أمد/
في حادثة غريبة أثارت الجدل والسخرية في آنٍ واحد، وجدت سريلانكا نفسها غارقة في ظلام دامس، بعد أن تسبب قرد في انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع، وبينما كان المواطنون يكابدون تداعيات هذا الانقطاع، ارتفعت الأصوات المطالبة بإصلاحات جذرية لنظام الكهرباء في البلاد.
ووفق صحيفة “سريلانكا غارديان”، فإن الحادثة أعادت إلى الواجهة أزمات البنية التحتية المزمنة في البلاد، مُتسائلة “هل القرد هو السبب الحقيقي وراء الأزمة، أم إن الحادثة كانت مجرد قناع يخفي إخفاقات أعمق؟”.
انقطاع مفاجئ يعم البلاد
اضطرت وزارة الطاقة السريلانكية إلى تقديم اعتذار رسمي، بعد أن شهدت البلاد انقطاعًا واسعًا للكهرباء، سببه وفقًا لرواية الحكومة، دخول قرد إلى غرفة محولات كهربائية جنوب العاصمة كولومبو، ووفقًا لشركة الكهرباء، فقد أدى اصطدام القرد بمحول كهربائي إلى حدوث خلل في التوازن الكهربائي، ما تسبب في انهيار النظام بالكامل.
يبلغ عدد سكان سريلانكا 22 مليون نسمة، وتسبب الانقطاع، الذي بدأ حوالي الساعة 11:00 صباحًا بالتوقيت المحلي، في حالة من الفوضى والارتباك، لا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة إلى أكثر من 30 درجة مئوية.
وسارعت فرق الصيانة لإعادة التيار تدريجيًا، مع إعطاء الأولوية للمرافق الحيوية مثل المستشفيات ومحطات تنقية المياه، ومع ذلك، استمر الانقطاع لساعات طويلة، ما زاد من حدة التوتر بين المواطنين، بحسب الصحيفة المحلية.
انتقادات وسخرية واسعة
في بداية الأمر، حاولت السلطات تجنب الإفصاح عن سبب العطل، لكن مع تصاعد الضغط الإعلامي، اضطر وزير الطاقة كومارا جاياكودي إلى الكشف عن السبب المثير للدهشة، بأن “قردًا لمس أحد المحولات، ما أدى إلى انهيار شبكة الكهرباء الوطنية”.
قوبل هذا التصريح بموجة انتقادات وسخرية واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، ونقلت “سريلانكا جارديان” عن أحد المغردين الذي علق قائلاً: “قرد وحيد تمكن من شلّ البلاد بالكامل، فماذا لو قرر سرب من القرود تنفيذ هجوم منسق؟”، بينما كتب آخر: “إذا كانت قرود البرية قادرة على التسبب بهذه الفوضى، فربما حان الوقت لمراجعة بنيتنا التحتية”.
جدل حول ضعف البنية التحتية
لا تقتصر المشكلة على حادثة القرد فحسب، إذ يواجه نظام الكهرباء في سريلانكا أعطالًا متكررة منذ سنوات، وأشارت وسائل الإعلام المحلية إلى أن المهندسين طالبوا مرارًا بتحديث الشبكة الكهربائية، إلا أن الحكومات المتعاقبة لم تُولِ الأمر اهتمامًا كافيًا.
وفي ظل تصاعد الجدل، حاولت الحكومة التملص من المسؤولية، ففي حين ألقى وزير الطاقة اللوم على القرد في البداية، سرعان ما تراجع عن روايته واتهم الحكومات السابقة بسوء التخطيط، وقال جاياكودي: “لم تُوضع أي خطة للحفاظ على توازن نظام الطاقة، والسياسات قصيرة النظر للإدارات السابقة هي السبب الحقيقي وراء الانقطاع”.
أزمة القرود المتزايدة
ليست هذه المرة الأولى التي تثير فيها القرود مشكلات في البلاد، فمع التوسع العمراني المستمر، أصبحت هذه الحيوانات أكثر جرأة في اقتحام المناطق السكنية بحثًا عن الطعام، ما أدى إلى تزايد هجماتها على المحاصيل والقرى.
وتشير التقديرات إلى أن هناك ما بين 2 إلى 3 ملايين قرد كابوشين تعيش في سريلانكا، ما يجعل احتواء أعدادها تحديًا بيئيًا حقيقيًا.
وأظهرت الحكومة ارتباكًا واضحًا في التعامل مع الأزمة، فبعد التصريح الأولي عن القرد، تراجعت الوزارة لاحقًا عن هذا التفسير وقدمت مبررات جديدة تتعلق بانخفاض الطلب على الكهرباء ونقص الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية.
لكن جمعية مهندسي مجلس كهرباء سيلان قدمت تحليلًا أكثر اتزانًا، مُشيرة إلى أن التحقيقات لا تزال جارية لتحديد السبب الدقيق للانقطاع، وأكدت الجمعية أن التسرع في إلقاء اللوم دون أدلة قاطعة يزيد من ارتباك الرأي العام ويفاقم أزمة الثقة بين المواطنين والحكومة.