وفاء حميد
أمد/ بعد اضطهاد ونفور كان يعانيه اليهود المنتشرين في كل اوروبا، كان لابد لهم من الهروب الى مكان آمن تسلم فيها حياتهم وارواحهم، خاصة بعد محرقة الهولوكوست، فكان لجؤوهم إلى ارض المقدسات فلسطين، وبعد كل ماوجدوه من احتضان من هذا الشعب المسالم، كان رد المعروف التنكيل بهم وإخراجهم وتشريدهم من أرضهم، مدعين أنها ارضهم ، وعد الله لهم ” ارض الميعاد”، وقبعوا فيها بدعم غربي أميركي استعماري يوافق اغراضها الاستعمارية مع حاجتهم لايجاد وطن لهم…..
ومن بعدها استمر الجرح ينزف، والمنابر تصدح بالبيانات والتصريحات استنكارا لجرائم عدو غاشم باطفال ونساء وشيوخ صاروا أشلاء، وكانت آخر مجازرهم بعد مواجهة قاسمة من المقاومة، في وجه الاحتلال الصهيوني دكت صفوفهم وجيشهم بالهزائم المتتالية، بعد حرب /7/ اكتوبر، بالرد على هؤلاء الأبرياء، باغتيالهم محاصرين داخل حلقة نار، في خيامهم من خرج منها مقتول، ومن بقي داخلها مقتول…
فكان القصف الصهيوني الذي طال خيام النازحين قرب مقر الاونروا في رفح، جنوبي قطاع غزة، في منطقة أعلن فيها الكيان المحتل منطقة آمنة، تزامنت هذه الجريمة البشعة مع إعلان محكمة العدل الدولية ، على “إسرائيل ” أن توقف هجومها العسكري أو أي أعمال أخرى في رفح، مؤكدة على الخطر الذي سيلحق بالشعب الفلسطيني، ويعتبر هذا الهجوم، هو أحد أكثر الحوادث دموية فى الحرب التي استمرت ثمانية أشهر حتى الآن، بعد يومين من أمر محكمة العدل الدولية فى لاهاي، التى تتولى التحكيم بين الدول, بوقف عمليتها فى رفح على الفور…
فقد أدى هذا الهجوم الإسرائيلى إلى فرار ما يقرب من مليون فلسطينى من جنوب مدينة غزة، ونزح معظمهم بالفعل عدة مرات خلال الحرب المستمرة منذ ما يقرب من ثمانية شهور فى غزة، والتى تهدف إلى تدمير حماس ولكنها دمرت المنطقة وتسببت فى مجاعة، وفقا للأمم المتحدة، محرقة هربوا منها باللجؤ الى بلد أمن فاحرقوهم في قعر ديارهم ، فما كان من تصريحات البيت الأبيض أنه مايزال المسؤولون يقيمون ما اذا كانت الضربات الإسرائيلية التى استهدفت مخيم للاجئين فى مدينة رفح، تمثل انتهاكا لـ “الخط الأحمر” ،
وفي بيان ادعى الكيان الصهيوني ، “أنه تم تنفيذ الضربة ضد أهداف مشروعة بموجب القانون الدولي، من خلال استخدام ذخائر محددة، وعلى أساس معلومات استخبارية دقيقة، تشير إلى استخدام حماس للمنطقة”.
يجد الكيان الصهيوني نفسه فوق كل قانون، كيف لا ومن يدعمه هي ام الإرهاب، التي لن تتنازل عن أهدافها الاستعمارية، وبصمت مذل من معظم الدول العربية، امام هذه المحرقة، فلو كانت دولة عربية تصنع هذا الإجرام بدولة اروبية، لاتحدت الدول كلها ضدها واعلنت محكمة العدل الدولية عليها تطبيق الفصل السابع، وادرجتها على قائمة الإرهاب، لكن إصرار وصمود هذا الشعب المعجزة الذي صدم العالم بثباته سيحرر أرضه قريبا .
إسرائيل في مواجهة المجهول …
نيران تغلي وغضب يتوهج كل يوم في حكومة الكيان وجمهوره الناقم عليه ، ممايجري بعد حرب اكتوبر ، إسرائيل تتوعد واميركا تدعم والعدوان مستمر ولم يتمكن من تحقيق أهدافه ، ومازالت المقاومة قادرة على الصمود كان آخرها عملياتها “الزنة” في 6 نيسان/ التي خسر فيها 14 جنديا و18 جريحا وثلاث دبابات، بحسب مصادر المقاومة …
هذا يدل على أن الحرب أصبحت عبئا ثقيلا على كاهل الاحتلال وهذا ماتثبته الوقائع على أرض الميدان ..
– فشل الاحتلال في القضاءعلى المقاومة التي مازالت تمتلك الشعبية والاحتواء من قبل ابنائها ..
– عجزه عن تحرير أسراه ..
– فشله في “كي الوعي” لدى الشعب الحاضن للمقاومة رغم جرائمه البشعة والفاشية بحق النساء والأطفال والشيوخ …
– عدم تمكنه من ايجاد سلطة بديلة عن حماس ، لتأمين الأمن للكيان على غلاف غزة …
– خطته في حربه على رفح التي اجلها عدة مرات لكون احتمالات الفشل فيها كبيرة ، وهذا ماجعله يتردد خوفا من وقوعه في ” مأزق آخر ” بعد حرب غزة …
الحرب طالت على قطاع غزة بلا أي أفق للقضاء على قوى المقاومة. وتحولت الحرب و”إسرائيل” من قيمة استراتيجية ، إلى عبء عسكري ومالي وسياسي وإعلامي و”أخلاقي” هذا إن وجدت اخلاق ، إضافة إلى مشاكلها الداخلية وتزايد الشعور لدى الاستيطان الصهيوني والأحزاب السياسية، أن نتنياهو يسعى لإطالة أمد الحرب لحسابات شخصية مرتبطة ببقائه في الحكم، والهرب من استحقاق انتهاء حياته السياسية أو دخوله السجن …
نستنتج مما سبق ، أن العدوان يخوض في “مستنقع” لا يعرف كيف يخرج منه، وان الوقائع ابعد مما يظن ، والمقاومة مازالت تملك القدرة على المواصلة الاستمرار في أدائها الفعال، لإجبار الاحتلال على النزول من بروجه الواهية الواهية والاستجابة لشروطها في وقف الحرب وتبادل الأسرى وانسحاب الاحتلال ، ليكن مستقبل غزة بيد أبنائها فقط . فقط صرح محللون إسرائيليون: ما لا نقبله اليوم سنقبله غدا في صفقة التبادل والسنوار يعصرنا كليمونة ! ليبقى السؤال هنا هل سيرضخ الكيان لشروط المقاومة على أنه الحل الوحيد للخروج من مستنقع فشله ..؟ ام سيستمر في غرقه ليرسم واقعه المحتوم في نهايته …؟