ألاء ماجد
أمد/ يترقب أهالي قطاع غزة، الرد الإسرائيلي على تعديلات حركة حماس التي أدخلتها على مقترح باريس لوقف اطلاق النار في القطاع المدمر، في ظل الألم الشديد وغير المسبوق جراء الوحشية الإسرائيلية، بعد ترقب لأكثر من أسبوع على رد حماس وفصائل غزة، والتي أظهرت بشكل لا مبرر له أنها بعيدة كل البعد عن أمر شعبها، بذريعة أن ما هو مطروح يصب في مصلحة العدو.
وفي ظل حالة الترقب الفلسطينية، يطفو على السطح العديد من الأسئلة والتوقعات حول شكل شهر رمضان المبارك هذا العام والذي لم يعد يفصلنا عنه سوى شهر تقريبا، على أهالي القطاع والضفة الغربية على حد سواء، هل سيصومون في ظل الحرب ام سيكون هناك هدوء؟
هناك ترقب كبير في غزة للتوصل الى اتفاق يوقف اطلاق النار قبل شهر رمضان، يؤدي الى اطلاق سراح الأسرى والسماح لهم بالاحتفال مع عائلاتهم، في ظل حالة السخط الشديد من قيادة حماس جراء استمرار القتال حتى الآن، وحالة السخط الأشد التي ستكون خلال شهر رمضان.
ومن حق الشعب الفلسطيني أن يعرب عن تخوفاته من الطريقة التي سيحتفل بها بالعيد هذا العام في ظل الحرب الضروس التي ألحقت دمارا كبيرا بهم وببيوتهم، والذي ليس من المؤكد -حتى اللحظة على الأقل- أنهم سيعيشون أجواء رمضان الروحانية كما كل عام، أو الاحتفال بالعيد مثل شعوب العالم أجمع.
لقد ولّد هجوم السابع من أكتوبر على اسرائيل، إدراكا مختلفا لدى الشعب الفلسطيني تجاه حركة حماس والجهاد الإسلامي، لا بد أن يفتح على نظرة مختلفة للنزاع القائم، وما ستؤول اليه الأمور بعدما تضع الحرب أوزارها.
في علم السياسية هذا له تداعياته الكبرى، فالحرب لابد وأن تولّد جديدها ارتباطا بأحداثها، وفي إشارة للادراك المختلف للشعب الفلسطيني، فقد بدت حالة السخط تطفو الى السطح، ليس بالضرورة أن تنجح هذه الحالة في اسقاط حكم حماس المستمر للقطاع منذ 17 عاما، ولكنها تشير لذلك الادراك.
ولم يكن من المصادفة أيضا أن يعلن قادة حماس في أكثر لحظات غزة إشكالية، عن بعض المرونة التي لم تكن في أول أيام الحرب، لتبدأ بوضع سياستها المتوازنة وسط رياح عاصفة بدأت تصل للمجتمع الفلسطيني وسترتد على حماس بعد الحرب.
ان المأساة الإنسانية في غزة تتفاقم، والبرد والجوع والمرض يجلد الغزيين طوال الوقت بسياط اللامبالاة الحمساوية والكونية أيضا، والتي كانت تستطيع أن تحمي شعبها من حرب لا أهداف استراتيجية من ورائها سوى العودة الى ما قبل 7 أكتوبر، في أغلب مطالبها، فلماذا كانت الحرب أصلا؟
ويقف قادة الحركة كما قادة العالم أيضا متفرجين تجاه أسوأ مأساة إنسانية، في مشهد لن تنساه الذاكرة الغزية لعقود طويلة، فلو أفاق قادة حماس الأن ليوقفوا تلك المأساة سيكونون قد تأخروا فعليا، فقد تم تدمير كل شيء هناك، ومن تبقى حيا سيحمل جرحا في روحه الى الأبد.
ربما يحتاج الأمر أجيال كثيرة من أبناء الغزيين، حتى ينسون أن هناك حركة مقاومة كانت تعدهم بأن لديها ترسانة عسكرية لن تستطيع إسرائيل مجابهتها، وأنها تنتظر أي حرب برية لايقاع خسائر كبيرة جدا بالجيش الإسرائيلي، وأنه لن يستطيع الجيش من دخول المناطق المأهولة، من جباليا شمالا مرورا بمدينة غزة، وليس انتهاء بخانيونس، لكنها خذلتهم في لحظة الحقيقة، تلك هي الحقيقة الجلية الآن.
كان لحرب غزة أن تلقي بكل الأسئلة دفعة واحدة في عقول الفلسطينيين، سيحاول قادة حماس التملص من تلك الأسئلة، غير أن التاريخ لا ينتظر، وكما يقولون أن زيت التاريخ هو الدمـ وقد سالت الكثير من الدماء في غزة، كافة لتجرف صخرة العناد الحمساوي الذي أصر على استمرار الموت.
حماس اكتشفت بعد أربعة شهور من الحرب أن عليها إيجاد حلا نهائيا بعد أن جرب الحلول الترقيعية طوال الحرب، لكن الحرب قالت كلمتها الجديدة لتتردد أصداؤها في أروقة قيادة حماس وكافة الفصائل، واقع الحرب هو من يصنع السياسة هكذا تسير الأمور وهذه هي حكمة التاريخ.
ولعل ما تخشاه حماس حاليا هو ما بعد الحرب، ولكن ما يريده الفلسطينيون الآن هو وقف الحرب وعيش أجواء رمضان الروحانية والاحتفال ولو شكليا بالعيد المقبل، فهل سيعيش شعبنا أجواء رمضان عادية، أم أنه سيواصل العيش تحت ضربات الصواريخ والمدافع والبرد القارس؟ هذا ما ستحدده الأيام المقبلة..