أمد/
أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته لاحتلال قطاع غزة وتهجير سكانه وتحويله إلى منتجع سياحي تحت اسم “ريفييرا الشرق” جدلًا واسعًا. وفيما يلي أبرز الأسباب الحقيقية والخفية التي قد تكون وراء هذا الطرح:
1. الضغط على الفلسطينيين والعرب للقبول بتسويات غير عادلة
يُحتمل أن يكون هذا الطرح أداة ابتزاز سياسي تهدف إلى الضغط على الفلسطينيين والعرب لقبول ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، مقابل أن تصبح غزة المنطقة الوحيدة المخصصة لهم. قد يشمل المخطط نقل سكان الضفة الغربية إلى الأردن أو إدخالهم إلى غزة بعد توسيعها من خلال ضم أجزاء من صحراء النقب أو سيناء، مما يؤدي إلى تقويض حل الدولتين وتقليل سقف التوقعات العربية بشأن الحل النهائي.
كما يمكن أن يقدم ترامب عرضه بوقف التهجير مقابل التطبيع مع السعودية ودول عربية أخرى، في محاولة لتحويل التطبيع من “مقايضة بدولة فلسطينية” إلى “مقايضة بوقف التهجير”.
2. إحداث صدمة في العالم العربي لدفع الدول إلى إعادة إعمار غزة وإخراج حماس
يعكس هذا الطرح عقلية ترامب كرجل أعمال، حيث يعتمد على خلق أزمات ثم تقديم حلول بديلة بشروطه. يسعى ترامب إلى إجبار مصر، الأردن، ودول الخليج على الانخراط بفاعلية في حل الأزمة الفلسطينية بعد تجنبها اتخاذ خطوات حاسمة. يهدف ذلك إلى تحويل قضية فلسطين من قضية “سكان” إلى قضية “إسكان”، بحيث تتحمل الدول العربية تكلفة إعادة إعمار غزة دون أي التزامات أمريكية أو إسرائيلية. كما أن هذا الطرح قد يكون جزءًا من استراتيجية لإخراج حماس من غزة عبر تصعيد الأزمة، ثم تقديم حلول تحظى بقبول دولي.
3. إرضاء اليمين الإسرائيلي المتطرف
يروج اليمين المتطرف في إسرائيل لفكرة “غزة الكبرى” التي يتم فيها تهجير سكان القطاع مقابل توسيعه ليشمل أراضي من سيناء، بما يسمح لإسرائيل بالسيطرة الكاملة على الضفة الغربية دون ضغط دولي كبير .
4. كسب دعم الإنجيليين والجماعات الصهيونية في أمريكا
تلعب الجماعات الإنجيلية الصهيونية في الولايات المتحدة دورًا رئيسيًا في دعم سياسات إسرائيل، وهي من أكبر قواعد ترامب الانتخابية. يؤمن كثير من الإنجيليين بأن دعم إسرائيل هو واجب ديني، وأن تهجير الفلسطينيين من غزة جزء من “التحضير لمجيء المسيح”. لذا، فإن أي خطوة نحو تقوية إسرائيل، حتى لو كانت عبر تهجير السكان الأصليين، ستلقى ترحيبًا واسعًا في هذه الأوساط.
5. دوافع انتخابية: رد الجميل لكبار ممولي حملته
خلال حملته الانتخابية، تلقى ترامب تبرعات ضخمة من رجال أعمال يهود بارزين مثل شيلدون ومريام أديلسون، الذين طالبوا بشكل صريح بدعمه لسياسات إسرائيل التوسعية. خلال ولايته الأولى، نفذ ترامب عدة خطوات رئيسية لخدمة هذه الأجندة، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، والضغط على إيران. خطته بشأن غزة تأتي في سياق استكمال هذه السياسة، خاصة بعد أن لمح سابقًا إلى ضم الضفة الغربية.
6. مشروع القناة البديلة لقناة السويس
تدرس إسرائيل منذ سنوات إنشاء قناة مائية تربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط عبر شمال قطاع غزة، كبديل محتمل لقناة السويس المصرية. قد يكون هذا المشروع جزءًا من التنافس مع “طريق الحرير” الصيني، حيث تسعى الولايات المتحدة لمواجهة النفوذ الاقتصادي الصيني عالميًا. إذا تم تنفيذ المشروع، فستصبح غزة نقطة محورية في التجارة الدولية، مما يمنح واشنطن وتل أبيب سيطرة أكبر على الطرق التجارية الاستراتيجية.
7. الأطماع الاقتصادية في ثروات غزة
تمتلك غزة احتياطات غاز طبيعي ضخمة، حيث تم اكتشاف حقول غاز في منطقتين على الأقل قرب سواحل القطاع. تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل إلى السيطرة على هذه الموارد، نظرًا لأهمية الغاز كمصدر استراتيجي للطاقة في المنطقة، خاصة مع التوترات المتزايدة في أسواق الطاقة العالمية.
8. استغلال دمار غزة كذريعة لطرح المخطط
زار ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب للشرق الأوسط، قطاع غزة مؤخرًا وعاد بانطباع سلبي للغاية، إذ رأى أن الدمار واسع النطاق يجعل غزة “غير صالحة للسكن”. نقل ويتكوف هذه الصورة إلى ترامب، مما قد يكون دفعه إلى طرح خطته المثيرة للجدل تحت غطاء “إيجاد حلول إنسانية”، رغم أنها تخدم في الواقع مصالح إسرائيل والولايات المتحدة.
9. تشتيت انتباه المواطنين الأمريكيين عن قضاياه الداخلية
لطالما استخدم ترامب قضايا دولية مثيرة، مثل الصين، المكسيك، بنما، وجرينلاند، لصرف أنظار الرأي العام الأمريكي عن أزماته الداخلية. في ظل الضغوط السياسية والقانونية التي يواجهها داخل الولايات المتحدة، قد يكون إحياء قضية غزة جزءًا من استراتيجيته لتوجيه الأنظار نحو ملفات خارجية، وترسيخ صورته كقائد قوي قادر على إدارة الأزمات العالمية.
خلاصة
مخطط ترامب لاحتلال غزة وتهجير سكانها ليس مجرد تصريح سياسي عابر، بل هو جزء من رؤية أوسع تهدف إلى الضغط على الفلسطينيين والعرب، خدمةً لمصالح إسرائيل، وإرضاءً للمتبرعين اليهود واليمين المسيحي الصهيوني في أمريكا، مع تحقيق مكاسب اقتصادية . بالإضافة إلى ذلك، يعكس هذا الطرح استراتيجية أوسع لإعادة تشكيل المشهد السياسي في المنطقة، بما يخدم الأجندة الأمريكية والإسرائيلية على المدى الطويل.
صحيفة القدس