أمد/
منذ استيلاء خميني على سلطة الشعب بعد ثورة الشعب على الطاغية الشاه عام 1979 لم يرى الإيرانيين يوما لم يمضي بدون قتل وإعدام وسجن وتعذيب وتعسف واضطهاد، ولم يكن أمام خميني في ذلك الوقت من أجل البقاء في السلطة سوى القضاء على خصومه السياسيين وإخضاع كافة مكونات الشعب لسلطته إما بالخداع والإحتيال أو بالترهيب والترغيب، ويقيناً منه بأن سلطته غير شرعية قام خميني بتوجيه تعليماته لزبانيته بعد أن أباح دماء عناصر منظمة مجاهدي خلق بالقضاء عليهم وإبادتهم معتبراً إياهم العدو الأول والأخير له ولنظامه، وبعد حملات إبادة جماعية وقتل في الشوارع والبيوت والمقرات ظن خميني أنه تمكن من الخلاص من قدرتهم وأوشك على القضاء التام عليهم وساءت تقديراته وخابت ظنونه هو ومن خلفه في سلطة الضباع تلك التي استباحت كل شيء في إيران وتتمدد إلى خارجها لبناء الإمبراطورية الخمينية.
سجلٌ وتاريخٌ حافل من الحكم الدكتاتورية والممارسات الإجرامية القمعية الدامية والإعدامات الجائرة على يد الملالي الحاكمين في إيران، ولم يسلم أحدا من أبناء المجتمع الإيراني بكافة مكوناته من تلك الممارسات القمعية لا سيما الأقليات العرقية والدينية والمذهبية.
نعم، يتمادى نظام الفصل العنصري في إيران في استهداف الأقليات، حيث يمارس التمييز ضدهم في جميع مجالات الحياة، بما في ذلك التعليم والصحة والعمل والسكن والمشاركة السياسية وحرية الرأي وحرية العقيدة الدينية والفكرية،
وتشتمل هذه الممارسات العنصرية ضد الأقليات في إيران على:
التعليم: يفرض نظام الفصل العنصري في إيران (نظام ولاية الفقيه) قيوداً على تعليم وثقافة الأقليات وهي نفس القيود التي مارستها دكتاتورية الشاه من قبل، حيث يُمنع تدريس لغاتهم وثقافاتهم في المدارس، وتُفرض قيوداً على دخولهم إلى الجامعات.
الصحة: يعاني الشعب الإيراني من تدني الخدمات وانعدامها في بعض الحالات وأكثر الفئات حرماناً هي الأقليات خاصة في المناطق النائية، ويعاني الكثيرين من الإيرانيين الحرمان من التأمين الصحي، وبعض الخدمات الصحية إن توفرت فهي شكلية قاصرة ورديئة وغير ملبية للحاجة، وفي ظل نظام الملالي العنصري الحاكم في إيران والفساد المنهجي الحاصل في السلطة لا يمكن النهوض بمؤسسات الدولة ومنها المؤسسات الصحية، وقد كانت تجربة فيروس كورونا خير دليلٍ على ذلك.
العمل: تعاني أغلبية الشعب الإيراني من البطالة بأنواعها، ويحرم النظام الإيراني الأقليات من فرص العمل حيث يفرض قيوداً على حصولهم على وظائف حكومية، كما يمارس عليهم ممارسات أشد تمييزاً في العمل والحياة العامة.
المسكن: يعاني الشعب الإيراني بشكل عام من أزمة سكن حادة وغلاء أسعار المساكن وقد فشل نظام الملالي في تنفيذ وعوده بذلك، لكن معاناة الأقليات فيما يتعلق بحقهم بالمسكن في ظل هذا النظام أشد وأقسى إذ تنعدم مشاريع الاستثمار العقاري في مناطق الأليات ويحرمهم النظام من الحصول على تصاريح بناء، ويجبرهم على العيش في مناطق محددة، ويعيش أغلبهم في مناطق عشوائية.
المشاركة السياسية: يحرم النظام الإيراني الأقليات من حقهم في المشاركة السياسية، حيث يمنع تمثيلهم على نحو صحيح في البرلمان، ويمنعون من الترشح للانتخابات بذرائع مختلفة.
الأقليات المستهدفة بنظام الفصل العنصري في إيران:
الأكراد: الأكراد هم مكون من مكونات المجتمع الإيراني وله خصوصية خاصة به، ويتعرضون لتمييز شديد من قبل النظام الإيراني، حيث يحرمون من حقهم في استخدام لغتهم وثقافتهم وحتى أسمائهم، ويتعرضون للاعتقال والسجن والتعذيب والإعدامات والمضايقات.
العرب: يعيش العرب كمكون من مكونات المجتمع الإيراني في مناطق غنية لكنهم يعانون الفقر والبطالة وتردي الخدمات، ويتعرضون أيضا لتمييز شديد من قبل النظام الإيراني، حيث يحرمون شأنهم شأن باقي الأقليات من حقهم في استخدام لغتهم وثقافتهم، ويتعرضون كذلك للاعتقال والسجن والتعذيب والإعدام والمضايقات وممارساتٍ عنصرية عرقيةً وطائفية.
البهائيون: البهائيين مكون من مكونات المجتمع الإيراني التي تتعرض لتمييز شديد من قبل النظام الإيراني حيث يحرمون من حقهم في ممارسة عقيدتهم، ويتعرضون للاعتقال والبطش.
المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية: هجوم وحشي على مدارس دينية للمواطنين من أهل السنة في زاهدان لمواجهة استمرار وتوسع الانتفاضة
في عمل همجي بربري بادرت قوات خامنئي القمعية بهجوم استفزازي آخر على الأقليات الدينية في إيران، وذلك بشن هجوم على المدارس الدينية الخاصة بأهل السنة في مدينة زاهدان عاصمة محافظة سيستان وبلوشستان خوفاً من استمرار واتساع انتفاضة المواطنين البلوش، والتصدي للاحتجاجات الشعبية بالإضافة إلى اعتقال الشباب وقمع المصلين في زاهدان ومدن المحافظة الأخرى، وتلك هي الطريقة التي ينتهجها نظام الملالي الفاشي العنصري تجاه أبناء المذهب السني في سيستان وبلوشستان بشكل مهجي.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن قوات الأمن الإيرانية قامت بمداهمة المدارس الدينية في زاهدان يوم الجمعة 22 ديسمبر 2023 واعتقلت عدداً من الطلاب ورجال الدين السنة، كما قامت قوات الأمن بتفتيش المدارس ومصادرة الكتب والمواد التعليمية.
ويأتي هذا الهجوم في أعقاب تصاعد التوترات والاحتجاجات في إيران بالآونة الأخيرة، وقد شهدت البلاد في الأسابيع الأخيرة سلسلة من الهجمات على الأقليات الدينية بما في ذلك هجمات على المساجد والجوامع السنية.
وتعتبر هذه الهجمات جزءاً من حملة قمع واسعة النطاق تشنها الحكومة الإيرانية ضد الأقليات الدينية، حيث اتخذت الحكومة الإيرانية في السنوات الأخيرة سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى تهميش الأقليات الدينية في البلاد، ومن بينها فرض قيود على ممارسة الشعائر الدينية ومصادرة الممتلكات الدينية، وقد أدان المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أعمال النظام الإجرامية بحق المواطنين البلوش مطالبا المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات صارمة بحق النظام، وكذلك أدانته العديد من المنظمات الدولية.
جرائم قوات أمن الملالي في محافظة سيستان وبلوشستان
شهدت محافظة سيستان وبلوشستان في جنوب شرق إيران وخاصة مدينة زاهدان تصاعداً كبيراً وممنهجً في انتهاكات وجرائم قوى الملالي الأمنية ضد المواطنين البلوش العزل، وتعدت بشكل صارخ على معتقداتهم الدينية على نحو موسع في الآونة الأخيرة، وتشتمل هذه الجرائم على:
القتل خارج نطاق القضاء: قامت قوات الأمن الإيرانية بقتل العشرات من المدنيين من بينهم أطفال ونساء في مدينة زاهدان ومناطق أخرى من المحافظة، وغالباً ما يتم تنفيذ عمليات القتل هذه على يد قوات الأمن دون أي محاكمة أو تحقيق.
التعذيب: يتعرض العديد من المدنيين في محافظة سيستان وبلوشستان للتعذيب على يد قوات الأمن الإيرانية، وتشمل أساليب التعذيب على الضرب المبرح، والصعق الكهربائي، والاغتصاب والاختفاء القسري وأساليب مرعبة أخرى.
الاعتقال التعسفي: تعتقل قوات الأمن الإيرانية بانتظام مئات المدنيين في محافظة سيستان وبلوشستان دون سند قانوني، وغالباً ما يتم احتجاز هؤلاء الأشخاص في ظروف قاسية ودون السماح لهم بالتواصل مع عائلاتهم أو محاميهم.
القمع السياسي: تمارس قوات الأمن الإيرانية قمعا سياسيا مكثفا ضد أبناء محافظة سيستان وبلوشستان المعارضة بمجملها للنظام وتشن حملات اعتقال ومداهمات مستمرة بحقهم، وتصادر ممتلكاتهم، وتنتهك حرماتهم، وتضايقهم في معايشهم وأرزاقهم علما بأن هذه المحافظات من أشد المحافظات الإيرانية فقراً وأقلها تنمية، وأحد مسببات القمع هي سعي النظام لاستنزاف الثروات الطبيعية في هذه المحافظة.
سجل نظام الملالي الإجرامي تجاه المواطنين السُنة في سيستان وبلوشستان
يشكل المسلمون السنة البلوش نسبة كبيرة من المكون المسلم السُني في إيران، وقد تعرض المسلمون السُنة في هذه المحافظة لممارسات قمعية من قبل نظام الملالي على مدى عقود منها التمييز لأسباب دينية مذهبية في مختلف المجالات، بما في ذلك التعليم والوظائف والرعاية الصحية، كما يواجهون قيوداً على ممارسة الشعائر الدينية وبناء دور العبادة، وكذلك الاعتقالات التعسفية والسجن والتعذيب وأحكام الإعدام الجائرة.
أشكال التمييز والقمع ضد المسلمين السنة في سيستان وبلوشستان
بعض الأمثلة على القمع ضد المسلمين السنة في سيستان وبلوشستان:
اعتقلت قوات أمن الملالي القمعية 300 مسلم سنّي في مدينة زاهدان عاصمة محافظة سيستان وبلوشستان في عام 2023 دون سند قانوني.
تعرضت مدرسة دينية سُنّية في مدينة زاهدان في عام 2022 للهجوم من قبل القوات الأمنية القمعية ما أسفر عن مقتل 5 طلاب وإصابة العشرات.
في عام 2021 تم إعدام 4 مسلمين سُنّة في محافظة سيستان وبلوشستان بتهمة الإرهاب على الرغم من أن محاميهم أكدوا بأنهم أبرياء.
وأمثلة أخرى كثيرة من نماذج التمييز والقمع المستمر ضد المسلمين السنة في سيستان وبلوشستان لا يمكن حصرها في مقال، وتستمر سلطات نظام الولي الفقيه في ارتكاب هذه الجرائم والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان.
موقف المجتمع الدولي
طالب المجتمع الدولي مرار وتكراراً النظام الإيراني بوقف التمييز والقمع وانتهاكات حقوق الإنسان بحق المسلمين السنة في محافظة سيستان وبلوشستان، واحترام حقوق الإنسان في البلاد، ودعى إلى إجراء تحقيق مستقل في هذه الممارسات، ومحاسبة المسؤولين عنها ولكن نظام الملالي لم يستجب لهذه المطالب بل استمر وتمادى في سياساته القمعية الممنهجة ضد المواطنين السنة في محافظة سيستان وبلوشستان.
جدير بالذكر هنا أن جميع مكونات الشعب الإيراني لم يسلموا من بطش وسياسات الملالي الوحشية وفي صيف عام 1988 وحده أعدم نظام الولي الفقيه أكثر من 30 ألف سجين سياسي معظمهم من منظمة مجاهدي خلق لأسباب سياسية ودون وجه حق بمجرد توجيهات من خميني وقد أسموا هذه التوجيهات في حينها بـ فتوى الحِرابة.. لكننا هنا اليوم نسلط الضوء بشكل مختزل على جزءٍ من معاناة الشعب الإيراني.. تلك المعاناة التي انتقلت من إيران إلى الدول العربية بفعل ما يسميه ملالي إيران بتصدير الثورة.. وتلك هي الثورة التي صدروها للعرب في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن، وصدروا للأردن المخدرات واستهدفوا أمنه والله أعلم ماذا سيفعلون غدا، وليس هذا بمقالٍ فحسب وإنما رسالة ومقال.