حسيب شحادة
أمد/ في كلّ عيد ميلاد، منذ زُهاء ثلاثة عقود، وأنا شاهد عِيان على صفّ طويل من شجيرات لعيد الميلاد مصفوفة للبيع بجانب سوبر ماركت الحيّ الذي أسكن فيه. تُباع معظمها، وما تبقّى يتكفّل به صاحبها أو أصحابها. في العيد الماضي، قبل أربعة أشهر بالتقريب، لاحظتُ بعد حُلول العيد المجيد بأيّام وأيّام، بأنّ شجرة يتيمة ما زالت قابعةً في جانب المتجر. بقيت تلك الشجرة على حالها بعد مُضيّ بضعة أسابيعَ. ذات يوم، حين كنت كعادتي ماشيًا بالقرب من المتجر المذكور، عرّجت نحو تلك الشجرة لأعرف ما خطْبُها. عاكسات ضوء كثيرة بألوان متعدّدة، كانت تتدلّى من أغصانها، وكلّ واحدة منها مربوطة بخيط وبرأسه دبّؤس. وثمّة كالعادة بمثل هذه الحالات، كان هناك إعلان صغير كُتب عليه ما معناه: تستطيع أن تأخذ! وهكذا فعلت، لم ”أُفشِّل“ فاعل الخير. فعاكسات الضوء غرضٌ شائع وضروريّ في فنلندا، لا سيّما في غُضون فصل الشتاء الطويل والمعتم جدًّا. وسُرعان ما تبيّن لي بعد استفسار أوليّ بأنّ أحد جيران السوبرماركت كان من وراء ما جذب عينيّ مدّة أيّام كثيرة متتالية. هدفَ ذلك الجار الناشطُ سياسيًّا إلى اقتناص بعض الأصوات لصالح حزبه في الانتخابات لرئاسة الجمهوريّة الفنلنديّة. مرشَّح حزب الجار قد فاز في الجولة الثانية؛ أنا لم أُصوّت له بسبب أفكاره اليمينيّة، فرئيس الحكومة ورئيس الجمهوريّة ينتميان للحزب ذاته. يقولون لا دخانَ بلا نار، وقد يكون هذا صائبًا في الكثير من الحالات. بعد اختراع السيچارة الإلكترونيّة، كفاكمُ الله لهيبها وشرّها، ثمّة دخان بلا نار، كما أنّ هناك نارًا في القلوب مثلًا ولا دخان لها.