2023-12-17 16:36:58
أمد/
ليس من الصعوبة إستشكشاف النتيجة التي أخبر بها الجميع مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان في مؤتمر صحفي عقد الجمعة في تل أبيب، وهي أن الحرب في القطاع لن تنتهي قريبا!. وأكد سوليفان في مؤتمره الصحفي بعد أن إلتقى بقادة الحرب الاسرائيليين بأن الضغط الأمريكي على الحكومة الاسرائيلية ينحصر فقط في وقف العمليات العسكرية الاسرائيلية الشاملة على القطاع خلال الأسابيع القادمة، والبدء في مرحلة تالية للعدوان ربما تستمر عدة أشهر تبسط فيها قوات الاحتلال سيطرتها الأمنية على قطاع غزة، ومن ثم الانتقال الى مرحلة انتقالية من المبكر تحديد فترتها يتم الانتقال فيها للوضع النهائي في القطاع. بهذه الكلمات يفهم جلياً أن العدوان الاسرائيلي حسب التوافق الأمريكي الاسرائيلي على القطاع سيستمر لفترة ليست قصيرة حتى لو تم التوصل الى مجموعة من الهدن الانسانية التي لها علاقة بتبادل الأسرى أو استمرار تدفق المساعدات الانسانية.
وبالرغم من أن هذه التصريحات الأمريكية تنسجم مع رؤية الحكومة الاسرائيلية، الا أن ذلك لا يعني عدم وجود فجوات كبيرة بين الموقفين الأمريكي والاسرائيلي. فقبل يومين استهجن الرئيس الامريكي بايدن تصريحات نتنياهو بعدم السماح للعودة الى خطأ أوسلو!. واعتبر بايدن أن الحكومة الاسرائيلية الحالية هي حكومة أكثر تطرفاً في تاريخ اسرائيل، وأنها حكومة ترفض حل الدولتين. ولم يأتي سوليفان الى المنطقة الا ليتأكد من وجود جدول زمني لإنهاء العمليات الشاملة أولاً، ويـتأكد ثانياً من أن تصريحات نتنياهو هذه تعبر عن رؤيته فقط، وليس رؤية غانتس والجيش. فليس من المقبول حسب الرؤية الاستراتيجية الأمريكية أن تكون حليفتها الاستراتيجية في المنطقة تغرد خارج سرب البيت الأبيض. وبرغم التوافق الاسرائيلي الأمريكي على أهداف الحرب العسكرية، الا أن الفجوة تبدو واضحة في الأهداف السياسية، بمعنى الوصول الى صيغة سياسية ما بعد العدوان على غزة. فبحسب منطق وخبرة الساسة الاسرايليين، فإنهم دائماً يبتعدون عن الوصول الى حلول سياسية ترضي جميع الأطراف، وذلك من أجل عدم تقديم أي تنازلات سياسية. وقد حدث ذلك سابقاً في الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000، والانسحاب الاسرائيلي من غزة عام 2005. إسرائيل تؤمن فقط بالحلول العسكرية والتي لم تجلب لها الأمن مطلقاً. والساسة الاسرائيليون يدركون هذه المعادلة، ولكنهم مع هذا لا يطبقونها لأنهم يخضعون لضغوط المصالح الحزبية الضيقة والحسابات الشخصية لقادتها. إنهم بإختصار لا يريدون أن يقدموا أي تنازلات سياسية حتي يستطيعوا تسويق إنتصار وهمي لهم أمام ناخبيهم. ويبدو أن الاسئلة المنطقية الأن هي : هل يعي الشارع الاسرائيلي هذه المعادلة؟. هل يدرك هذا الشارع أن حكومته تعتاش على الحروب؟ هل يدرك الاسرائيليون أن حكومتهم الحالية عزلتهم عن العالم وأفقدتهم ثقة الولايات المتحدة على حد تصريح بايدن نفسه؟ . أعتقد أن غالبيتهم بدت تدرك إجابات هذه الأسئلة بعد نحو سبعين يوم من هذه الحرب الدامية!. في الواقع، صحيح أن الحرب في غزة لن تنتهي قريباً، ولكن حروباً أخرى ستنتهي في الشارع الاسرائيلي ربما قبل أن يتوقف العدوان على غزة، وحتماً لن تنتهي لصالح نتنياهو.