وسام زغبر
أمد/ ليس سهلاً إنجاز أية عملية ديمقراطية بأكملها وصولاً إلى تجديد الهيئات القيادية في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية التي يشهدها قطاع غزة وتدخل شهرها الثامن على التوالي وراح ضحيتها أكثر من 120 ألفاً ما بين شهيد ومفقود وجريح.
ولكن طبيعة المرحلة النضالية بكافة تعقيداتها التي يمر بها شعبنا الفلسطيني تتطلب من حركات التحرر الوطني إنجاز مهماتها النضالية وترتيب أوضاعها التنظيمية بما يساهم في تحمل أعباء المرحلة البالغة الصعوبة، لذلك وقعت على الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين مسؤولية كبرى لاستكمال إنجاز أعمال مؤتمرها الوطني الثامن التي بدأته في نيسان «ابريل» من العام 2023 وحتى شهر نيسان «ابريل» 2024 بانتخاب لجنة مركزية جديدة انتخبت بدورها الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً، والرفيقين ماجدة المصري وعلي فيصل نائبين له، وسائر أعضاء المكتب السياسي، كما سمٌت اللجنة المركزية القائد الوطني الكبير الرفيق نايف حواتمة رئيساً للجبهة الديمقراطية في موقف يعبر عن الوفاء لمؤسسها وأحد قادة حركات التحرر في العالم الثالث وكبار مؤسسي الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة و م.ت.ف.
إن المؤتمر الوطني الثامن للجبهة الديمقراطية أولى أهمية فائقة في تشبيب هيئات الحزب ومنظماته، حيث أولى اهتماماً مميزاً لدور الشباب والمرأة في تولي مواقع قيادية في منظمات الجبهة ومؤسساتها، فيما آثر عدد من مؤسسي الجبهة الديمقراطية وأعضاء في مكتبها السياسي التخلي عن مواقعهم القيادية دون التخلي عن دورهم النضالي، ما أفسح المجال لإدخال عناصر شابة ونسائية إلى اللجنة المركزية ومكتبها السياسي، حيث بلغت نسبة تمثيل المرأة 20% والشباب 25% في اللجنة المركزية، ونسبة تمثيل المرأة 22% والشباب 14% في المكتب السياسي إضافة إلى توسيع الأطر القيادية لأقاليمها الممتدة في القارات الخمس.
ما يميز المؤتمر الوطني الثامن للجبهة الديمقراطية الذي رفع شعار «الوحدة والمقاومة» ليس بانجاز عمليته الديمقراطية وانتخاب هيئاته الحزبية ولجنة مركزية وأميناً عاماً للجبهة فحسب، بل بمخرجاته من خلال إصدار وثائق المؤتمر بموضوعاته السياسية وبلاغه الختامي اللذين شكلا مبادرة ورؤية سياسية واضحة المعالم لعموم الحركة الوطنية الفلسطينية وشعبنا الفلسطيني والذي يواجه حرب الإبادة الجماعية وأهدافها لإنهاء القضية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني بدعم وإسناد كبيرين من الولايات المتحدة الأميركية وصمت واسع من المجتمع الدولي وعدد من الدول العربية والإسلامية.
وبالعودة إلى شعار المؤتمر «الوحدة والمقاومة» باعتبارهما شرطان لا غنى عنهما ولكن المؤتمر لم يربط بين عنصري الوحدة والمقاومة كشرطين متلازمين، فالوحدة هي شرط قائم بذاته بغض النظر عن أساليب النضال ووسائله، والمقاومة هي عنصر لازم، حتى ولو لم نصل بعد إلى الوحدة، والربط بينهما سيبقى مهمة نضالية ملقاة على عاتق الحركة الوطنية والفعاليات الشعبية، باعتبارهما الشرط اللازم لكسر الهجمة الأميركية – الإسرائيلية على شعبنا، ومواجهة الاحتلال والاستيطان ومشاريع الضم، وصون الحقوق الوطنية الفلسطينية بما في ذلك إحباط أهداف حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال على شعبنا في القطاع، وبدأت تتمدد إلى الضفة الغربية.
إن المؤتمر بكل ما حمله من عناوين وموضوعات سياسية هامة ولا سيما شعاره الذي جمع بين الوحدة والمقاومة، ولا سيما أن الحالة الوطنية الفلسطينية خطت خطوة شديدة الأهمية تشكل عاملاً مهماً في إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، والذي شكٌل بدوره البرنامج الوطني الفلسطيني الذي يحظى بإجماع وطني كبير أساساً من الوحدة الداخلية المنشودة وإنهاء الانقسام، وهو الذي شق طريقه بتضحيات أبناء شعبنا الفلسطيني في نضاله الدائم والدؤوب وثباته وتماسكه، ورفضه كافة المشاريع البديلة، أياً كان مصدرها.
إن الرؤية السياسية التي قدمتها الجبهة الديمقراطية لعموم الحركة الوطنية الفلسطينية تدعو إلى العودة إلى المؤسسات الوطنية عبر عملية ديمقراطية تقوم على الانتخابات الشفافة والنزيهة بنظام التمثيل النسبي الكامل بما يوحد كافة القوى والفعاليات في إطار م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
ونظراً لأهمية الوحدة في إطار م.ت.ف جدد المؤتمر تأكيده على أسس الكيانية الوطنية بأعمدتها الثلاثة وهي م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا والناطقة باسمه والمخولة بالتفاوض بكل ما يتعلق بمصيره الوطني، وثانياً البرنامج الوطني المتمثل بتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس وحل قضية اللاجئين بموجب القرار الأممي 194، وثالثاً قرارات الشرعية الدولية كونها المرجعية القانونية للحقوق الوطنية لشعبنا.