أمد/
لندن: كشفت صحيفة "تلغراف" البريطانية أنّ إيران وضعت أنظمتها الدفاعية حول مواقعها النووية في حالة تأهّب قصوى، وسط مخاوف من هجوم مُحتمل من إسرائيل والولايات المتحدة.
ونسبت الصحيفة إلى مصدرَين حكوميَّين رفيعَي المستوى في إيران أنّ طهران تعمل أيضاً على تعزيز الدفاعات حول المواقع النووية والصاروخية الرئيسية، والتي تشمل نشر منصات إطلاق إضافية لأنظمة الدفاع الجوي.
ويقول المسؤولَان، بحسب الصحيفة، إنّ هذه الإجراءات تأتي ردّاً على المخاوف المتزايدة بشأن احتمال قيام إسرائيل والولايات المتحدة بعمل عسكري مشترك.
وذكرت الصحيفة أنّ هذه التعزيزات جاءت بعد تحذيرات من أجهزة الاستخبارات الأميركية لإدارتَي الرئيس جو بايدن ودونالد ترامب، تفيد بأنّ "إسرائيل من المرجح أن تستهدف مواقع نووية إيرانية رئيسية هذا العام".
ونقلت عن أحد المصادر "إنّ السلطات الإيرانية تنتظر الهجوم وتتوقّعه كل ليلة، وكل شيء في حالة تأهب قصوى، حتى في المواقع التي لا أحد يعرف عنها شيئاً".
وأضاف المصدر أنّ "أعمال تحصين المواقع النووية مستمرة منذ سنوات، لكنها تكثّفت خلال العام الماضي، وبخاصة منذ أن شنت إسرائيل الهجوم الأول".
وتابع قائلاً: "أدت التطورات الأخيرة بما في ذلك تعليقات ترامب، والتقارير حول الخطط المحتملة لإدارته لضرب إيران إلى تكثيف الأنشطة بشكل أكبر".
وذكرت "التلغراف"، في تقريرها، أنّ "إيران تخشى أن يكون الهجوم الإسرائيلي وشيكاً بدعم من ترامب، الذي دعا إسرائيل إلى ضرب المنشآت النووية الإيرانية".
واعترف المسؤول، حسب الصحيفة البريطانية، بأنّ "أي ضربة كبيرة قد تجعل إيران عرضة للخطر في مواجهة أنظمتها الدفاعية التي ضعفت بشدة بسبب الضربات الإسرائيلية العام الماضي".
وقال: "نشرت منصات إطلاق عدة إضافية لأنظمة الدفاع الجوي، ولكن هناك تفاهم على أنها قد لا تكون فعّالة في حالة وقوع ضربة واسعة النطاق".
ولفتت "تلغراف" إلى أنّ "إيران طوّرت محليّاً نظام دفاع جوياً، كما حصلت على صواريخ (إس-300) الروسية لحماية مواقعها النووية، لكن من غير المعتقد أنّ هذه المنظومة قوية بما يكفي لحمايتها من الأسلحة الإسرائيلية المتطورة؛ مما دفع طهران إلى الضغط على روسيا لتسريع تسليم أنظمة صواريخ (إس-400)".
من جهته، أعلن الجنرال أمير على حاجي زادة، قائد القوة الجوفضائية في الحرس الثوري الإيراني، هذا الأسبوع، أنّ "إيران تعمل أيضاً على تطوير نظام دفاعي مضاد للصواريخ الباليستية للدفاع ضد أي هجوم إسرائيلي".
وقال: "فيما يتعلق بالأنظمة المضادة للصواريخ الباليستية، فقد عانينا في الأحداث الأخيرة من أضرار في هذا المجال، وهو ما يدل على وجود نقص في قطاع الدفاع الباليستي في البلاد".
وأضاف زادة أنّ "المنظومة الدفاعية ستكون جاهزة في آذار/ مارس المقبل لتجهيز طهران ومدن عدة كبرى بمنظومة دفاعية مضادة للصواريخ الباليستية".
أضاف: "حاليّاً، نحن قادرون على إنتاج صواريخ يصل مداها إلى 2000 كيلومتر، وليس لدينا أي قيود تقنية في هذا الصدد. وإذا كان هناك تهديد من الولايات المتحدة، فيمكننا ضرب أهداف قريبة بصواريخ مخفوضة التكلفة".
إلى ذلك، لفتت الصحيفة إلى موقف ترامب المتشدد حيال إيران، فمنذ توليه السلطة، استأنف حملته "للضغط الأقصى" على إيران، بما في ذلك الجهود الرامية إلى منعها من الحصول على الأسلحة النووية من خلال خفض صادراتها النفطية إلى الصفر.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الاثنين، إن حكومته، بدعم من ترامب، سوف "تنهي المهمة" مع إيران.
ويقول المحللون إنّ "من غير المُرجح أن تتمكن إسرائيل من تدمير البرنامج النووي الإيراني من دون تلقي المساعدة من الولايات المتحدة".
وأعرب ترامب عن تفضيله التوصل إلى اتفاق مع طهران، لكنه أوضح أيضاً أنه يفكر في القيام بعمل عسكري أميركي إذا فشلت المفاوضات.
وقال المسؤول الإيراني لـ"التليغراف" إنّ هناك مخاوف الآن في طهران من أن "الولايات المتحدة قد تنضم وتشنّ هجوماً أوسع نطاقاً، من شأنه أن يعرض وجود إيران للخطر".
من جهته، قال مستشار الأمن القومي الأميركي مايكل والتز، الأحد، إنّ "كل الخيارات مطروحة على الطاولة"، مضيفاً أنّ "إيران جهة غير عقلانية، ولا يمكننا أن نسمح لها بأن تضع إصبعها على الزر".
وتابع أنّ ترامب مستعد "للتحدث مع إيران" شرط التخلي عن البرنامج النووي بأكمله.
من جهته، صرّح جيسون برودسكي، مدير السياسات في "منظمة متحدون ضد إيران النووية"، لـ"التليغراف" أنّ "هناك طرق عدة يمكن للولايات المتحدة من خلالها دعم هجوم إسرائيلي على المواقع النووية الإيرانية".
وقال: "الولايات المتحدة قادرة على دعم إسرائيل سياسياً، كما يمكنها دعمها في مجال الاستطلاع الاستخباراتي والقدرات على التزود بالوقود جوّاً، كما يمكنها دعمها في نقل الذخائر المتطورة ووسائل النقل اللازمة لتدمير البرنامج النووي الإيراني".
وفي هذا السياق، لفتت "تليغراف" إلى أنّ أحد التحديات التي تواجه إسرائيل في ضرب إيران، هو أن طائراتها الحربية لا بد من أن تقطع مسافة تزيد عن 1500 كيلومتر حتى تصبح في مرمى النار.
وهذا يتطلّب تزويدها بالوقود في الجو فوق أراضٍ مُعادية محتملة، في حين تواجه الدفاعات الجوية الإيرانية روسية الصنع.
وقال برودسكي: "خيار مشاركة الولايات المتحدة في توجيه ضربات إلى إسرائيل بشأن الملف النووي قائم دائماً".
وأضاف أنّ "النظام الإيراني المتعب ينظر إلى هذه الخيارات المختلفة بقلق بالغ، وقد زاد توتره، وهو أمر مفهوم، نتيجة للتقارير في وسائل الإعلام الأميركية وتقييمات الاستخبارات الأميركية التي تفيد بأن إسرائيل مستعدة لضرب البرنامج النووي لإيران هذا العام".
وتسعى إيران الآن إلى إيجاد سبل لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، الذي انسحب منه ترامب عام 2018، بينما تدفع الولايات المتحدة نحو نزع السلاح الكامل.
وقال برودسكي: "ما دام أن الجانبين يتحدثان بمثل هذه المطالب، فمن غير المرجح أن تكون هناك تسوية ديبلوماسية مستدامة لهذه القضية، وهذا يتطلب من الولايات المتحدة تطوير بنية ضغط قوية للغاية، والتي رأينا إدارة ترامب تبدأ بالقيام بها".