2023-12-18 15:13:59
أمد/
لا يقصد بالضعف الإستسلام والقبول بالإحتلال كأمر واقع ، بل المقصود بها القدرة على الفعل والتأثير والبقاء والوجود كشخصية وهوية وطنية متجذرة وثابته على أرضها.ومعناها عدم قدرة إسرائيل بقوتها على محو الشخصية التاريخية للشعب بما له من عناصر قوة ثابته .
فالضعف هنا المقصود به فشل إسرائيل من ناحية في محو وتفكفيك القضية الفلسطينية ومن ناحية ثانية إمتلاك الشعب الفلسطيني لعناصر القوة المؤثرة والفعل. وهنا بعض الملاحظات المهمة :الملاحظة الأولى أن قوة فلسطين في تاريخها الممتد في المنطقة ، والذى يتجسد في قوة الحقوق والسرديات الفلسطينية الثابته ، وفى الوجود الفلسطيني من قبل اليهود وغيرهم . وهذا هو العنصر الأول القوى والذى لا يمكن لأى قوة عسكرية محوه.
الملاحظة الثانية قوة الضعف الفلسطيني في ماهية القضية الفلسطينية فهى نتاج تحالفات إستعمارية صهيونية , ونتيجة ضعف عربى في مرحلة تاريخية واليوم تتجسد في القضية كما نرى في الحرب على غزه كل مكونات النظام الدولى ، فالأمن والإستقرار إقليما وعالميا يرتبط بقيام الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال, وتكشف هذه الحر ب عن عنصر قوة تفوق القدرات العسكرية لإسرائيل وهو الصمود والبقاء على الأرض رغم كل التضحيات والدمار الذى لحق بغزه. هذه العناصر توضح لنا أين تكمن عناصر القوة وكيف يمكن أن نحول الضعف لقوة لا تهزم.
وهل يملك الفلسطيينون عناصر القوة الصلبة؟. وما هي عناصر قوتهم الناعمة ؟ القوة لها معنيان الصلبة والناعمة. الصلبة بما تعنيه من القوة العسكرية والإقتصادية , وهذه قد تكون غير متاحة فلسطينيا، لكن أهم عناصر القوة الصلبة تتجسد في العنصر السكانى ,وفى الهوية الوطنية .
فاليوم عدد الشعب الفلسطيني يصل ال15 مليونا منهم حوالى ستة ملايين في الضفة وغزة ، واكثر من مليون في داخل إسرائيل تحت مسمى عرب إسرائيل ولكنهم محتفظون بهويتهم الوطنية , وملايين أخرى في المخيمات وفى الشتات وهنا عنصر القوة الآخر المحافظة على مشكلة اللاجئيين التي تلخص المشكلة الفلسطينية بالنكبة والمذابح التي أرتكبتها القوات الصهيوينة لتفريغ الأرض من سكانها لتحقيق مقولة أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، وهى نفس السياسة نراها اليوم في غزه. ولكنها فشلت.
فما زالت قضية اللاجئيين بما تحمله من الحق في العودة قائمه.ومن عناصر القو رغم ضعهفا قرارات الشرعية الدولية التي تؤكد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وعلى عدم شرعية المستوطنات وإنهاء الاحتلال ، والإعتراف بفلسطين دولة مراقب في الأمم المتحده، والتذكير أيضا بقوة القرار 181 الذى يؤكد على حق الشعب الفلسطيني في قيام دولته فيبقى هذا القرار وغيره من القررات مرجعية دوليه فقرارات الشرعية الدولية لا تسقط بالتقادم. والحضور الدولى في العديد من المنظمات الدولية وحق فلسطين بمحاكمة إسرائيل أمام الجنائية الدولية .
وإلى جانب هذه العناصر تكمن قوة الشعب الفلسطيني في ثقافته وجامعاته وزيه الوطنى وعلمه ,في الحضور الكبير من الأكاديمين والعلماء والمختصين في كافة التخصصات العلمية والذين يعملنون في العديد من الجامعات الأجنبية. وقوة ضعف الشعب الفلسطيني في قوة الحق التاريخى على أرضه ، وقوة مقاومته السلمية الشعبية .
ولقد عبرت المسيرات الشعبية التي شهدتها العديد من العواصم وابرزها في أمريكا وأوروبا ورفضها للحرب الإسرائيلية والمطالبة بإنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية وزيادة هذه النسب لتصل ما يقارب 95 في المائة مع تراجع واضح للتأييد لإسرائيل وسردياتها دليل واضح على قوة الضعف الفلسطينية .
ومقابل هذه العناصر عناك عناصر من الضعف تتمثل أولا في الإنقسام السياسى وتحوله لحالة من الفصل السياسى والذى قد يفسر لنا في جانب منه الحرب على غزه.وقوة الضعف هذه تحتاج إلى مقومات وترجمة في سياسات ورؤية شاملة وأول هذه المقومات إنهاء الإنقسام ، وثانيا إعادة بناء المؤسسات السياسية على أسس من الشرعية والتعددية السياسية وتفعيل منظومة القيم السياسية التي تجسد الهوية النضالية الفلسطينية وتؤكد على عمقها وخصوصا فيما يتعلق بالتعايش والسلام والتسامح ونبذ القوة والعنف والكراهية , والتأكيد تاريخيا ان اليهود وحتى الهجرة ألأولى عاشوا معا في ظل من هذه الثقافة التسامحية ,التركيز على كثير من النماذج التي تؤكد مصداقية هذه الثقافة والتي تدحض كل مقولات الصهيونية التي تلصق الإرهاب بالشعب الفلسطيني وكما راينافى العديد من الصورفى الحرب على غزه ومحاولة إبراز جانب الإرهاب .
القوة الناعمة هى قوة الضعف تحتاج إلى نظام سياسى مدنى توافقى ديموقراطى برؤية سياسية واحده. وبتوحيد سبل المقاومة السلمية ، فالقوة لا تواجه بقوة بل بكشف غطرستها وعدوانيتها. قوة الضعف هذه هي القادرة على دحض وكشف عناصر ضعف القوة الإسرائيلية .
وكما يقول الفلسوف الصينى صن تزو قبل القرن السابع الميلادى:في كتابه فن الحرب:أسمى فنون الحرب إخضاع العدومن دون مواجهته ويقول أعرف نفسك وأعرف عدوك وسوف تخرج منتصرا مائة مرة في مائة معركة.. وكما يقول صاحب متاب القوة الناعنة جوزيف ناى إن المعارك لا يمكن أن تربح فقط في ميدان القتال وأن الكاسب في الحربهو ذلك الذى يكسب قضيته في الإعلام.