أمد/
نيويورك: عقد مجلس الأمن يوم الثلاثاء، جلسة حول الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة، بطلب من الجزائر والصومال.
ورغم أن الجلسة كانت مقررة سابقا، إلا أنها تزامنت مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ فجر اليوم.
مسؤول أممي: أسوأ مخاوفنا تحققت في غزة
وفي إحاطته أمام المجلس عبر تقنية الفيديو، قال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة توم فليتشر إن "أسوأ مخاوفنا تحققت" خلال ساعات الليل في غزة حيث استؤنفت الغارات الجوية الإسرائيلية في جميع أنحاء القطاع مع "ورود تقارير عن مقتل مئات الأشخاص وأوامر إخلاء جديدة أصدرتها القوات الإسرائيلية".
وأضاف المسؤول الأممي أن سكان غزة "يعيشون مجددا في خوف شديد".
وقال فليتشر إن المكاسب المتواضعة التي تحققت خلال وقف إطلاق النار تُدمر الآن، مضيفا أن العاملين في المجال الإنساني أثبتوا أنه عندما يُسمح لهم بالعمل، فإن بإمكانهم "تقديم المساعدة على نطاق واسع – ولكن لم يعد الأمر كذلك".
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي قطعت دخول جميع الإمدادات المنقذة للحياة عن 2.1 مليون شخص منذ 2 آذار/ مارس. وقال: "رُفضت طلباتنا المتكررة لجمع المساعدات الراكدة عند معبر كرم أبو سالم رفضا ممنهجا. الطعام يفسد وصلاحية الأدوية على وشك الانتهاء".
وأضاف أنه يجري حاليا ترشيد الموارد الأساسية، وشدد على أن "هذا الحصار الشامل للمساعدات المنقذة للحياة والسلع الأساسية والتجارية سيكون له تأثير كارثي على سكان غزة الذين لا يزالون يعتمدون على تدفق مستمر للمساعدات إلى القطاع".
وتابع فليتشر أن العاملين في المجال الإنساني يواصلون تقديم ما تبقى من إمدادات داخل غزة لمن هم في أمس الحاجة إليها، بالإضافة إلى نقل المياه بالشاحنات، وتوفير حصص غذائية مخفضة، وتوزيع مواد الإيواء، ودعم المستشفيات بأفضل ما يمكنهم، "لكننا لا نستطيع تحمل هذا الوضع لفترة أطول ما لم تُفتح المعابر مجددا لدخول المساعدات".
وقال: "لا يمكننا، ويجب ألا نقبل العودة إلى ظروف ما قبل وقف إطلاق النار أو المنع الكامل لدخول الإغاثة الإنسانية. يجب حماية المدنيين وتلبية احتياجاتهم الأساسية. ويجب احترام القانون الدولي".
وشدد على ضرورة تجديد وقف إطلاق النار كأفضل سبيل لإنهاء معاناة سكان غزة، وحماية المدنيين من كلا الجانبين، وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين والسماح بدخول المساعدات والإمدادات التجارية.
كما حذّر فليتشر من عواقب نقص التمويل على عملية الإغاثة، قائلا إن الاستجابة الإنسانية لم تتلقَّ سوى 4% مما هو مطلوب للعام الحالي، وقال: "ليس لدينا ما يكفي حتى للاستمرار لهذا الربع (من العام)".
وأخبر فليتشر أعضاء المجلس أنه خلال زيارته الأخيرة إلى غزة رأى رسالةً لا تزال عالقة في ذهنه – كان قد كتبها طبيب استشهد لاحقا على سبورة في إحدى المستشفيات، قال فيها "من يبقى حتى النهاية سيروي القصة. لقد فعلنا ما بوسعنا. تذكرونا".
وسأل المسؤول الأممي أعضاء مجلس الأمن: "هل سنتمكن من القول إننا فعلنا ما بوسعنا؟"
منصور يدعو للعودة إلى وقف إطلاق النار ودعم الخطة العربية لإعادة الإعمار
وقال مندوب دولة فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور إن التقارير الحالية تشير إلى استشهاد أكثر من 400 مواطن وإصابة ما يقرب من 600 في غضون ساعات قليلة – الأمر الذي قال إنه "يذكر بالقصف الإجرامي الذي عانى منه شعبنا لأكثر من 15 شهرا"، مضيفا أن "النار والخوف ينتشران مرة أخرى في جميع أنحاء قطاع غزة".
وأضاف منصور أن هذا الاجتماع كان قد طلب في الأصل "لمناقشة استخدام إسرائيل للمساعدات الإنسانية كسلاح لأغراض العقاب الجماعي، حيث اعترف القادة الإسرائيليون بذلك علنا، ولم يعودوا يشعرون بالحاجة حتى إلى التظاهر".
وتابع قائلا: "يُقتل الفلسطينيون بشكل عشوائي، ويُحرمون من المساعدات الإنسانية بشكل عشوائي، ويُشوهون ويُحتجزون بشكل عشوائي. إننا ندين ذلك بأشد العبارات. هذا لا يمكن تبريره أبدا ويجب أن يتوقف فورا".
وأوضح أن كل هذا يحدث خلال شهر رمضان المبارك، "بعد عام من اختيار المجلس هذه الفترة نفسها، نظرا لأهميتها، للدعوة لأول مرة إلى وقف إطلاق النار لوقف الإبادة الجماعية ووقف المعاناة الإنسانية التي تفوق التصور".
وقال منصور إن دولة فلسطين والدول العربية، بدعم من الكثيرين حول العالم، "بذلت كل جهد لضمان وضع غزة على وجه الخصوص وفلسطين ككل على مسار مختلف، نحو الحياة والحرية".
وأضاف أنه "تم اعتماد رؤية واضحة مصحوبة بخطة متينة من قبل القمة العربية ودعمها الاجتماع الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي، وقد لقيت ترحيبا عالميا. يجب دعم هذه الجهود لا تقويضها وتخريبها. إنها تقدم السبيل الوحيد القابل للتطبيق بعيدا عن الصراع ونحو السلام".
وختم بقوله: "هذه لحظة تاريخية حيث يجب على الجميع أن يختاروا موقفهم والرؤية التي يريدون أن تسود". وأضاف: "يجب أن تسود الحياة، يجب أن تسود الحرية، يجب أن يسود السلام".
الجزائر: الدم الفلسطيني يستخدم كأداة للحسابات السياسية للساسة الإسرائيليين
بدوره، أشار المندوب الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة السفير عمار بن جامع إلى أن بلاده طلبت عقد جلسة مجلس الأمن. وتحدث عن القصف الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، وقال إن الدم الفلسطيني "يستخدم مرة أخرى كأداة للحسابات السياسية للساسة الإسرائيليين".
وأدان، بشدة، هذه الهجمات التي قال إنها تشكل انتهاكا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه قبل شهرين.
وذكّر جميع الأطراف بأن قرار مجلس الأمن رقم 2735 يضمن استمرار وقف إطلاق النار طالما أن المفاوضات مستمرة.
وقال بن جامع إن مجلس الأمن دعا في قراراته إلى وصول إنساني آمن ودون عوائق. وأضاف: "ومع ذلك، تواصل إسرائيل بوصفها القوة القائمة بالاحتلال، ليس فقط تجاهل القانون الدولي – بما في ذلك القرارات التي اتخذها هذا المجلس – بل وقتل المدنيين الفلسطينيين الأبرياء بشكل عشوائي".
وأضاف السفير الجزائري قائلا: "نتساءل ما الذي سيقوله أولئك الذين يستدعون باستمرار ما يسمى بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس. نقول ردا على هذه القسوة والفظائع في غزة، إننا نشهد تدهورا منهجيا للكرامة الإنسانية، وتجريدا متعمدا من الحق في الحياة والغذاء والماء، وفي الكرامة الإنسانية الأساسية في غزة…في غزة، نشهد جبن ووحشية الاحتلال الإسرائيلي الذي يتجلى بالكامل دون اعتبار للأرواح البريئة".
المجموعة العربية تؤكد ضرورة تفعيل مجلس الأمن لآليات الرقابة الدولية
متحدثا باسم المجموعة العربية، قال المندوب الدائم لجامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة السفير ماجد عبد الفتاح عبد العزيز إن استئناف القصف العسكري الإسرائيلي المكثف على قطاع غزة "وتكثيف سياسة التجويع والحصار" وقطع التيار الكهربائي عن المنشآت الحيوية – بما فيها محطات تحلية المياه الرئيسية – يفاقم معاناة أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في ظروف قاسية.
وأعلن إدانته ورفضه لهذه "الإجراءات اللا إنسانية"، التي قال إنها لا يمكن وصفها سوى على أنها "عقاب جماعي تنتهجه إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، وعلى نحو يتنافى مع القيم والمبادئ الإنسانية التي تقوم عليها ومن أجلها هذه المنظمة".
وشدد على حتمية أن ينهض مجلس الأمن الدولي بمسؤولياته هذه المرة وأن يجبر إسرائيل على الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك فتح كافة المعابر أمام المساعدات الإنسانية والمستلزمات الطبية والوقود وإعادة التيار الكهربائي للقطاع.
وحذر من "تبعات إخفاق المجلس في اتخاذ هذه الإجراءات"، وقال إن ذلك ينذر بوقوع كارثة إنسانية كبرى لن تحمد عقباها.
وأكد باسم المجموعة العربية ضرورة تفعيل مجلس الأمن لآليات الرقابة الدولية لضمان وصول المساعدات بشكل آمن ومستدام إلى جميع الفلسطينيين المحتاجين وضرورة تعزيز الجهود الدولية لضمان حماية المدنيين الفلسطينيين وتلبية احتياجاتهم الأساسية بشكل فوري وفعال.
وأكد في هذا الإطار على أهمية الدور الإنساني الذي تضطلع به وكالة الأونروا في غزة والذي قال إنه لا يمكن استبداله بأي جهة أخرى، وشدد على أهمية ضمان استمرارها في تأدية خدماتها الحيوية.
فرنسا: مستقبل غزة لا يمكن فصله عن تسوية سياسية شاملة للصراع
وأعرب الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة جيروم بونافو، عن إدانة بلاده للغارات الإسرائيلية على قطاع غزة. ودعا إلى "وقف فوري للأعمال العدائية" التي قال إنها "تقوض جهود الإفراج عن الرهائن وتهدد حياة السكان المدنيين في غزة".
وأكد أنه يتعين على جميع الأطراف العودة إلى احترام وقف إطلاق النار بكامله والانخراط في مفاوضات حسنة النية لإدامته.
وأضاف: "ندعو السلطات الإسرائيلية إلى حماية جميع المدنيين بشكل دائم وإعادة الوصول إلى المياه والكهرباء، وإلى رفع العقبات التي تعترض دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة على الفور".
وأعرب بونافو عن ترحيب بلاده باقتراح خطة إعادة إعمار غزة التي قدمتها الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، خلال قمة القاهرة في 4 آذار/مارس الماضي. وحث جميع الأطراف على الاستفادة من نقاط قوة هذه الخطة للمضي قدما، لا سيما بشأن قضايا الأمن والحوكمة.
وأكد السفير الفرنسي أن مستقبل غزة لا يمكن فصله عن تسوية سياسية شاملة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وتحقيقا لهذا الهدف، قال السفير الفرنسي إن بلاده ستشارك في رئاسة مؤتمر دولي في نيويورك في حزيران/يونيو 2025 مع المملكة العربية السعودية حول تنفيذ حل الدولتين.
وأضاف: "هذا هو السبيل الوحيد لتمكين الإسرائيليين والفلسطينيين من العيش جنبا إلى جنب في سلام وأمان".
روسيا: على مجلس الأمن فعل كل ما في وسعه لضمان استئناف وقف إطلاق النار
وقال نائب المندوب الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي، إنه عندما طلبت الجزائر والصومال عقد هذا الاجتماع، "ربما لم يخطر ببالهما أن الوضع سيزداد سوءا عشية الاجتماع، وأن جميع اتفاقات وقف إطلاق النار ستُلغى عمليا".
وأضاف بوليانسكي أن بلاده لديها "معلومات عن مقتل أكثر من 400 شخص" مع استئناف الاحتلال الإسرائيلي قصفه، وأن جيش الاحتلال "يستعد لعملية برية في القطاع".
وقال إن ما تفعله إسرائيل "أعادنا إلى حالة من عدم اليقين"، ليس فقط فيما يتعلق بوضع الفلسطينيين، ولكن أيضا فيما يتعلق بالرهائن الإسرائيليين وعائلاتهم. وأكد أن على مجلس الأمن فعل كل ما في وسعه لضمان استئناف وقف إطلاق النار.
وذكر أن على المجلس أن يتعلم "الدرس المرير" من عدم قدرته على اتخاذ قرار بشأن وقف إطلاق النار في السابق، ويجب على أعضائه "عدم تكرار ذلك، لأنه لا توجد اعتبارات سياسية يمكن أن تبرر مثل هذا التأخير الذي أدى إلى فقدان عدد كبير من الأرواح".
وأعرب السفير الروسي عن قلقه البالغ إزاء استمرار الهجوم على الأونروا، والذي قال إنه "سياسي بطبيعته". وقال إن الهيئات الإنسانية الأممية أثبتت قدرتها على العمل بفعالية في القطاع ويجب دعمها.
وأضاف: "لا ينبغي استخدام معاناة الناس كسلاح حرب أو ابتزاز أو أداة للتأثير…ومع ذلك فهذا بالضبط ما يحدث".