أمد/
الصورة تسوء ساعة بعد ساعة، ويوما بعد يوم، المدنيون في غزة يعيشون الكوابيس، فبالتأكيد فترة الهدنة لسبعة أيام كانت إيجابية، لكنها لا تكفي للاستجابة للاحتياجات الإنسانية الهائلة التي يواجهها المدنيون، عدد كبير من الأحياء دمرت، أماكن السكن أصبحت غير موجودة، مئات الآلاف من المدنيين تشردوا فنزحوا، نسبة قليلة جداً من المساعدات وصلت إلى أماكن صارت مكتظة، أماكن لا توجد فيها أكل ولا خدمات ولا مياه صالحة للشرب ولا مرافق صحية، ولا إمكان لوصول الطعام بشكل كامل، والوصول إلى المستشفيات تكاد تكون منعدمة لقلة سيارات الإسعاف وعدم وجود وسائل مواصلات من ناحية وللقصف المتوالي عليها من ناحية ثانية، وإذا وصل يجدها مكتظة بعدد كبير من الجرحى بجروح بليغة، بالإضافة إلى المدنيين الذين لجأوا إليها طلباً للحماية.
الوضع ازداد سوءا حينما أقدمت منظمة الصليب الأحمر الدولية على إجلاء موظفيها من خان يونس، وجاء هذا القرار بعد تكثيف القصف الإسرائيلي للمناطق السكنية في المنطقة، مما أدى إلى تدمير مكاتب وممتلكات المنظمة، وشكل انسحاب الصليب الأحمر علامة خطيرة على تدهور الوضع في خان يونس، فالمنظمة هي المزود الرئيسي للمساعدات الإنسانية في المنطقة، وانسحاب موظفيها يعني أن ملايين المدنيين المتضررين من النزاع سيفقدون مصدرًا مهمًا للمساعدة وأبسط سبل المعيشة، وهذا يخلق خطرًا كبيرًا على حياة المدنيين، حيث سيجعل من الصعب عليهم الوصول إلى الغذاء والماء والمأوى.
كما أن انسحاب الصليب الأحمر من خان يونس يشكل خطرًا على حياة الأهالي، حيث يعتمد ملايين المدنيين في غزة على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة. وتقوم منظمة الصليب الأحمر بتوفير مجموعة متنوعة من المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الغذاء والماء والأدوية والمواد الإغاثية. فالوضع في خان يونس والضفة الغربية أصبح كارثيًا، فهذا العام هو الأكثر دموية منذ أكثر من عقد، حيث تجاوزت أعداد الضحايا ما شاهدناه خلال عقد من الزمن، وخاصة في خان يونس الذي لا يزال الوضع داخلها يتدهور كل ساعة.
وانسحاب الصليب الأحمر يعني أن ملايين المدنيين سيفقدون مصدرًا مهمًا للمساعدة. وهذا سيؤدي إلى المزيد من المعاناة الإنسانية، وزيادة خطر المجاعة والأمراض وتعميق جراح المدنيين. والأخطر من نقص المساعدات والمواد الغذائية هو أن انسحاب الصليب الأحمر علامة على تحول المنطقة إلى منطقة حرب خالية من أي وجود إنساني، وإضافة إلى ذلك، فإن هذا الانسحاب يعني أن إسرائيل لن تكون مقيدًة بالقانون الإنساني الدولي، وهذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة وتيرة القصف الإسرائيلي للمناطق السكنية، مما سيؤدي إلى المزيد من الخسائر في الأرواح.
ويشير انسحاب الصليب الأحمر أيضًا إلى عدم وجود نوايا بوقف التصعيد في قطاع غزة بالكامل، فالمنظمة كانت تلعب دورًا مهمًا في جهود التهدئة، وكان وجودها في المنطقة يوفر ضمانًا أساسيًا لسلامة المدنيين، كما يعني أن الجهود الدولية للتوصل إلى وقف إطلاق نار دائم أصبحت أكثر صعوبة، وهذا يمكن أن يؤدي إلى استمرار التصعيد العسكري، مما سيؤدي إلى المزيد من المعاناة الإنسانية. وفي ظل هذه التطورات الخطيرة، فإن المجتمع الدولي مطالب باتخاذ خطوات عاجلة لوقف التصعيد وحماية المدنيين في غزة، أهمها الضغط على إسرائيل لوقف القصف العشوائي للمناطق السكنية في قطاع غزة، ودعم جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى وقف إطلاق نار دائم، وتوفير المساعدات الإنسانية العاجلة للمدنيين المتضررين من النزاع. وإذا لم يتخذ المجتمع الدولي هذه الخطوات، فإن الوضع في قطاع غزة سيستمر في التدهور، مما سيؤدي إلى المزيد من المعاناة الإنسانية!