حميد قرمان
أمد/ عاد إسماعيل هنية إلى الدوحة، بعد أن مارس حردا سياسيا على الأراضي التركية، وبعد الضغوط القطرية التي مورست على حماس من أجل الذهاب إلى هدنة دون اشتراطات من قادتها، حرد من لا يملك القرار أمام من يسعى إليه.
إسماعيل هنية، ومن خلال اتصالات مع الجانب التركي، شرح تفاصيل المشهد الداخلي المأزوم للحركة، فنُصح بالذهاب إلى تركيا التي ستدخل على خط المفاوضات بثقلها لتحسين وضع حماس وموقفها، والتي في المقابل ستطالب الحركة بضمانات من عدة دول على رأسها الولايات المتحدة والجمهورية التركية لإنهاء إسرائيل الحرب، وبذلك تكون الخطوة الكبرى نحو دخول تركيا على خط الوساطة في ملف حرب غزة قد اكتملت.
حرد حماس في تركيا تزامن مع محاولة مصرية للوصول إلى هدنة فاعلة في القطاع، مع استبعاد قطري عن سير المفاوضات في البداية، التي التقطت إشارة أميركية بأن الضغوط التي مارستها قطر على قيادة حماس لم تجدِ نفعا، كون قرار الهدنة بيد حماس غزة وتحديدا يحيى السنوار، الذي استبعد جُل قيادات الحركة، وحصر القرار بيده ويد من والاه، فكان التناغم الأميركي – المصري من أجل تحقيق هدنة بين إسرائيل وحماس غزة بدون دور قطري يذكر.
في المقابل رفضت حماس غزة وقائدها السنوار مطالبات من إيران وجماعة الإخوان لإشراك قيادات حماس الخارج في ملف مفاوضات الهدنة، والاكتفاء بدور تمثيلي في إيصال الردود حول الهدنة فقط حفاظا على وحدة الحركة. وبدأ السنوار يشترط إعادة تشكيل المكتب السياسي للحركة ليكون برئاسته أو الانشقاق عن الحركة، مع تخصيص الدعم المالي الإيراني له وحده، لترد إيران بالسماح لحماس لبنان بإطلاق صواريخ على شمال الكيان الإسرائيلي في اليومين الماضيين لإيصال رسالة إلى السنوار تفيد بأن إيران مازالت تملك خياراتها بعيدا عن ابتزازه واشتراطاته.
ما سبق مرره الجانب الأميركي للقطريين، مع تحميلهم مسؤولية فشل سياسات الاحتواء التي انتهجوها في سبيل خفض التوتر والعنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما دفع قطر إلى القيام بتسريب إعلامي لتقييم دورها في ملف الوساطة وربطه بتواجد حماس على أراضيها لمصالح تتعلق فقط بإنهاء الحرب. العكس تماما بالنسبة إلى مصر التي تملك تأثيرا على حماس غزة بحكم الجغرافيا، والتي تتيح لها نوعا من قنوات التواصل لا تتوفر لأي دولة من دول المنطقة، مهما حاولت هذه الدول زرع نفوذ لها داخل حماس.
عبثية الوسطاء سمحت بصراع خفي عزز المكانة الإقليمية لدول ترى في الحرب الدائرة وسيلة لتحقيق أهدافها، وذلك بالتقرب في المقام الأول من الولايات المتحدة التي أثبتت الحرب أنها صاحبة اليد العليا في الشرق الأوسط.
انسحاب قطر من ملف المفاوضات وإحلال الدور التركي ليكون رديفا للدور المصري يمهدان لحجم التنازلات التي تتطلب تبريرا ومسوغا من رأس الإخوان لإنقاذ حماس كحركة جامعة لتيارات تتنافس فيما بينها على مقومات باتت مفقودة بسبب تداعيات الحرب، ما سيساهم في حدوث صدام بين الدول الوسيطة في مرحلة ما من مراحل تثبيت الهدنة، التي ستسري من طرف في حماس تحديدا في غزة، دون حماس الخارج التي أصبحت تتمنى الانتهاء من حقبة السنوار وتياره.