2023-12-18 15:39:11
أمد/ انّهم جيش الصحفيين المثابرين المرابطين المتفانين المقدامين الشجعان النُبلاء، يُغطّون الحرب العدوانية على قطاع غزّة، يتمترسون في الخطوط الاماميّة والخلفيّة والرئيسية والجانبية، في كلّ مكان وفي كلّ وقت وحين، يتواجون في ادقّ اللحظات وفي اخطر المواقع والاماكن والساحات،
انّهم جيشٌ من نوعٍ خاص، نوعٍ مُميّز، مُنتقى، مُدرّب جيدا ومستعدا دائما “لخوض معركة” الحقيقة والبحث عنها وايصالها إلى ملايين المشاهدين، بالصوت والصورة، بكاميراتهم وميكروفوناتهم وهمّتهم العالية، سلاحهم الكاميرات والميكروفونات وشاشات التلفزة والصور والفيديوهات،
يتمنطقون بزّيهم المميز ازرق اللون داكن وبطاسة رأس، “خوذة” تشبه إلى حدٍ كبير خوذة الجنود في قلب المعركة، زيّهم ممهوؤ عليه كلمة “برس” بالانجليزية، أي صحافة،
هم جيشٌ مُحايد في المعركة وفي الحرب بين المتحاربين، مع انّهم عادة لا يُخفون عواطفهم وإلى أين تتجه وخاصة مع المظلومين المُتضرّرين الذين تنهال فوق رؤوسهم الحمم والصواريخ والقنابل وتنهال (تسقط) معها حُطام البيوت المقصوفة على رؤوسهم،
فهل يستطيعون أن يُحافظوا امام هذه المناظر على حيادتهم العاطفية والانسانية، إلى جانب حيادتهم المهنيّة؟؟!! وهم ابناء وبنات هذا الشعب الذي يتعرّض للابادة “عينك عينك وعلى عينك يا تاجر وعلى رؤوس الاشهاد، نهارا جهارا وليلا “ظلاما وظُلما”،
ليل امس اصاب صاروخ غادر اطلقه جيش الاحتلال على مدرسة تأوي نازحين في قطاع غزّة، اين تواجد ايضا طاقم قناة الجزيرة، وائل الدحدود، الغني عن التعريف، والمصوّر سامر ابو دقّة، أصابهما مع آخرين بجراح، جراح الصحفي المراسل الدحدوح كانت طفيفة إلى مُتوسطة استطاع معها “الانسحاب قليلا، حيث نقلته سيارة اسعاف كانت في الجوار إلى المستشفى لتلقّي العلاج اللازم،
في حين أن زميله المصوّر سامر أبو دقّة لقي مصيرا آخر نتيجة لاصابته الخطيرة ألتي منعته من الابتعاد عن مرمى رمايات جنود الاحتلال، ومنعت في نفس الوقت أي محاولة لاسعافه وانقاذه، حتى خاطر خمسة من افراد الدفاع المدني بحياتهم لانقاذ حياته، ففقدوا حياتهم شهداء ولم يتمكّنوا من انقاذ حياته، نتيجة استهدافهم المتواصل من جيش الاحتلال، فسقط الاربعة شهداء،
كان وائل الدحدوح وزميله المصوّر سامر أبو دقّة يقومان بعملهما كالمعتاد في نقل الحقيقة لما يجري من فظائع في غزّة يرتكبها جيش الاحتلال الغازي، كانا ينقلان الاخبار، لكن في لحظة ما تحوّلا هما بذاتهما إلى خبر إلى الخبر الرئيس، باستشهاد سامر وجرح وائل،
قبل مدة ليست بالطويلة فقد وائل الدحدوح افراد عائلته في قصف اسرائيلي على المنزل الذي كانوا قد نزحوا إليه، جاءه خبر استشهاد عائلته وهو يبثّ الاخبار مباشرة على الهواء، فتحول من ناقل للخبر إلى جزءٍ من الخبر، خبر عائلته حينها، تحوّل إلى الخبر،
هل هي ضريبة العمل الصحفي ونقل الحقيقة؟؟!!، هل الحقيقة تزعج وتُأرّق الاحتلال إلى هذا الحد؟؟!!، إلى حدّ قتل الصحفيين وعائلاتهم!!!
ربما في مثل هذه الظروف نستذكر “عميدة شهداء الصحافة الفلسطينية، الشهيدة شيرين أبو عاقلة، التي قنصها أحد جنود الاحتلال وهي تبث الحقيقة وتغطي اجتياح قوات الاحتلال لمخيّم جنين،
ويستمر اقتحام قوّات الاحتلال لمخيّم جنين بصورة دائمة من يومها وحتى هذه الايام، وفوق كلّ ذلك اصبحت اسرائيل تستخدم الطائرات المسيرة في مخيم جنين لايقاع اعداد اكبر من الشهداء والجرحى،
عصام عبدالله صحفي لبناني يعمل مع وكالة رويترز، اصلا من الجنوب سقط شهيدا على ارض الجنوب اللبناني نتيجة صاروخ اسرائيلي استهدفه وهو بكامل بزّته الصحفية المميزة البادية للعيان عن بُعد، كان يُغطّي اشتباكات بين الجيش الاسرائيلي ومقاتلي حزب الله، فاصبح هو الخبر، استشهاده هو الخبر، وينضمّ إلى قافلة طويلة من الشهداء الصحفيين الذين سقطوا في هذه الحرب،
اسرائيل في حروبها العدوانية تستهدف الصحفيين قصدا وعن سابق تصميم ودون سابق انذار، وامريكا تفعل الشيء ذاته وفعلت الشيء ذاته في غزوها للعراق، وهنا نستذكر الصحفي الشهيد، من اصل فلسطيني، والعامل في قناة الجزيرة، طارق ايوب، الذي اغتاله الجيش الامريكي وهو يمسك بالكاميرا في موقعه في بغداد لنقل الحقيقة حينها،
امّا الصحفي الامريكي الشهير “بيتر آرنت” فقد غطى حرب الخليج الثانية من بغداد، تغطية مباشرة، ولم تستهدفه القوات الامريكية، مما يُدلّل على أن الصحفيين المستهدفين في حروب اسرائيل وامريكا هم الصحفيين العرب عامة والصحفيين الفلسطينيين بشكل خاص.
وقد “زورت” اسرائيل ، اي وقفت شربة الماء في زورها بسب قناة الميادين اللبنانية، فجنّدت كا اجهزتها الامنية والاعلامية من اجل منع وطرد مراسلي قناة الميادين من فلسطين المحتلّة، مع ان الصحفيين الاسرائيليين النزقين ما زالوا يسرحون ويمرحون ويتواجدون في كلّ الاماكن والساحات دون ان يُضايثهم احد،
يبدو ان اسرائيل قد اعتبرت الصحفيين العرب والفلسطينيين احدى التشكيلات المقاتلة المُزوّدة بالكاميرات والميكروفونات واجهزة البث وبالعزيمة والمهنية العالية وبسعيهم الحثيث وراء الحقيفة وايصالها إلى كل العالم،
اسرائيل وتصرفاتها وعدوانيّتها هي نقيض الحقيقة، لهذا تكرهها وتكره كلّ من ينادي بها ويعمل بها وعل اظهارها،
من اجل ذلك تستهدف اسرائيل الصحفيين وعائلاتهم وتؤذيهم جسديا يصل إلى حد اغتيالهم امام عدسات كاميراتهم.