أمد/
بعد عرض نماذج ذكاء اصطناعي رائدة تقدم أداءً مماثلاً لأفضل برامج الدردشة الآلية في العالم مقابل تكلفة بسيطة، أثارت الشركة الصينية الناشئة “ديب سيك” DeepSeek، مخاوف وذهول عمالقة “وادي السيليكون” الأمريكي، موطن أكبر شركات التكنولوجيا الناشئة والعالمية.
وبحسب شبكة “بلومبرج” الأمريكية، فإن أسهم التكنولوجيا العالمية تراجعت في أواخر يناير الجاري، مع تصاعد الضجيج حول ابتكارات الشركة الصينية، وبدأ المستثمرون في استيعاب الآثار المترتبة على منافسيها في الولايات المتحدة وموردي الأجهزة لديهم.
نشأة التطبيق
في 2023، تأسست شركة DeepSeek “ديب سيك” على يد ليانج وينفينج في هانجتشو – جنوب شرق الصين- بهدف تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي المفتوحة مجانًا، الأمر الذي يعني أن مجتمع المطورين في العالم يمكنه استخدام خوارزميات البرنامج وفحصه وتحسينه. فضلًا عن استخدام التطبيق الصيني لشرائح إلكترونية أرخص وأقل سعرًا من نظرائها الآخرين.
وخلال الساعات الأخيرة، يتسارع الجميع لتحميل التطبيق في الولايات المتحدة بعد إصداره في أوائل يناير، حيث تخطت عمليات التحميل على جوجل بلاي أكثر من مليون مرة.
وتقول الشركة إن إصدارها R1 يوفر أداءً على قدم المساواة مع أحدث إصدارات OpenAI من خلال منحها ترخيصًا للأفراد المهتمين بتطوير برامج الدردشة الآلية.
السعر والمميزات
نجح التطبيق خلال فترة وجيزة في تحقيق شعبية كبيرة بسبب تكلفته الرخيصة، إذ إنه يقدم الخدمة بسعر 0.55 دولار لكل مليون رمز إدخال، وهو الأمر الذي يجعله اقتصاديًا أكثر من نموذج “أوبن أيه آي 1” الذي يصل سعره إلى 15 دولارًا لكل مليون رمز.
وإلى جانب التكلفة غير المكلفة، يستخدم التطبيق الصيني بنية هجينة تجمع بين التعلم التعزيزي والاستدلال المتسلسل، ما يتيح له أداء مهام معقدة بكفاءة عالية.
وعلى صعيد البرمجة، سجل DeepSeek نسبة نجاح بلغت 97%، متفوقًا على نموذج OPENAI في العديد من الاختبارات والمعايير.
قلق أمريكا
وتشعر الولايات المتحدة الأمريكية بقلق بالغ جراء التطورات الأخيرة التي توصلت إليها الصين رغم العقوبات المفروضة عليها لعرقلة توصلها إلى التكنولوجيا المتقدمة، حسبما ذكر موقع “أكسيوس” الأمريكي.
وخلال السنوات الأخيرة، حظرت واشنطن تصدير التقنيات المتطورة مثل أشباه الموصلات GPU إلى الصين، في محاولة لعرقلة تقدم البلاد في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو المجال الرئيسي في المنافسة بين الولايات المتحدة والصين على التفوق التكنولوجي.
ويشير تقدم “ديب سيك” إلى أن مهندسي الذكاء الاصطناعي الصينيين استطاعوا أن يفكوا شيفرة القيود، مع التركيز على كفاءة أكبر بموارد محدودة، حسبما ذكرت “بلومبيرغ”.
وبينما لا يزال من غير الواضح مقدار أجهزة تدريب الذكاء الاصطناعي المتقدمة التي تمكنت “ديب سيك” من الوصول إليها، أظهرت الشركة ما يكفي للإشارة إلى أن القيود التجارية لم تكن فعّالة تمامًا في إحباط تقدم الصين.
الشركات المتضررة
ويقول “أكسيوس” إن صعود DeepSeek يثير قلق شركات مثل Meta، التي أعلنت الجمعة الماضي، أنها تخطط لاستثمار رأسمالي يتراوح بين 60 مليار دولار و65 مليار دولار هذا العام مع توسيع نطاق مشاريع الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.
ومن المحتمل أيضًا أن يكون هذا بمثابة أخبار سيئة لشركة “إنفيديا”، التي تصمم أكثر شرائح الذكاء الاصطناعي تقدمًا في العالم، لأن DeepSeek أثبتت بحسب “بلومبرج” أن التقدم السريع ممكن حتى مع وجود عدد أقل من الشرائح الأقل تطورًا. وانخفض سهم إنفيديا الجمعة الماضي ومرة أخرى في تعاملات أمس الأحد، ما أدى إلى انخفاض مؤشر “ناسداك” معه.