أمد/
غزة: في اليوم الخامس العشرين من بدء سريان وقف إطلاق النار في غزة واصلت الطواقم الطبية والدفاع المدني انتشال جثامين الشهداء المنتشرة في شوارع قطاع غزة في مناطق كانت تحت سيطرة جيش الاحتلال.
فيما أكدت مصادر محلية استمرار دخول شاحنات المساعدات من معبر رفح البري لليوم الثامن على التوالي.
واستمر المواطنين في العودة إلى شمال قطاع غزة بعد بدء تطبيق عودة النازحين يوم الإثنين.
ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب العدوانية
أعلنت مصادر طبية، يوم الخميس، ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 48,239 شهيدا، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وأضافت المصادر ذاتها، أن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 111,676 منذ بدء العدوان، في حين لا يزال عدد من الضحايا تحت الأنقاض، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وأشارت إلى أنه وصل إلى مستشفيات قطاع غزة 17 شهيدا (منهم 14 انتُشلت جثامينهم، و3 شهداء جدد)، وإصابتان خلال الساعات الـ24 الماضية.
يشار إلى أن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، دخل حيز التنفيذ في التاسع عشر من شهر كانون ثاني/ يناير الماضي، ومنذ بدء سريانه استشهد وأصيب عدد من المواطنين في أنحاء متفرقة من القطاع.
استشهاد طفلين أحدهما بالرصاص والآخر بانفجار جسم من مخلفات جيش الاحتلال في قطاع غزة
استشهد طفلان، مساء يوم الخميس، أحدهما بالرصاص والآخر بانفجار جسم من مخلفات الاحتلال في قطاع غزة.
وأفاد مراسلنا، باستشهاد الطفل حمودة علاء سعود (14 عاما)، إثر انفجار جسم من مخلفات الاحتلال بمخيم النصيرات وسط القطاع.
كما أكد استشهاد الطفل أنس صقر النباهين (15 عاما) برصاص الاحتلال شرق مخيم البريج، مشيرا إلى أن طائرات الاحتلال قصفت موقعا شرق المخيم وسط القطاع.
وكانت مديرة دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في الأرض الفلسطينية المحتلة "لوك إيرفينغ"، حذرت نهاية الشهر الماضي من مخلفات جيش الاحتلال وتأثيرها على حياة المدنيين.
وأوضحت أن هذه الذخائر تسببت في "مقتل وإصابة مدنيين، وعرقلة العمليات الإنسانية، وأن التقارير الأولية توثق 92 ضحية منذ أكتوبر 2023".
المفقودون في غزة: مصير مجهول في حرب الإبادة الجماعية
لا تزال غزة تعيش في كابوس مستمر، حيث تلاحق العائلات، المفقودين الذين اختفوا خلال العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة التي شهدها القطاع على مدار 15 شهرا، ووسط مشاعر مختلطة بين الألم والقلق، حيث لا يملك المواطنون إلا الأمل في العثور على أحبائهم.
أحمد رزقة.. خرج ولم يعد
أحمد رزقة (39 عامًا)، متزوج ولديه خمسة أبناء، يقطن في حي الشيخ زايد شمال القطاع، بينما تعيش والدته فريدة رزقة في دير البلح، ويعمل في وزارة الأوقاف. كان مثل مئات آلاف المواطنين الذين اضطرتهم الحرب إلى ترك بيوتهم واللجوء إلى مدارس الإيواء.
كان أحمد ضمن مجموعة من النازحين في مدرسة خليل الرحمن. وفي أحد الأيام، قرر الخروج بصحبة صديقه، لكن سرعان ما استشهد ذلك الصديق وبقي أحمد مجهول المصير. لم يعد إلى أسرته، ولا توجد أي معلومات عنه حتى الآن.
وقالت والدته لمراسل وفا: "بحثنا في كل مكان، لكننا لم نسمع عنه أي خبر، ولم نجد له أثرا منذ اختفائه".
آخر مكالمة هاتفية أجراها كانت قبل يوم واحد على اختفائه، إذ أخبر زوجته أنه سيتوجه إلى السوق، لكن العائلة لم تتلقَّ أي خبر عنه منذ ذلك الحين، رغم محاولات البحث المستمرة.
عيسى المملوك وأبناء عمومته.. اختفاء بعد سهرة على البحر
في 21 أيار/مايو الماضي، خرج عيسى المملوك (20 عامًا) مع أبناء عمومته أحمد المملوك ( اثنان يحملان نفس الاسم) وهادي المملوك لقضاء وقت على البحر، في محاولة للابتعاد عن ضغوط الحرب. كانوا يخططون للانتقال إلى غزة بعدما علقوا في الجنوب، لكن تلك الليلة كانت النهاية المأساوية التي غابت بعدها أي أخبار عنهم.
وقالت شقيقة عيسى، نعمة المملوك، لمراسل وفا: "منذ تلك الليلة، لم نتمكن من الوصول إليهم أو الحصول على أي معلومات حول مكانهم، ولا نعلم مصيرهم إلى الآن".
تواصلت العائلة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومؤسسة الضمير، لكن لا أثر لأبنائها، ما يزيد من معاناتهم في ظل غياب أي إجابة حول مصيرهم.
حجم الكارثة.. بين المعتقلين والمفقودين
وفي حديثه لمراسل "وفا"، أكد مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان علاء سكافي أن "الحرب قد خلفت وراءها كارثة إنسانية فاق حجمها التوقعات. والمعتقلات تزدحم بآلاف المعتقلين، وهناك آلاف المفقودين الذين لم يتم التوصل إلى مصيرهم حتى الآن. والمؤسسات الدولية لا تقوم بأي خطوة حقيقية للمساعدة".
وقال السكافي إنه تم تسجيل نحو 1100 حالة اعتقال وفقدان، وتم الكشف عن مصير 550 معتقلًا. لكن الصدمة الكبرى كانت في الإعلان عن استشهاد 8 معتقلين تحت التعذيب أو بسبب الإهمال الطبي في سجون الاحتلال، في حين تشير تقديرات الحقوقيين إلى وجود ما بين 10 آلاف و12 ألف مفقود.
جريمة تسليم الجثث المجهولة
وفي مشهد صادم، سلم الاحتلال عددًا من الجثث في حاويات عبر معبر كرم أبو سالم، وضعتها في مناطق جنوب القطاع، دون أن يتمكن أحد من التعرف عليها. ما يثير العديد من التساؤلات حول هذه الجثث التي قد تكون قد سُرقت أو تم انتشالها من القبور، أو حتى كونها ضحايا عمليات تصفية ميدانية خلال الاعتقالات.
غياب الدور الدولي
ويقول السكافي إن المؤسسات الدولية مثل الصليب الأحمر، ورغم الدعوات المتكررة، لم تقدم أي دعم حقيقي أو مساعدات مباشرة للبحث عن المفقودين أو تقديم الحماية للمعتقلين. واكتفت بجمع الإفادات من المواطنين وتوجيههم إلى المنظمات الحقوقية التي تتعامل مع قضايا الأسرى والمفقودين.
الضحايا تحت الركام
في الوقت نفسه، لا يزال هناك العديد من الضحايا تحت الأنقاض، في أماكن يصعب الوصول إليها بسبب الدمار الهائل الذي طال البنية التحتية.
وفيما تستمر معاناة العائلات، تؤكد المصادر الطبية ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 48,239 شهيدًا و111,676 إصابة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023، وسط استمرار الصعوبات التي تواجهها طواقم الإسعاف والدفاع المدني في الوصول إلى الضحايا.
وسط هذا الظلام، تواصل العائلات في غزة البحث عن أبنائها، في وقت تزداد فيه المعاناة وتتضاءل الآمال في الوصول إلى أي إجابات واضحة حول مصيرهم.
أوضاع مأساوية يعيشها النازحون في قطاع غزة
يقضي النازحون في مخيمات الإيواء بقطاع غزة ليالي قاسية في ظل البرد القارس، الذى يتخللته أمطار غزيرة ورياح عاتية أدت إلى غرق خيامهم واقتلاع بعضها، ما زاد معاناتهم في ظل أوضاع إنسانية صعبة يعيشونها بعد تدمير منازلهم جراء الإبادة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في القطاع.
ولم يدخل قطاع غزة منذ وقف إطلاق النار أي كرافانات، و10% فقط من الاحتياج المطلوب من الخيام، ما زاد معاناة النازحين الذين وجدوا أنفسهم محاصرين بين السيول والرياح العاتية، ما زاد صعوبة الأوضاع الإنسانية للمواطنين الذين يقيمون في خيام فوق أنقاض منازلهم المدمرة.
بدون مأوى
أمام خيمتها المهترئة في منطقة المقوسي شمال غرب مدينة غزة، تقف سحر كريمة والتي هي واحدة من آلاف المواطنين الذين يقاومون فصل الشتاء في العراء في ظل عرقلة الاحتلال دخول الخيام والبيوت المؤقتة "الكرفانات" للقطاع، بثوب الصلاة وهي حافية القدمين تحاول نفض وتنظيف قطع الملابس المبللة بمياه الأمطار والأتربة.
هذه الملابس، وضعتها كريمة خلال ساعات الليل تحت بساط بلاستيكي (حصيرة) فرشته مسبقا على أرضية خيمة نصبتها قرب أنقاض منزلها المدمر في العراء، لامتصاص مياه الأمطار المتسربة للداخل.
لم تنجح محاولات كريمة لحماية أطفالها الأربعة من البلل حيث فشلت الملابس في امتصاص مياه الأمطار التي تسربت بكميات كبيرة.
هذه الأمطار ضاعفت معاناة كريمة التي تعد المعيل الوحيد لأطفالها الأربعة، حيث لم تر زوجها منذ نحو عام ونصف.
وكأنها تحمل أحمالا ثقيلة على كتفيها، تقف كريمة منهكة وتصرخ مطالبة بخيمة تقي أطفالها برد الشتاء وتحميهم من الأمطار.
وتعيش المواطنة كريمة ظروفا إنسانية قاسية بعدما دمر جيش الاحتلال منزلها خلال أكثر من 15 شهرا من الإبادة الجماعية.
الخيمة التي نصبتها كريمة في الشارع قرب منزلها المدمر غير مناسبة لحمايتها وأطفالها من برد الشتاء ومياه الأمطار.
وتضيف وهي تشير إلى كومة من الركام إنها تعود لشقتها السكنية التي دمرتها إسرائيل خلال حرب الإبادة.
وتستكمل قائلة: "بيتي مدمر.. منزلي وشقاء العمر راح، وقلنا الحمد لله ولم نفرح به بعد"، لافتة إلى أنها وأطفالها الآن بلا مأوى.
ومع موسم الأمطار تتفاقم الظروف الصعبة التي تعيشها كريمة حيث تقف عاجزة أمام تسرب المياه للداخل ما يهدد بإغراق أطفالها أثناء النوم.
وتضيف قائلة: "كنت أضع ملابس أطفالي تحت الحصيرة لأمنع تسرب المياه، لكن دون فائدة".
المطلب الوحيد "خيمة"
وسط المعاناة الكبيرة وانعدام سبل ومقومات الحياة، تطالب كريمة، العالم بالتدخل من أجل تأمين خيمة واحدة توفر بعض الدفء لها ولأطفالها.
وتقول: "لا أريد طعاما ولا شرابا ولا أي شيء آخر، أطالب فقط بخيمة توفر لنا الدفء أنا وأبنائي".
وأشارت إلى أنها توصل رسالتها لكل الأمة في العالم مناشدة تحقيق مطلبها.
ولفتت إلى أنها تعاني من أمراض تجعلها غير قادرة على تحمل لسعات البرد القارس، إلا أنها ورغم ذلك تقف بملابس خفيفة وحافية القدمين تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه من خيمتها وملابس أطفالها بعد غرقها بمياه الأمطار.
وتواصل كريمة دفع ثمن الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل بتحمل مسؤوليات كبيرة وسط انعدام الخيارات والبدائل وعدم توفر مصدر للدخل.
وتكافح عائلة كريمة للبقاء خلال موسم الشتاء والبرد بدون وسائل تدفئة أو ملابس شتوية.
ورغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار بغزة في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، إلا أن المعاناة الإنسانية في القطاع لم تشهد تحسنا.
مسؤول أممي: الوقود السبيل الوحيد لتشغيل المستشفيات والمدارس والمخابز والمنازل بغزة
أكد المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع جورجي مورييرا دا سيلفا، اليوم الخميس، أن الوقود هو السبيل الوحيد لتشغيل المستشفيات والمدارس والمخابز والمنازل في غزة.
وقال دا سيلفا في بيان صحفي، إن مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، ومع وقف إطلاق النار، مر بعملية جديدة في الشراء والتوزيع، لافتا أنه يتم جلب وتوزيع 1.3 مليون لتر يوميا، وهو أمر أساسي لجميع القطاعات، وخاصة في مجال الصحة.
وأضاف، أن المكتب لا يقوم فحسب بإحضار الوقود وتوزيعه، وإنما أيضاً بمراقبة الوقود لضمان الاستخدام السليم له.
وأثناء وجوده في المستشفى الأوروبي في غزة، قال دا سيلفا، إن المستشفى أحد أهم المستشفيات في القطاع، مشيرا إلى أنه قبل العدوان الإسرائيلي على غزة، قام المكتب بتوفير وتركيب ألواح شمسية خارج المستشفى لتوليد الكهرباء، لكن "اختفت تلك الألواح لأن الناس لم يكن لديهم أي خيار آخر للحصول على الكهرباء في منازلهم. وحتى بعض النازحين داخليا اضطروا للعيش تحت الألواح لأنه لم يكن هناك مكان آخر للعيش فيه لأنهم فقدوا منازلهم".
وأشار إلى اعتماد المستشفى في الوقت الحالي على الوقود التقليدي لتوليد الكهرباء من مولدات، "لكن بعض المولدات معطلة، ولا يُسمح بإدخال قطع الغيار إلى غزة لإصلاح تلك المولدات، وهو وضع صعب للغاية بالنسبة للمستشفى"، لافتا إلى نقص المعدات والإمدادات الطبية والمضادات الحيوية والجراحة والأدوية الذي يواجهه المستشفى، فضلا عن نقص المياه والكهرباء.
وشدد المسؤول الأممي، على أن هذا الوضع يتطلب العمل بسرعة على جلب المزيد من المساعدات الإنسانية والتحضير للتعافي المبكر.
مئات الحاخامات والشخصيات اليهودية العالمية: لا للتطهير العرقي في غزة
وقّع أكثر من 350 حاخاما وناشطا يهوديا على إعلان أميركي يعارض الدعوات التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن غزة.
ونُشر الإعلان، اليوم الخميس، في صحيفة "نيويورك تايمز"، تحت عنوان: "ترمب دعا إلى إبعاد جميع الفلسطينيين من غزة. الشعب اليهودي يقول لا للتطهير العرقي".
ووقّع على الإعلان حاخامات من بينهم: شارون بروس، رولي ماتالون، أليسا وايز، دانيا روتنبرغ، وشارون كلاينباوم، بالإضافة إلى مبدعين وناشطين يهود من بينهم كاتب السيناريو توني كوشنر، والممثلة إيلانا غلازر، والكاتبة الكندية نعومي كلاين، والممثل خواكين فينيكس، والمخرج بوتس رايلي، ورجل الأعمال بن كوهين وغيرهم.
وقال كودي إدغرلي، مدير ومؤسس حملة "باسمنا" وأحد القائمين على الإعلان في تصريحات صحفية: "رسالتنا إلى الفلسطينيين هي أنكم لستم وحدكم، وأن اهتمامنا لم يتزعزع، ونحن ملتزمون بالقتال حتى آخر نفس لدينا لمنع التطهير العرقي في غزة".