كتب حسن عصفور/ أيام قبل ذكرى اغتيال الخالد ياسر عرفات مؤسس الكيانية الفلسطينية الأولى فوق أرض فلسطين في 11 نوفمبر 2004، تبتسم روحه من خلودها بعدما أنهى حسن نصرالله خطابه يوم 3 نوفمبر 2023، حول الحرب العدوانية التي تقوم بها أمريكا ودولة الفاشية المعاصرة ضد الوطنية الفلسطينية مشروعا وهوية وشعب.
ابتسامة الخالد أبو عمار، ومعها ابتسامة الشهيد رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الراحل الذي ذهب ثمنا لرفضه مشروع فرسنة لبنان، بعدما كشف نصرالله حقيقته بعد سنوات طالت من "الخداع السياسي"، والاختفاء وراء "نقاب أسود" ليخفي الحقيقة التي غابت طويلا، رغم وضوح مساره لكنه تمكن من إطالة أمد الخداع.
ما بعد معركة كمب ديفيد السياسية، التي قادها ياسر عرفات، ولاحقا المواجهة الوطنية الكبرى 2000- 2004، أطل مخلب بلاد الفرس في لبنان، داعيا وبشكل هستيري أن يخرج من يغتال أبو عمار، وقاد حربا بالوكالة نيابة عن أطراف "سواد سياسي" تحالفت موضوعيا مع الفاشية اليهودية التي قادها الإرهابي شارون وفريق مجلسه الحربي للخلاص من العقبة الأبرز لتنفيذ مشروع التهويد والضم والاحلال، الذي عرقله بناء السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994، فأوقف قطار التوراتية الواهمة وأطراف الهيمنة العربية – الإقليمية بأدوات محلية.
ربما، يعتبر خطاب حسن نصرالله، في يوم الجمعة 3 نوفمبر هو الخطاب الأصدق له منذ أن تم فرضه لقيادة الحوب بعدما تم إزاحة الرئيس السابق صبحي الطفيلي لاعتبارات تتعلق بمشروع "فرسنة لبنان"، والذهاب لكسر قوام الطائفة السنية باعتبارها خصما مباشرا للطائفية القادمة، ولعل اغتيال رفيق الحريري كان الرسالة الأبرز في تلك المعركة التي بدأت بإزاحة الطفيلي، جريمة الاغتيال هزت لبنان ولا تزال تدور في أروقة محكمة الجنائية الدولية، ولكونها جريمة كبرى كان لابد من خدعة كبرى تخفيها مؤقتا، فكان خيار حرب يوليو 2006 مع دولة الكيان، لتتوقف بعدها مسار كل فعل حتى تاريخه، مكتفيا بتصدير الوهم واللغة والخداع.
خطاب نوفمبر لنصرالله، وضع الحقيقة السياسية وفقا لما كانت حقا، وأزالت كل أنواع "المكياج الفارسي" الذي استمر طويلا، بعدما تحدث بشفافية وصراحة ووضوح، انه لا مقاوم ولا مواجه ولا شبهة من ذلك، بعدما أدرك ان الثمن لو استمر في "مكذبة الكلام" سيكون رأس إيران ومصالحها التي تشعبت في المنطقة بتحالف سري مع رأس "الشيطان الأكبر"، بدأتها في مؤامرة تدمير العراق، وتقسيم اليمن وتعزيز الانقسامية والكراهية الطائفية في لبنان، مع اجتثاث كل معارض وخاصة من قوى اليسار ومفكريه، الذي اغتالهم واحد تلو الآخر، الى أن حقق مراده.
خطاب نوفمبر النصراللاوي، وضع الحقيقة السياسية خالية من التزوير فكان صادقا شفافا صريحا، بأنه ممثل أمين للمشروع الفارسي في المنطقة، فأكمل ما أعلنه وزير خارجية بلاد فارس عبد اللهيان في الدوحة، بأن طهران جاهزة لأن تكون "وسيطا" لوقف إطلاق النار بين قوى غزة وبالتحديد حماس مع أمريكا وبالتالي دولة الكيان، فجاء خطاب الممثل الأمين منسجما مع ذلك التوجه الوسيط، لينهي أخر مسمار الخديعة في مصطلح لم يكن له وجود أصلا، ما يعرف بـ "وحدة الساحات".
خطاب نصرالله، لم يقف عند إعلان "البراءة" من حرب البقاء الوطني في قطاع غزة، ولكنه أشار الى مرحلة جديدة من الهدف الفارسي لتقاسم دور جديد مع أمريكا ومنها دولة الكيان، لخدمة أهداف ما بعد الحرب، لبناء نظام أمني خاص في قطاع غزة، بدأ بمسمى الوسيط، وربما يتطور الى دور التنسيق، بعدما كشف اللواء عباس إبراهيم مسؤول الأمن الداخلي اللبناني السابق، والمعروف جيد بعلاقته الخاصة جدا بحزب الله وبالتالي بلاد الفرس بحكم الانتماء الطائفي أيضا، بأنه جاهر للقيام بدور الوسيط بين حماس وتحالف الحرب "واشنطن – تل أبيب".
قيمة خطاب نصرالله، أنه أكد بلا مواربة أن "تحالف الفرس" استفاد الى ما لا نهاية لتمرير مشروعه وأهدافه من "مكذبة محور المقاومة"، والتي سقطت في كل معارك فلسطين مع دولة الفاشية المعاصرة، بل كانت جزءا داعما لها خلال سنوات 1994 – 2004 الى حققت هدفها المشترك مع بوش الابن وشارون بالتخلص من أبو عمار، كونه العقبة الأكبر أمام مشروع التزوير الجديد.
من بين قيم خطاب نصرالله النوفمبري، كشفه أن بلاد فارس لا تثق سوى بأدواتها الطائفية، أي كانت درجة العلاقة مع قوى غيرها، لكن الولاء المطلق طائفي بامتياز، ولعل حركتي الجهاد وحماس وهما الأكثر التصاقا بذلك المسار يدركان أن الثمن المدفوع جراء تلك "الشبهة العامة" سيكون قاسيا، ما لم يعلنان براءة مبكرة من ذلك المسار الذي بات شريكا في مسار اجتثاث الوطنية الفلسطينية لاستبدالها بأدوات تنفيذية للمشروع غير الوطني.
من قيم خطاب نصرالله النوفمبري، بعدما بات سخرية ومسخرة، رسالة لفصائل العمل في فلسطين لوضع نهاية تحالف وهمي لعب دورا رئيسيا في تغذية الانقسامية – الانفصالية، وأن العداء لياسر عرفات وحركة فتح كان جزءا من مهمة خدمة المشروع المعادي للشعب الفلسطيني بكل مكوناته.
وأخيرا، نطق حسن نصرالله في خطابه النوفمبري، بالحقيقة السياسية لمحور الفرس الطائفي لتكون نهاية "أسطورة رجل الخداع"، بعدما تأخرت كثيرا..لروح الخالد ياسر عرفات سلاما، فحقك الوطني من الدعي حليف شارون وصل…أيام قبل ان يقف شعب الجبارين في 11 نوفمبر مع ذكرى كسر عامود الوطنية المعاصرة.
ملاحظة: يوم 4 نوفمبر 1995، أقدمت الفاشية اليهودية المعاصرة بالتحالف مع أطراف أمريكية على اغتيال رابين لتكون الرصاصة الأولى في اغتيال مسار سلام خرج عن مسار أمريكا الخاص…من مفارقات الزمن أن قتلة رابين هم الآن يقودون حربا اقتلاعية للكيانية الفلسطينية…معقول من يجلس بالمقاطعة ناسي ام متناسي لغاية في النفس الآمرة بالسوء.
تنويه خاص: يا ريت يطلع مسؤول من جماعة الرئيس محمود عباس يوضح ليش تأجلت زيارته الى موسكو…هل لانشغاله بمتابعة يوميات حرب الاقتلاع في غزة عله يسمع شي مفرح..او زعلان من روسيا انها استقبلت وفد حماس قبله، أم انه انسم بدنه من لقاء سمير المشهراوي القيادي في تيار الإصلاح بفتح مع بوغدانوف..يا ريت واحد يغلب حاله ويحكي بلاش يقلك حكومة الانتنان هي السبب!