كتب حسن عصفور/ ربما المفاجأة الأكبر بعد 49 يوما من الحرب العدوانية الشاملة، التي نفذتها دولة الفاشية المعاصرة على قطاع غزة، كانت كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي يوم الجمعة 24 نوفمبر 2023، والذي أشار فيها الى أن "حل الدولتين" استنفذ زمنه، وبات الأمر يتطلب الذهاب مباشرة لإقامة دولة فلسطينية.
جاءت دعوة السيسي، بعد 21 عاما من العرض الأمريكي المخادع للرئيس بوش الابن يونيو 2002 حول ما أسماه "حل الدولتين"، وبعد قرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012، الاعتراف بدولة فلسطين عضوا مراقبا، دون أن يتقدم العالم خطوة عملية واحدة لتنفيذ ذلك، وبضغط جرائم الحرب المرتكبة من دولة العدو، دون حساب بدعم مطلق من الولايات المتحدة.
"النداء السيساوي"، جاء لأول مرة من الشقيقة مصر حول وضع قاعدة عمل جديدة، وإغلاق ممر خادع لتصويب مسار الضلال السياسي، ويفتح الباب مجددا أمام إعادة الاعتبار جوهريا لقرار الأمم المتحدة حول دولة فلسطين، استكمالا للحق الطبيعي في قيامها.
وقطعا لطريق "الاستغلال الأمريكي" لبعض جوانب الضلال المستمر حول "الخوف الأمني" من دولة فلسطين وطابعها الأمني، وضعها ضمن آلية أن تكون بوجود قوات دولية، أو تعاون عربي دولي، بل وصل لعرض وجود قوات من حلف الناتو، لسد كل الثغرات أمام "الاستغلال الخادع" للبعد الأمني، فوجود قوات من حلفهم لا يمكن الحديث عنها تمثل "خطر على دولة الكيان".
تصريح الرئيس السيسي حول نهاية خيار "حل الدولتين"، يضع الرسمية الفلسطينية والرئيس محمود عباس تحديدا، أمام ضغط سياسي جديد، لن يمر مرورا عابرا، من أجل العمل على تنفيذ قرارات المجلس المركزي التي تهرب من تنفيذها سنوات طويلة، لأنه استند الى "جدار أمريكي – أوروبي" و "جدار عربي" كان رافضا بشكل أو بآخر للحديث عن دولة فلسطين بمسار مختلف عن المسار الأمريكي.
إطلاق الرئيس السيسي رصاصته السياسية، تتوافق مع تنامي حركة دولية مؤيدة لبناء دولة فلسطينية، على ضوء الجريمة الكبرى التي تعيشها أرض فلسطين، وخاصة في قطاع غزة الذي تعرض لنكبة تاريخية لم تشهدها بلد عربي قياسا بالمساحة والسكان، ما سيفرض واقعا كارثيا إنسانيا قد يؤدي الى حسابات غير معلومة، ما لم يتم وضع قواعد تعيد الاعتبار للحق الوطني بكل مكوناته، السياسية والإعمارية.
بدأ الحديث كثيرا في الإعلام الغربي، خاصة الأمريكي وكذلك في العبري، عما أسموه اليوم التالي للحرب العدوانية على قطاع غزة، قاعدته الأساسية "ضمان أمن دولة العدو"، وبتجاهل مثير لمن يدفع ثمنا لجرائم "الفاشية المعاصرة"، ولفرض مسارات تتسق و"حلمها في إزالة الكيانية الوطنية" هوية وقضية، وإعادة الملف الوطني الفلسطيني مجددا الى "ملف إغاثي إنساني" خارج الحقوق السياسية، سوى ما يمكن أن يخدم أمن دولة الكيان، وليس أمن فلسطين.
قيمة تصريح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أنه يوجه إنذارا خاصا لمن يريد "يوم تالي للحرب العدوانية" دون حل سياسي لجذر الصراع في المنطقة، بإقامة دولة فلسطين وفق حدود قرار الشرعية الدولية وقرارها 19/67 لعام 2012،
دعوة السيسي يجب أن تشكل حافزا سياسيا وفوريا للرسمية الفلسطينية والرئيس محمود عباس، التوافق معها، بإعلان دولة فلسطين تحت الاحتلال، ليفرض مسار النقاش العربي – الدولي حول اليوم التالي لوقف الحرب العدوانية، ويقطع الطريق على استغلال جرائم الحرب لفرض جرائم حرب سياسية أخطر، بتصفية المشروع الوطني، ليس في قطاع غزة بل في الضفة والقدس، تهويدا وضما.
إعلان دولة فلسطين تحت الاحتلال، يمكن ان ينهي مسار التيه السياسي الطويل، رغم أنه متأخر 11 عاما، لكنه لم ينته، فكل التطورات الراهنة تخدم ذلك المسار، وهو لا غيره السلاح الأهم لمواجهة مشروع دولة العدو في أرض فلسطين وفق حدود الشرعية الدولية.
لا يجب أن تواصل الرسمية الفلسطينية ترددها وارتعاشها، بل واعتقادها أن حرب غزة جاءت خارج سياقها، فهي الآن تمتلك فرصة سياسية نادرة بفضلها لتصويب المعادلة الوطنية وقطع طريق معادلة العدو، بل ومعادلة إزاحتها كما تعتقد، كي لا يصبح نهايتها مع اليوم التالي هو الخيار الأول.
حماية القضية الوطنية لن يكون بالترجي والتمني واللهاث خلف الحدث، بل بالفعل وقيادة الفعل، ودونه لتبدأ رحلة حزم الحقائب السياسية الى غير عودة.
ملاحظة: بعيدا عن تضخيم ما لا يجب أبدا تضخيمه، فالهدنة الإنسانية المؤقتة هي هدنة من الموت لساعات..هدنة كي يتواضع البعض بأن ما كان ليس نزهة ولا نصرا..وبلاش كلام كبير مش وقته.
تنويه خاص: غريب أمر سلطة رام الله، أن تغيب عن استقبال من خرج من معتقل العدو وغالبهم مش من حماس…بتصدقوا كنتم كتير صغار بهيك حركة..يا جماعة فكوا عقدة خوفكم بطاسة الرعبة.