أمد/
وسط تحديات استثنائية تواجه الشعب الفلسطيني، وخاصة قطاع الشباب، عقد تحالف المؤسسات الشبابية في فلسطين مؤتمره الأول تحت عنوان "الشباب نحو شراكة فاعلة"، بحضور واسع من المؤسسات الشبابية من الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث تم استعراض إنجازات التحالف خلال العام الماضي، وتسليط الضوء على أبرز التحديات التي تواجه الشباب الفلسطيني على المستويين المؤسسي والفردي، إضافةً إلى وضع توصيات لتعزيز دور الشباب في صناعة القرار والمشاركة الفاعلة في مختلف المجالات.
التحديات الكبرى أمام الشباب الفلسطيني
ناقش المشاركون في المؤتمر أبرز العوائق التي تحول دون تمكين الشباب الفلسطيني، والتي تمثلت في:
التضييق السياسي والاقتصادي الذي يعاني منه الشباب، في ظل استمرار الاحتلال وسياساته الاستيطانية التي تسعى لتكريس الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، في محاولة لمنع شعبنا من تقرير مصيره في دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة على كامل الأراضي الفلسطينية منذ الخامس من حزيران 1967 وعاصمتها القدس المحتلة، والمضي بما يسمى خطة الحسم، وإجراءات الضم واسعة النطاق، والاعتداءات الإرهابية اليومية من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين المسلحين، هذا إلى جانب القيود المفروضة على حرية التنقل والعمل.
انعدام البيئة السياسية الديمقراطية نتيجة غياب المجلس التشريعي وتعطل العملية الديمقراطية، ما أدى إلى غياب المشاركة السياسية، وتضييق المساحات أمام الشباب للمشاركة في رسم السياسات العامة.
التدخلات الدولية المشروطة التي تفرض أولويات لا تتماشى مع الاحتياجات الحقيقية للشباب الفلسطيني، وتضعف قدرة المؤسسات الشبابية على بناء برامج وطنية فاعلة ومستدامة.
التهديدات التي تواجه القضية الفلسطينية ككل، وفي مقدمتها الضغوط الدولية لتصفية الحقوق الوطنية الفلسطينية من خلال استهداف المؤسسات الداعمة للفلسطينيين وفرض مشاريع تهجير قسري.
الرسائل والتوصيات الأساسية
انطلاقًا من النقاشات والمداولات التي شهدها المؤتمر، يوجّه تحالف المؤسسات الشبابية في فلسطين ثلاث رسائل رئيسية تتطلب استجابة عاجلة من مختلف الأطراف الفلسطينية والعربية والدولية:
التحذير من مخاطر تنفيذ قرار حكومة الاحتلال بمنع الأونروا من العمل في المناطق الفلسطينية المحتلة وإغلاق مكاتبها، الأمر الذي يهدد بانعدام الخدمات الأساسية لملايين اللاجئين الفلسطينين، وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعيشها شعبنا، وخاصة في قطاع غزة الذي ما زال يتعرض للحصار و أخطر كارثة إنسانية جراء حرب الإبادة والتجويع التي شنتها قوات الاحتلال. إن تحالف المؤسسات الشبابية إذ يدين بأشد العبارات هذا القرار الذي يشكل إمعاناً في مصادرة حقوق شعبنا وقرارات الأمم المتحدة، فإنه يدعو كافة الأطراف المحلية والدولية إلى التصدي لمحاولات إغلاق أو تقليص دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، باعتبارها شاهدة على قضية اللاجئين الفلسطينيين، ولعبت دورًا جوهريًا في تقديم الخدمات الأساسية لملايين اللاجئين الفلسطينيين. إن إضعاف الأونروا ومحاولة تصفية دورها يشكل خطوة عدوانية ومحاولة مكشوفة لتصفية القضية الفلسطينية، ومركزها قضية اللاجئين وحقهم بالعودة وفقاً لقرار الأمم المتحدة 194، الأمر الذي يتطلب تحركاً دولياً لإلغاء هذا القرار، لحماية دور الأونروا، بل وتعزيزه سيما في قطاع غزة.
رفض التهديدات الأمريكية بتهجير الفلسطينيين: يرفض التحالف بشكل قاطع التهديدات الأمريكية، وخاصة تلك التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمتعلقة بتهجير الفلسطينيين من وطنهم، ويؤكد أن حق الفلسطينيين في أرضهم غير قابل للمساومة. كما يحذر من أي مخططات تهدف إلى فرض واقع جديد من خلال التهجير القسري أو تفريغ الأرض من سكانها الأصليين، ويشدد على ضرورة التصدي لأي مشاريع تهدف إلى تصفية الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية كأولوية استراتيجية، إن الانقسام السياسي المستمر يُضعف قدرة الشباب الفلسطيني على لعب دور محوري في مستقبل القضية الفلسطينية. ولذلك، يدعو التحالف جميع القوى والفصائل الفلسطينية إلى تجاوز الحسابات الفئوية، والعمل الجاد والفوري لاستعادة الوحدة الوطنية، وبناء استراتيجية وطنية قائمة على الشراكة الحقيقية، في سياق ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، وإعادة تجديد شرعية النظام السياسي الفلسطيني، بما يضمن تعزيز الصمود الوطني والتصدي للمخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية. إن اللحظة التاريخية تقتضي التوافق الوطني والتنفيذ الفوري لمقررات إعلان بكين، سيما تشكيل حكومة وفاق انتقالية، وفق أولويات الإعمار ومواجهة مخططات الترانسفير وما يتطلبه ذلك من توفير كل مقومات الصمود والبقاء على أرض وطننا، تمهيداً لإجراء انتخابات عامة شاملة للرئاسة والمجلسين التشريعي والوطني خلال مدة متفق عليها لا تتجاوز ثلاث سنوات .
ختامًا.
أكد المؤتمر أهمية العمل الشبابي الموحد لإطلاق حملات ضغط محلية واقليمية ودولية لتحقيق العدالة في فلسطين، واحباط كل مؤامرات تصفية حقوق شعبنا، مشداً على التزامه الكامل بمواصلة العمل من أجل تمكين الشباب الفلسطيني، وتعزيز دورهم في صياغة السياسات العامة، وخلق بيئة داعمة تتيح لهم المشاركة الفاعلة في بناء مستقبلهم. ويدعو جميع المؤسسات الشبابية إلى الانخراط في إطار التحالف، وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات القائمة، وصولًا إلى مجتمع فلسطيني أكثر عدالة، ودولة فلسطينية مستقلة تقوم على أسس الحرية والكرامة الوطنية. واختتم المؤتمر أعماله بتوجيه التحية لشباب القطاع ومؤسساتهم الشبابية على صمودهم و مبادراتهم الخلاقة للتخفيف من معاناة النازحين ، كما توجه بالتحية لشباب وطلاب العالم الذين رفضوا العدوان وحرب الإبادة على شعبنا، خاصة في قطاع غزة، مجدداً نداءه إلى كل أحرار وشباب العالم في كل بقاع الأرض للوقوف إلى جانب الحقوق الفلسطينية، والشباب الفلسطيني التواق للحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.