب الجديدة، لتأثيره على وجهات نظر الرئيس المنتخب في طبيعة العلاقات من الدول الحليفة.