2023-12-22 12:12:33
أمد/
لسنا صور في ألبوم، ولا قصص للأفلام،نحن حكايات جميلة أنهكها صمت ونفاق العالم الذي لا يستقوي إلا على المستضعفين،
تحولنا للوحات سريالية ملطخة باللون الأحمر،نحتت من أجساد مطحونة،التصقت ببعضهم بعضاً،تشكلت منها صور تعيش فوضى التكوين ..جسد رجل برأس طفل ويد قصيرة وقدم طويلة ولوحات مرعبة متوحشة صنعها صمت العالم.
أمهات يغرقن بالحسرة يمتن في اليوم مليون مرة، فلذة أكبادهن تحرقهم وتفتتهم القذائف الغبية، فما بين نواح ونواح، صرخات تزلزل الأرض وتهز السماء.
استيقظت في هذا اليوم المشحون بعواصف الموت ، لأتلقى الصفعة تلو الأخرى، بعد أن نجونا من موت مؤكد .علمت بإستشhد زوج ابنة أخي وأخوانه الثلاثة، فلملمت أحزاني و انطلقت لمواساتها وعندما التقيت بها، شعرت أنني أمام جسد متخشب ميت، يحمل ظلم الكون المستكين ويعيش الموت المؤجل ..لم تصدق ابنة أخي أن زوجها ابن خالتها وأخواته الثلاثة قد رحلوا لعالم نقي من الكره والأحقاد، لن يأكل القوي الضعيف ، ولن يعيشوا بعد اليوم نظام الغاب ..ضممت ابنة أخي إلى صدري بعد أن انفجرت بالبكاء، لأخفف عنها حزنها .بدأت تهذي وهي تسرد حكاية زوجها وتشرح كيف تركوا بيتهم تحت وابل النيران وتوجهوا لمستشفى المعمداني خوف من موت مسعور ينتظر أن ينهش لحمهم وتروي أنهم عاشوا أيام قاسية محملة بالجوع والبرد والخوف من القصف الهمجي الجائر الحاقد، الذي يمد أنيابه ليطحن كل المكونات الفلسطينية، فانتشر في مستشفى المعمداني، القمل والأمراض الصدرية والجلدية بين النازحين المقهورين وعندما علم الأخوة الأربعة بأن القصف خف عن منطقتهم واتجه لمكان آخر ، قرروا أن يمارسوا أبسط حقوقهم بأن يغتسلوا بالماء، ويحضروا بقايا الطعام والماء وملابس للأطفال ..توجهوا لبيتهم بعد أن ودعوا أمهم الرافضة أن يبتعدوا عنها لثانية وبعد إصرارهم توجهوا لحارتهم والأم تدعوا أن يحفظهم الله، انطلقوا عطشى لرؤية بيتهم وعندما اقتربوا منها، شعروا بالأمان عانقوا الأرض والشارع ، حضنوا بيتهم،قبلوا الجدران بعنف واستعادوا ذاكرة المكان.. وبعد أن اغتسلوا بالماء البارد لملموا على عجل ما تيسر من الخبز وبعض الملابس وألقوا نظرة الوداع على بيتهم وهموا بالرحيل، فتساقطت الصواريخ عليهم، اقتلعتهم من جذورهم فتناثرت الأجساد البريئة، عجنت بالحجارة
فتشكلت لوحات يندى لها القلب.
سمع الأب المكلوم أن بيته قد تم قصفه فسابق الريح وهو يهرب من أفكار خبيثة استوطنته حتى وصل الى بيته الذي التصق بالأرض، فقد الرجل عقله أمام كابوس بيته المدمر ،جن جنونه وهو يبحث عن أولاده ،صرخاته المرعبة وصلت عنان السماء نزفت يديه وهو يحفر الأرض و يحمل الحجارة،تساقطت من يديه الدماء، فاختلط الدم باللحم المتناثرة بين الحجارة، جمع ما تبقى من بقايا أجسادهم، لم يميز بين الصغير والوسط والكبير، جمع اللحم ووضعها فوق عربة حديد بكى وبكى حتى الانفجار أمام كومة اللحم، جر العربة وهو يلطم ويصرخ ويبكي ويضحك ويكفر بكل القوانين وعاد يحمل خيباته ويجر العربة لمستشفى المعمداني في غزة
فاستقبلته الأم بفزع وصرخة عندما شاهدت كتله اللحم المختلطة ببعضها بعضاً وسألته عن أولادها الأربعة أين هم؟
فانفجر باكياً وأشار لكومة اللحم أولادك ماتوا"،أولادك كوم اللحم اللي قدام عينيك "،تأملت الأم المشهد المرعب، سقطت مغمى عليها بعد أن جردوها من كونها أم ، تعرضت لأبشع أنواع الإعدام ،المسكينة أصابها الجنون مازالت ، تهذي وتهذي وتسأل ما الذنب الذي أقترفته يا الله، لأعيش ما تبقى لي من الحياة ميتة ويشاركها الأب الصدمة وهو في حالة من التيه والهذيان، فيصرخ مقهوراً يناجي الله، يا الله قضيت عمري عاملاً للبحث عن رغيف خبز لصغاري، عشت خريف أزلي لأمنحهم حياة وحلمت أن يكبروا وعندما كبروا ،يتم إعدامهم بدون ذنب يقترفوه، هل يعقل أن يجتمع العالم لإعدام الفلسطيني، كونه فلسطيني
لم تنتهي الحكاية بعد، غزة تعج بالحكايات فلكل ابن من الأبناء زوجة ترملت وأبناء تيتموا ، وعواطف محبوسة، ترسم صورة لملامح القادم اللا أخلاقي.