أمد/ غزة: كشفت وكالة أسوشيتد برس أن ما لا يقل عن خمسة مشاريع مجتمعية وشبابية مولتها الولايات المتحدة في قطاع غزة تعرضت للتدمير أو لأضرار، منذ بدء الحرب “على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي”.
الوكالة ذكرت أن الولايات المتحدة أنفقت أكثر من 7 مليارات دولار على المساعدات التنموية والإنسانية في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ إنشاء مهمة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية قبل عقود، بما في ذلك 270 مليون دولار منذ أنهى الرئيس الأميركي، جو بايدن، وقف التمويل الذي أقره سلفه، دونالد ترامب.
ولعقود، أرسلت الولايات المتحدة أيضًا أكثر من 3 مليارات دولار سنويًا لدعم الجيش الإسرائيلي، مع تعهد إدارة بايدن بأكثر من 14 مليار دولار في عام 2023.
و شهد أحد أقدم وأكبر المجمعات الرياضية في الأراضي الفلسطينية عملية تجديد كان في أمس الحاجة إليها، والذي يضم ملاعب كرة سلة وكرة طائرة وتنس، وملعب لكرة القدم، ومضمار للجري، حيث بلغت كلفة ترقية المجمع 519 ألف دولار.
والآن تقول الوكالة يبدو أن سقف نادي غزة الرياضي قد دمر، كما تم سحق ملعبه تحت وطأة الدبابات الضخمة التي يمكن رؤيتها في صور الأقمار الصناعية التي نشرتها أسوشيتد برس.
إلى ذلك، قالت الوكالة إن الضربات الإسرائيلية في غزة تحاشت إلى حد كبير مشاريع البنية التحتية الكبرى التي تمولها الحكومة الأميركية، التي شاركت إحداثيات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وتفاصيل أخرى مع الجيش الإسرائيلي لسنوات، لكن مشاريع أخرى أتلفت بسبب الحرب.
وفي الوقت نفسه، يقول مسؤولو الصحة في غزة ، إن أكثر من 20 ألف فلسطيني قتلوا، وفر حوالي 1.9 مليون من منازلهم جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وقال هوارد سومكا، الذي شغل منصب مدير بعثة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في غزة والضفة الغربية بين عامي 2006 و2010 “من المهم بالنسبة لنا أن نستمر في تقديم المساعدات الإنسانية والمساعدات التنموية، وعندما يأتي الجيش ويمحوها، نبدأ من جديد”.
وقامت وكالة أسوشييتد برس بمراجعة العقود والمنح الأميركية في غزة وحددت أكثر من 30 مشروع بناء تم إنجازه أو تحسينه من قبل الوكالة الأميركية.
ووجدت مراجعة لصور الأقمار الصناعية والتحليلات التي أجرتها شركة ماكسار تكنولوجيز أنه في حين يبدو أن أكثر من عشرة مشاريع كبرى تدعمها الولايات المتحدة، بقيت سليمة، فقد لحقت أضرار بخمسة على الأقل.
وتحققت وكالة أسوشييتد برس بشكل مستقل من تقييم ماكسار من خلال فحص صور الأقمار الصناعية الخاصة بها، بالإضافة إلى صور من أقمار صناعية منفصلة التقطتها شركة Planet Labs في الأسابيع الأخيرة.
“مأساة فظيعة”
لا يمكن تحديد السبب الدقيق للضرر الذي يظهر في الصور من خلال الصور وحدها، لكن في بعض الحالات، أكدت تقارير إخبارية ومصادر حكومية وقوع هجمات عسكرية إسرائيلية بالقرب من المشاريع التي تدعمها الولايات المتحدة في غزة.
وتلقي إسرائيل باللوم على حماس في الأضرار، قائلة إن الحركة تستخدم البنية التحتية المدنية في غزة كغطاء لشن هجمات وإخفاء مسلحيها وأسلحتها وبناء أنفاق تحت الأرض.
وتقول أيضًا إن مئات من صواريخ حماس التي تم إطلاقها بشكل خاطئ سقطت داخل غزة.
ولم تتمكن وكالة الأسوشييتد برس من الوصول إلى المسؤولين الفلسطينيين في غزة بسبب الانقطاع المتكرر للاتصالات.
الرئيس التنفيذي ورئيس شركة أنيرا، وهي شركة مقاولات أميركية قامت ببناء العشرات من مشاريع البنية التحتية في غزة، بما في ذلك النادي الرياضي، وصف تدميرها بأنه “مأساة فظيعة”.
وقال شون كارول “إن هذه الحرب تتسبب في خسائر فادحة، سواء في الأرواح البشرية أو البنية التحتية، وهي آثار ستظل حاضرة لعقود قادمة”.
وفي عام 2011، ساهمت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بمبلغ 138 ألف دولار للمساعدة في بناء المركز الثقافي العربي الأرثوذكسي، وهو مبنى مكون من طابقين مزود بمسرح وقاعة رقص وقاعة محاضرات.
ويبدو أن صور الأقمار الصناعية التي التقطت في أكتوبر تظهر أضرارا جسيمة في المركز.
ويبدو أن مركزين مختلفين يخدمان الأطفال من ذوي الإعاقة قد تعرضا للضرر أو التدمير في الأيام الأخيرة، وفقًا لصور ماكسار بتاريخ 20 ديسمبر.
ويعود المركز الأول لجمعية الحق في الحياة للأطفال المصابين بالتوحد ومتلازمة داون، والمركز الآخر تابع لجمعية في جباليا لدعم تأهيل المعاقين.
تم بناء المركزين بتمويل أميركي بقيمة 28000 دولار و177000 دولار على التوالي.
وفي الوقت نفسه، نجت مكتبة جمعية الشبان المسيحية في غزة، التي تم تجديدها بتمويل أميركي قدره 89 ألف دولار، دون أن تصاب بأذى، في حين تم تسوية مبنى واحد على الأقل مجاور لها بالأرض بالكامل.
وتعرضت مدرسة راهبات الوردية، التي تخدم الأطفال المسلمين والمسيحيين، لبعض الأضرار في غارة جوية أخيرة.
في عام 2022، قامت الولايات المتحدة بتخصيص مبلغ 495 ألف دولار لبناء فصول دراسية جديدة مزودة بألواح ذكية وتكييف هواء ومصعد وطابق جديد لمدرسة ثانوية.
وتُظهر صور القمر الصناعي ماكسار الحطام والأضرار المتناثرة في ساحة المدرسة، التي كانت تحتضن مئات الطلاب.
والمباني المدرسية نفسها كانت لا تزال قائمة حتى 22 نوفمبر، وكذلك غالبية المشاريع المهمة التي تمولها الولايات المتحدة في غزة، والبنية التحتية الحيوية في المنطقة الفقيرة حيث كانت مياه الشرب النظيفة نادرة حتى قبل الحرب الحالية – بما في ذلك محطة تحلية المياه بالقرب من غزة_، أنفقت الولايات المتحدة 16 مليون دولار لتوسيعها، إلى جانب خزانين للمياه ومرافق الضخ في البريج والمغازي، والتي بلغت تكلفتها مجتمعة حوالي 7 ملايين دولار.
وقال مسؤول أميركي، تحدث للوكالة شريطة عدم الكشف عن هويته، إن المشاركة الحالية للحكومة الأميركية مع إسرائيل تركز على حماية المدنيين، لكن التفاصيل حول مواقع البنية التحتية التي تمولها الولايات المتحدة متاحة بسهولة بسبب التنسيق الطويل والمستمر.
وقال ديف هاردن، الذي شغل منصب مدير بعثة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية من عام 2013 إلى عام 2016، إنه عمل “عن كثب” مع المسؤولين الإسرائيليين. وقال “أعطيهم الإحداثيات وأخبرهم ألا يضربوها”.
وقال كريستوفر كراولي، أول مدير لبعثة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في الضفة الغربية وغزة، إن مشاريع البنية التحتية، وخاصة المتعلقة بالحصول على المياه، هي أمر يمكن أن تتفق عليه الحكومتان الفلسطينية والإسرائيلية، وكانت الولايات المتحدة بمثابة جسر بينهما.
وكانت الفكرة من إنشاء تلك البنى التحتية، هي المساعدة في إرساء الأساس لدولة فلسطينية مستقبلية إلى جانب إسرائيل.
في عام 1999، كان لدى مدير البعثة الجديد، لاري جاربر، خطط طموحة لبناء اقتصاد حيوي في غزة مع تعزيز السلام في المنطقة.
كانت ستكون هناك أسواق للفراولة وصادرات الزهور ومحطة رئيسية لتحلية المياه ونظام للمياه.
وفي الوقت نفسه، بدأ الولايات المتحدة، في دفع ما يقرب من 3 مليارات دولار سنويًا لإسرائيل لدعم قدراتها العسكرية.
وبعد أقل من عام، اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية وكانت هناك غارات جوية وعمليات برية بالدبابات والعربات المدرعة.
وبعد وصول حماس إلى السلطة في غزة، عام 2007، تم تأجيل خطط مشروع كبير للمياه كانت ستموله الولايات المتحدة.
وتراجع دور الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لسنوات، حيث تعتبر الولايات المتحدة، حماس، منظمة إرهابية، وليس لها أي اتصال مباشر بها.
وخاضت إسرائيل وحماس خمس حروب ومناوشات عديدة منذ أواخر عام 2008.
وفي كل مرة كان لا بد من إعادة بناء ما دمرته الحرب، إذ كان الغرض من مهمة غزة والضفة الغربية، وفق أسوشيتد برس، هو المساعدة في استقرار المنطقة وتعزيز فرص الفلسطينيين، في عيش أفضل، بدءًا من التوسط في اتفاقيات التجارة عبر الحدود إلى برامج التعليم ومشاريع البنية التحتية.
حرب جديدة.. “أعنف”
لكن حجم هذه الحرب العنيفة والمميتة بشكل خاص قد يؤثر على ما تستطيع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تحقيقه في المستقبل، وفق أسوشيتد برس.
خرائط تكشف حجم الدمار في قطاع غزة
تسببت الغارات الجوية الإسرائيلية، المستمرة منذ أكثر من شهرين، في أضرار جسيمة في قطاع غزة، وخاصة في المنطقة الشمالية، وفق صحيفة واشنطن بوست، التي استندت لدراسة قدمها باحثان أميركيان.
ولا يتم بناء أي شيء في غزة دون موافقة إسرائيل، التي قد تكون مترددة في إعطاء الضوء الأخضر لمشاريع البنية التحتية الكبرى دون ضمانات أكيدة بعدم وصول أي إمدادات مفيدة للأسلحة إلى حماس.
في الصدد، قال بعض المديرين السابقين للوكالة إن أملهم في مستقبل غزة يتضاءل.