معاذ خلف
أمد/ الحروب نوع من أنواع العلاقات الدولية ، بعضها يكون شرعيا من وجهة نظر القانون الدولي ، و البعض الأخر غير شرعي ، وتكمن الشرعية من عدم الشرعية هنا وفقا للمصالح الأمريكية الغربية ، فإن كانت الدولة الغائرة حليف للولايات المتحدة الأمريكية فهنا سيضفي العالم شيئا من الشرعية على تلك الحرب ، و ان كنت عدو او حتى محايد فسيطبق عليك القانون الدولي أنك دولة معتدية ، كما حدث بعد غزو روسيا لأوكرانيا ، و كما حدث تماما في هجوم السابع من اكتوبر من قبل المقاومة الفلسطينية على الكيان الإسرائيلي .
لكل حرب اهداف تنتهي بتحقيقها ، ولعل هجوم السابع من أكتوبر لم يحقق اهدافه المباشرة بوقف اقتحام المستوطنين للأقصى و رفع الحصار ولكن وفقا للإمكانيات المحدودة أمام آلة الحرب الإسرائيلية فقد حقق نتائج هامة ، فالمؤشرات الأولية تخبرنا عن تكبيد العدو خسائر بشرية من القوات الصهيونية في غلاف غزة ، و إتلاف اعداد لا بأس بها من المعدات و الاليات العسكرية ، وتدمير الوحدة الصهيونية المكلفة بإدارة الحرب والحصار على قطاع غزة ، إضافة لحصول عناصر المقاومة الفلسطينية على أجهزة و حواسيب تحوي معلومات استخبارية عن الجيش الإسرائيلي ومعلومات مرصودة عن الفلسطينيين و المنطقة العربية ، و أسر مئات الصهاينة و اخفائهم ، و الأهم من ذلك هو أن الهجوم دمر اسطورة الدفاع الإسرائلية و ازاح قوة الردع الصهيونية الى غير رجعة ، و رغم ان هذا لا يمكن ان يتضح الأن ولكنه حتما سيصبح جليا امام العالم بعد انتهاء الحرب بوقت قصير .
لم يستطيع ناتنياهو تحقيق اهدافه المعلنة ايضا بالقضاء على حماس و استعادة الأسرى ، الكيان الإسرائيلي و الذي غالبا ما يستخدم الإستراتيجية القومية للحرب و مفهوم الحرب الشاملة في سبيل تحقيق الاهداف السياسية و كما عرفها “اندريه بوفر” بانها “الفن المنطقي لإستخدام القوى لتحقيق الإرادات” فقد خسر معركته .
– كانت البداية في أول يوم من الحرب عندما قام بقصف تجمعات المستوطنين في غلاف غزة للخلاص من العناصر المتسللة للمقاومة الفلسطينية بحسب شهود عيان و كان هذا اول فشل ،
– تلا ذلك إستخدام اهوج و مفرط للقوة ، واستخدام سياسة الارض المحروقة ، و إهدار الكثير من دماء اطفال و نساء غزة ، و كانت النتيجة تدمير 75% من قطاع غزة ، و قتل حوالي 35000 فلسطيني اغلبهم لا علاقة له بالمقاومة الفلسطينية وهذا التصرف الجنوني لم يفضي بناتنياهو لأي هدف من اهدافه فهو لم يركع المقاومة ، ولم يستعيد أسراه ، وكان هذا فشل أخر !
– ثم ملاحقة الأسرى الإسرائيليين لقتلهم ، حتى وان لم يعلن ناتنياهو ذلك ، فهذا كان واضحا من خلال سير المعارك و أماكن الإستهداف ، فكل مربع سكني تم ابلاغ الإسرائيليين انه قد يوجد به أسير اسرائيلي تم مسحه من على وجه الأرض ، فقد قتلت اسرائيل مايزيد عن 70 اسير اسرائيلي منذ بداية الحرب ، و عندما لم تبقى الا رفح لإجتياحها أصبح الحديث بشكل علني على مواقع التواصل الإجتماعي بين الإعلاميين الإسرائيليين عن امكانية الإستغناء عن باقي الأسرى لدى المقاومة واعتبارهم قتلى في سبيل اجتياح رفح ، و هذا فشل أخر !
– انطلاق المظاهرات المناهضة و الكارهه لإسرائيل في كافة انحاء العالم بما فيها الدول الحليفة والراعية لها ، وقد تتحول تلك المظاهرات لإنتفاضة قريبا تنديدا بعملية الإبادة الجماعية في غزة التي وصلت الى حد التطهير العرقي ، اضافة للمظاهرات اللاسلمية في الأراضي المحتلة من قبل الصهاينة المطالبين بعودة ذويهم من الأسرى.
– ملاحقة الجنائية الدولية للقادة الصهاينة وتوقع في ان يصدر بحقهم خلال ايام مذكرة اعتقال .
و هنا ماذا تبقى لدى ناتنياهو من اوراق قوة وضغط حتى يحقق اهدافه ؟ فقد استنفذ منذ اليوم الاول كافة اوراق قوته دفعه واحدة ولم يترك شيئا ليصعد به عند الحاجة ، فقد قتل المدنيين ، و دمر الأبراج والمنازل السكنية ، و الجوامع ، و المستشفيات ، و الجامعات ، ولم يتبقى له سوى اقتحام رفح ، رفح التي جعلها هدف “وهمي” ليقنع الشعب الإسرائيلي بأن النصر سيتحقق عند اجتياحها ويطيل من عمره السياسي الذي حكم عليه بالإعدام من أول يوم في الحرب ، و في الحقيقة أنه ليس هناك ثمة نصر يلوح في الأفق ، بل زيادة الطين بله!
“لم يقضي ناتنياهو على المقاومة الفلسطينية ولازالت جميع الفصائل تعمل ، و لم يستعيد اسراه ، ولم يهجر أهل غزة ، ولم يستطيع تركيع حماس و الحصول على استسلامها ، و الاهم من ذلك انه لم يتبقى لديه ما يفعله بقطاع غزة وبأهله الصابرين حتى ينال النصر ، بل هزيمة نكراء لحقت به !”.