ألاء ماجد
أمد/ عندما خرج المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني في بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وادعى أن حدث 7 أكتوبر كان انتقاما لاغتيال قاسم سليماني، ظن الجميع بأن ايران ووكلائها في الشرق الأوسط، يدعمون ويقفون بجانب حركة حماس التي نفذت العملية ضد إسرائيل، وأسفرت عن مقتل وأسر المئات من الإسرائيليين، في حدث لم يشهد له التاريخ مثيل، لكن المفاجأة والحقيقة هي أن ايران وحزب الله تركوا حماس وحدها تواجه إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة والعالم بأسره.
الآن وبعد مرور قرابة الخمسة شهور على الحرب الإسرائيلية، وبالفم المليان، أيقن الجميع بأن حماس تركت وحدها في مواجهة أعتى قوة عسكرية في المنطقة، وأيقنت حماس نفسها بأن “وحدة الساحات” و”محور المقاومة” بالمنطقة وخصوصا لبنان وسوريا والعراق واليمن، لم يكن سوى شعارات رنانة و”شو اعلامي” لإيران، كان الهدف منه محاولة تخويف إسرائيل وحلفائها بأن أذرع ايران وصلت الى حدودها، عبر استراتيجيتها في تبني ما يطلق عليها حركات مقاومة مختلفة في العالم العربي، عبر تمويل نفوذها وتسليحها لتتحول الى وكيل شيعي إيراني.
وما كان مفاجئا أيضا، هو تصريحات كبار المسؤولين الإيرانيين بأن بلادهم لن تتدخل في الحرب بشكل مباشر، فيما كانت تصريحات الأمين العام لحزب الله، طوال فترة الحرب، تعزيزا لهذه الرسالة الإيرانية بأنه لن يتدخل أحد بشكل مباشر، الأمر الذي جعل قيادة حماس بشكل مؤكد الندم على هذه العملية، التي دفع الشعب الفلسطيني بغزة ثمنه غاليا.
وعلى الجانب الآخر، يمكن رؤية توتر جديد هذه الأيام بين الغزيين وحركة حماس، بعدما خسروا منازلهم وحياتهم، ولم يبق لهم سوى الدمار والخراب والفقر والجراح والمعاناة بكل ما تعنيه الكلمة، فقلد تدمرت أكثر من 70% من منازلهم، وفقا لما أعلنت الأمم المتحدة، فيما يتهمون حماس ومن خلفها ايران بأنها أثبتت باستعدادها للتضحية بشعب غزة من اجل مصالحها، دون التفكير أصلا بكيفية ترميم وإعادة اعمار القطاع، في اليوم التالي لانتهاء الحرب المستمرة حتى اليوم.
ان هذا الاستهتار الحمساوي بحياة سكان غزة، ليس الا دليلا صارخا على عدم الإحساس بالمسؤولية وغياب الضمير الوطني عند قيادات الحركة، يظهر بوضوح تجاهل هؤلاء القادة للواجب الأخلاقي والوطني الذي يملي عليهم الوقوف الى جانب شعوبهم في أشد الأوقات.
ولا يعكس هذا الاستهتار بسكان غزة، استغلال سطوة السلطة فقط، انما يبرر أيضا النقص الكبير في الشفافية والمساءلة التي يجب أن تمارس، في حين يشعر المواطنين بخذلان عميق عندما يجدون أبنائهم يقتلون أو يعانون من ويلات الحرب، بينما يعيش القادة في واقع مغاير تماما، ويماطلون في المفاوضات.
وعلى الرغم من تضارب مصالحهما، تدرك حماس وايران أن لديهما فرصة فريدة لتعميق إنجازات المفاوضات الحالية، بما في ذلك الحفاظ على السجناء الإسرائيليين الأحياء الذين سيكونون ورقة مساومة رئيسة ضد إسرائيل، فيما لا يمكن الجدال حول أنه مع انخفاض عدد الأسرى الأحياء، فإن التأثير على شروط المفاوضات والتغييرات بالنسبة لحماس سوف يتضاءل تبعا لذلك.
ويبدو أنه مع اعلان حماس بشكل شبه اسبوعي، بأن عددا من الأسرى الإسرائيليين قد قتلوا في قصف إسرائيلي جديد، فإن عدد الأسرى الأحياء التي بحوزتهم باتوا قلة، فإن الواجب يحتم على حماس الإسراع في إتمام صفقة تبادل اسرى مع إسرائيل، بدلا من موت الاسرى البقية وخسران ما كانت تطمح اليه.
وفي النهاية، فإن الشيء الأكيد هو أن حماس لم تكن تتوقع الرد الإسرائيلي الكبير على عملية 7 أكتوبر، وأنها كانت -وفقا لتقديراتي- تتوقع تصعيدا يستمر لعدة أيام، مع تدخل واسع من حزب الله والحوثيون ووكلاء ايران في سوريا، مما سيشكل ضغطا على إسرائيل، فيتدخل الوسطاء وتتم صفقة تبادل أسرى، لكن الواقع أثبت لحماس أنها تركت وحدها وأنها كانت مخطئة في تقديراتها وتوقعاتها، ليدفع سكان غزة الثمن غاليا، فهل تعتذر حماس لشعبها..لا أتوقع ذلك..