عبدالعزيز آل زايد
أمد/ يعاني البشر الكثير من الأمراض، وهي على أنواع، قد يتعافى الفرد من بعضها، حين يطرق باب الطبيب، إلا أنّ البعض الآخر منها يتربع على القلوب ولا يتزحزح، فتستمر المعاناة، وتستدام المعضِّلة، نخص بالذكر -في هذه العجالة- الأمراض والعقد النفسيّة، نعتقد أنّ هذا الصنف من الأمراض هو الأكثر فتكًا، إذا ما قورن بالأمراض العضوية الملموسة والمدركة، ومع الأسف الشديد، أغلب مجتمعاتنا الشرقية تعاني من هذا اللون، ومع ذلك لا تطلب له علاجًا، وكأنّ الأمر ليس مرضًا يُستَطب، بل قد يتحرج المُعْتَلّ من مجرد عَرْض المشكلة!!، فهل فكر المَعْلُول النفسي من اللجوء لطبيب مختص يعالج ويلاته؟، أم أنّ الإحجام عن طرق هذه العيادات أصبح ديدنًا وشامة مستدامة، رغم أنّ العيادات النفسيّة مُشَرَّعة للجميع، وبعضها مفتوحة على مدار الساعة، وبالإمكان طلب الاستشارات (عن بعد) ونحن متكئين على الأرائك والوسائد، وفي غرف المخدع، السؤال المُلِحّ: لماذا لا نطرق باب المعالجة النفسية؟، رغم حاجتنا الماسة لها، هذه العيادات ليست للشؤون العقلية فقط، فهل فكرنا يومًا في المكاشفة للطبيب المختص؛ قبل أن تتفاقم المشاكل وتتعاظم، في الآونة الأخيرة قضيتُ وقتًا ثمينًا ورائعًا في ضيافة كتاب: (عقدك النفسية سجنك الأبدي)، وهو كتاب جميل بديع للكاتب: يوسف الحسني، وبعد الفراغ منه دوّنتُ مراجعتي، وهذا نصها: “نهتم بغذاء الجسد، وكذلك قد نهتم بغذاء العقل، ولكن ماذا عن النفس؟، يصاب الكثير منا بمطبات واحباطات نفسية وعقد متعددة، دون أن نسعى لطلب العلاج، زيارة الطبيب النفسي ليست للمجانين فقط، فكيف السبيل للتعافي النفسي؟”، كثير منا لا يعي أهمية زيارة هذا الاخصائي، وكثير منا في حاجة ماسة لتلك الزيارة، لكن لسان الحال يقول: “لَا مِسَاسَ”، فتراه يولي هاربًا ولا يعقب، مع أنّ العقد تنخر حتى النخاع، عقد نفسية في العلاقات، في العمل، في المال، في السلطة، في الحبّ، وتطول قائمة تلك العقد، أظن أنّ مجتمعاتنا العربية تحتاج للكثير من التوعية النفسية، ليس عيبًا أن نزور المختصين لطلب العلاج أو المشورة، بالفعل نحتاج لزيادة منسوب الوعي؛ لتخليص هذا العالم مما يعانونه من عقد وأزمات نفسية متعددة، الاستقرار النفسي نعمة كبيرة لا يدركها إلا من فقد تاجها، وما أكثر الصامتين، وهم يغرقون في رحم المعاناة، هناك الكثير من الناس يعانون، ولا يزالون في جحيم: (الوسواس القهري، الرهاب، الاكتئاب، الإدمان، شره الطعام، فقد الشهية، وغيرها كثير)، هل ندرك جيدًا أنّ هناك جنايات وقعت في حقنا أيام الطفولة؟، مضلعات خطرة تعرضنا لها في الصغر، سببت لنا المعاناة، واستمرت معنا لأعمار متقدمة، وربما كان العلاج لحظة قرار في قطع موعد لزيارة طبيب، كتاب “عقدك النفسية سجنك الأبدي”، فتح لنا الطريق لمعرفة كثير من تلك الأزمات التي ترتبط بالعلاقات، نحتاج فعلًا لوعي، وقد تكون القداحة قراءة كتاب، أو تأمل سطور قصيرة، ستفتح لنا شهيّة طلب الاستشفاء للتعافي، وليس عيبًا طلب المُعَافاة.