أمد/
في قلب المعركة المفتوحة على غزة حيث تستهدف الارض والانسان تبرز مصر بقوة كمركز ثقل اقليمي وصاحب موقف اخلاقي ووطني ثابت من قضايا امتها العربية وفي المقدمة منها القضية الفلسطينية وبينما تسعى اسرائيل وبدعم امريكي مباشر الى فرض واقع جديد يتجاوز القضاء على حماس ويهدف الى تفريغ قطاع غزة من سكانه وتصفية القضية الفلسطينية واعادة هندسة المشهد الجغرافي والسياسي للمنطقة كانت القاهرة كعادتها السد العربي المنيع امام محاولات التهجير وتصفية القضية الفلسطينية
المخطط الامريكي الاسرائيلي لا يقتصر على العمليات العسكرية بل يمتد الى محاولات الضغط على دول الجوار وعلى راسها مصر والاردن من اجل استيعاب الاف المهجرين الفلسطينيين عبر سياسة الترغيب والترهيب لكن مصر رغم التحديات الاقتصادية التي تمر بها اثبتت انها ليست دولة قابلة للابتزاز ولا طرفا هشا في المعادلة الاقليمية بل قوة اقليمية راسخة تتمسك بثوابتها التاريخية وامنها القومي دون مساومة
صمود مصر في وجه الابتزاز
في محاولة لتسويق سيناء كارض بديلة للفلسطينيين عرضت الولايات المتحدة عبر وسطاء صفقة تتضمن حوافز مالية واقتصادية ضخمة من اعفاءات في الديون الى تسهيلات من مؤسسات دولية ودعم من دول غربية وفي المقابل لو رفضت مصر فالعقوبات جاهزة تضييق اقتصادي وتهديدات بوقف المعونة العسكرية وتحريض اعلامي غربي واسرائيلي متواصل
لكن مصر بكل وضوح وصرامة رفضت هذه الضغوط وقالت الدولة المصرية قيادة وشعبا كلمتها لا للتهجير لا لتصفية القضية الفلسطينية لا لتفريغ غزة من اهلها ولا للمساس بذرة تراب من ارض سيناء هذا الموقف لم يكن مجرد رد فعل بل اعلان مبادئ يؤكد ان مصر لا تخضع ولا تساوم على الهوية ولا تنكسر امام الضغوط
مصر لن تبيع ولن تخون
مصر لم تعلن فقط رفضها للتهجير بل قالت للعالم بوضوح وثبات ان غزة ليست للبيع وسيناء ليست البديل وفي زمن تتاكل فيه المبادئ ويساوم فيه على الحقوق تثبت مصر ان الدولة القوية ليست بما تملك من السلاح فقط بل بما تملك من ارادة شعبية مستنيرة وواعية تحمي ثوابتها وقضايا امتها العربية من الانكسار
الموقف المصري ارادة دولة وتلاحم شعب
ما يجري ليس قرارا حكوميا فقط بل هو موقف وطني شامل من القاهرة الى العريش ومن مرسى مطروح الى اسوان من النخب الفكرية الى المواطن العادي كان الموقف الشعبي داعما وبقوة للقيادة السياسية والجيش المصري العظيم ولثبات الدولة رافضا لاية محاولة للمساس بالثوابت الوطنية سيناء ليست ارضا للتنازل وغزة ليست عبئا للتفريغ والبيع وفلسطين ليست قضية تغلق بصفقة
القيادة السياسية والاعلام المصري ومراكز الفكر والرأي العام عبروا عن موقف وطني جامع مصر لن تبيع كرامتها ولن تخون تاريخها ولن تستدرج لسيناريو يطعن في كرامتها القومية او يساوم على القضية الفلسطينية
مصر في مواقفها اوضحت الاتي لا لاي تغيير ديموغرافي يخدم الاحتلال الاسرائيلي لا لتحويل القضية الفلسطينية الى ملف انساني بارد ومفصول عن جوهره السياسي والتاريخي نعم لاعادة اعمار غزة من الداخل وبايدي فلسطينية لا عبر افراغها او تهجير اهلها الى سيناء نعم لحق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة على حدود عام الف وتسعمائة وسبعة وستين وعاصمتها القدس الشرقية
مصر في مواجهة مشروع التصفية
ما تسعى اليه واشنطن وتل ابيب لا يقف عند حدود نزع سلاح فصيل او اخماد جبهة مقاومة بل هو مشروع متكامل يهدف الى تصفية فلسطين كقضية وتفريغ غزة من سكانها وابتلاع الضفة الغربية بالاستيطان والضم واعادة تعريف حدود الدول وتوازن القوى في الاقليم وادوات هذا المشروع متعددة وهي الحصار التهجير الضغط الاقتصادي والتسويات المفروضة والتطبيع والقضاء على المقاومة
لكن هذا المشروع اصطدم بجدار من الوعي الوطني المصري والعربي بدأ من القاهرة وتوسع ليحرج العواصم الغربية ويضع المنطقة امام خيارين اما الحفاظ على الكرامة والمبادئ او الوقوع في مستنقع الانهيار الاخلاقي والتاريخي
اي ترتيبات سياسية في المنطقة لن تمر الا عبر البوابة المصرية
وفي هذا السياق بات واضحا من الموقف المصري المعلن والمدعوم شعبيا ان اي ترتيبات سياسية تخص مستقبل غزة او تعيد تشكيل التوازنات في المنطقة لن تمر الا عبر البوابة المصرية ووفق رؤية تحفظ الحقوق الفلسطينية المشروعة وتحمي الامن القومي المصري والعربي على السواء فمصر ليست مجرد طرف محايد بل هي محور اقليمي مؤثر واي محاولة لتجاوزها او تحييدها عن المشهد ستجهض قبل ان تولد
كرامة الشعوب لا تقايض وان ثوابت الامة لا تباع
ما يجري في غزة اليوم هو معركة على الوعي وعلى السيادة وعلى الحق وموقف مصر لم يكن لحظة سياسية عابرة بل هو اعلان مستمر بان كرامة الشعوب لا تقايض وان ثوابت الامة لا تباع وان من يفرط اليوم في الارض لن يملك غدا حتى الصمت
*نائب رئيس تحرير وكالة انباء الشرق الاوسط