2023-12-16 16:10:55
أمد/
يتسابق ساسة اليمين الإسرائيلي المتطرف ووزراؤه تباهيا بحملات دعائية ممنهجة من خلال تصريحات وبيانات إعلامية ذات نسق وطرح سياسي متشدد ضد اتفاق أوسلو الذي يفضي بعنوانه العريض إلى دولة فلسطينية على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة بعاصمتها القدس الشرقية.
فلا يمكن فصل المعركة السياسية التي تقودها منظومة اليمين المتطرفة ورأسها بنيامين نتنياهو عن ميادين القتال والمعركة العسكرية الجارية على أرض قطاع غزة، فهذه المنظومة التي أدامت سابقا حكم حركة حماس في غزة لإجهاض فكرة الدولة الفلسطينية التي نصت عليها اتفاقية أوسلو كنهج أبقتها في سدة الحكم، وتسعى اليوم لتكون سلطة الأمر الواقع في القطاع بإحلال قوتها العسكرية لفرض مناطق عازلة تتمركز بها لقطع أوصال القطاع والسيطرة عليه ومنع تنامي فصائل وحركات مسلحة بداخله من جديد، مع الدفع بالمجتمع الدولي ومؤسساته لتحمل الشق الإنساني وإعادة الإعمار كتعهد والتزام سياسي وقانوني لن تتحمله دولة الاحتلال – قوة احتلال – بعد انتهاء الحرب لتحقيق الاستقرار والأمن الدوليين.
أطراف الصراع والدول الراعية لها تسعى بكل ثقلها لتثبيت معادلاتها ومصالحها على أرض المعركة بعيدا عن طموحات الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة، فنتنياهو ويمينه المتطرف يريدان القضاء على حماس لإبقاء منظومته وشعبيته قادرة على الحكم داخل إسرائيل. وإدارة جو بايدن تريد إنجاز ذلك بأسرع وقت قبل ازدياد إرهاصات الانتخابات الرئاسية القادمة وانعكاساتها على الساحة الدولية. وحماس تريد صمود قوتها العسكرية بحدها الأدنى داخل القطاع لاستمرار حكمها كطرف في معادلة الصراع. وقطر بمنظومتها الإخوانية – الإعلامية تريد نصر حماس لكي تبقي على وزنها الإقليمي الذي تسلّق تصاعديا بفعل الحرب. أما إيران ونظامها الملالي فلن يخرج سعيهما عن انتهازية سياسية مقيتة تسعى إليها عبر أدواتها في المنطقة لتحقيق أجنداتها التوسعية.
بعيدا عن مشهد الحرب الذي أصبح يتجلى بوضوح المصالح، تقع مصلحة الشعب الفلسطيني والدول التي تريد خلق توازن سياسي ودبلوماسي في المنطقة بالحفاظ على اتفاقية أوسلو، والانطلاقة من بنودها من خلال مؤسسات الأمم المتحدة بشقيها مجلس الأمن والجمعية العامة، بحشد القوة التصويتية الداعمة لفلسطين بتثبيت مرتكزات اتفاقية أوسلو لتحقيق حل الدولتين وتطبيقه، بالإضافة إلى ربطها قانونيا بقرار التقسيم (181)، وإلزام إسرائيل بذلك كونه الأساس القانوني لقبول عضويتها في الأمم المتحدة، استكمالا لقرار ترقية دولة فلسطين (دولة مراقب غير عضو/رقم 67/19) عام 2012، وبالتالي ستكون الأمم المتحدة مطالبة في حال رفض إسرائيل الانصياع وعدم تنفيذ القرارات؛ بإنزال العقوبات عليها وتعليق عضويتها داخل المنظمة الدولية.
فقرار الاعتراف بإسرائيل كدولة، رقم (237)، تم من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد تبني قرار مجلس الأمن رقم (69).
الخروج من الواقع المتأزم الذي أوجدته منظومة اليمين المتطرف، وكسر حالتي الجمود التفاوضي والحرب الدائرة، يجب أن يكون وفق إستراتيجية سياسية قائمة على تحرك دبلوماسي ذي نسق تصاعدي داخل أروقة الأمم المتحدة من أجل ترسيخ كيان الدولة الفلسطينية على أراضيها بناءً على اتفاقية أوسلو ما يفضي إلى تحقيق العضوية الكاملة المستند على ما تمتلكه “فلسطين” من اعتراف رسمي من 139 دولة حول العالم، بوضعها القانوني الدولي كدولة بحدود الرابع من حزيران عام 1967.
الحقيقة الثابتة، أن أطراف الحرب الدائرة والدول الراعية لها لا تريد سلطة قوية تكون نواة الدولة الفلسطينية المنشودة، فالجميع يبني مصالحه ويرسم أجنداته لتكون ورقة الشعب الفلسطيني بيده، كنوع من تطبيق الوصاية السياسية عليه. لذلك، أوسلو هي ملحمة الدبلوماسية الفلسطينية ذات الأبعاد السياسية والقانونية المؤيدة دوليا، للعبور نحو الدولة الفلسطينية كواقع حتمي لعقود طويلة من النضال والصمود والتضحية لهذا الشعب القادر بإصرار على حكم نفسه بنفسه.