أمد/
رام الله: إن حرب الإبادة التي شنها الاحتلال الصهيوني وبمشاركة أمريكية بريطانية وألمانية، على شعبنا بهدف تصفية القضية الفلسطينية، عبر ضرب صموده وسحق مقاومته وتشريده خارج وطنه، فشلت ولم تحقق أهدافها، بالرغم من الأثمان الباهظة التي دفعها شعبنا، ومازالت يدفعها، من شهداء وجرحى وأسرى، عدا عن دمار مدنه ومخيماته ومقومات الحياة في قطاع غزة.
إن النتيجة التاريخية للسابع من تشرين أول والتي يجب البناء عليها، تؤكد أن استخدام القوة العسكرية كأسلوب لتصفية القضية فشل وولىّ الى غير رجعة، بفضل الصمود الأسطوري لشعبنا وبسالة مقاومته، وفشل سردية مجرم الحرب نتنياهو وزمرته في إقناع العالم بها أمام مشاهد جرائم الإبادة، واتساع التعاطف والتضامن الدولي، الشعبي والرسمي الواسع مع قضية شعبنا الوطنية، حيث استعادة القضية الفلسطينية مكانتها، كالقضية سياسية وحقوقية وإنسانية أولى في العالم، بالتزامن مع العزلة التي يواجهها كيان الاحتلال، وأصبح العالم بشكل عام ودول الإقليم بشكل خاص، يدركون أكثر من أي وقت مضى، أن لا استقرار في المنطقة دون الحل العادل للقضية الفلسطينية، وهذا كله يوفر فرص حقيقية لمجابهة المخاطر التي يتعرض لها شعبنا
ورغم ذلك، فإن حجم المخاطر على قضية وحقوق شعبنا الوطنية ما زلت كبيرة جداَ، وفي مقدمتها تسريع الاحتلال لخطط التوسع الاستيطاني والتهجير والتطهير العرقي والضم والتهويد في الضفة الغربية بالاستناد لسياسات ودعم "ترامب" وإدارته المعادية لحقوق الشعب الفلسطيني، وما تتعرض له المخيمات في شمال الضفة الغربية من عدوان عسكري ما زال مستمراَ، إلا نموذج لإبادة جديدة لتحقيق تلك الخطط والأهداف الإجرامية للاحتلال.
أمام حجم المخاطر وما تفرضه من تحديات كبيرة ماثلة أمامنا جميعاَ، ما زال أكبر تهديد يتعرض له شعبنا الفلسطيني، هو استمرار حالة الانقسام الداخلي والتجاذبات السياسية الفئوية، وغياب الوحدة والشراكة الوطنية التي تتوافق عليها كافة القوى الفلسطينية، وهو ما يتطلب أكثر من أي وقت مضى، إنهاء هذا الانقسام البغيض وكل المظاهر والسلوكيات الفئوية، وسرعة انجاز الوحدة الوطنية الشاملة بين كل مكونات النظام السياسي الفلسطيني، للتصدي معاَ للسياسات والمخططات الصهيو- أمريكية، وتفعيل عناصر القوة الفلسطينية، والشروع في تطبيق إعلان بكين الذي تم التوقيع عليه من قبل كل القوى، كونه يشكل مخرجا لذلك، والتمسك بأن يكون اليوم التالي للحرب، يوماَ فلسطينياَ لحماية قضية ووحدة شعبنا وصموده على أرضه، كأولوية وطنية عاجلة.
إن هذا يتطلب وعلى نحو عاجل، من القيادة وكل القوى السياسية الفلسطينية، الاستجابة لمطالب شعبنا بتحقيق الوحدة الوطنية، وإستثمار الفرص والإنجازات، فهذا الشعب الذي قدم التضحيات الجسام وصبر طويلاَ على عذاباته وأوضاعه المأساوية، لن يرحم من يعمل على إعاقة وحدته وتقدمه أو إضاعة هذه الإنجازات.