أمد/
بكل كبرياء الرجولة واستعلاء الإيمان يمر الشعب الفلسطيني بواحدة هي الأخطر في المواجهات ضد الطاغوت والمستكبرين المفسدين.. يجمع أبناء الشعب الفلسطيني جثامين الشهداء يصلون عليهما بكل عزة وثبات وينصرفون الى ما تبقى من واجب الصمود بحثا عن شربة ماء او كسرة خبز وهم يرددون: لن نرحل ولن نترك غزة.. فيما تشتد المقاومة وتطور أساليبها كأنها في ساعات المواجهة الأولى ترصد للعدو المراصد وتوقعه في المكائد وتنقض عليه كما النسر الجارح تتركه يتصارخ أو يكتم أنفاسه ذعرا ويلملم قتلاه منتكسا ويولي الدبر في ساحات عديدة والمقاومة تهتف لمجد يولد من تحت الأنقاض في طريق لا بديل عنه إنها مقاومة فلسطين بكل جلالها وجمالها وأرواح الأنبياء والصالحين والشهداء فيها.. وهكذا أعادت المقاومة فلسطين الى سيرتها الأولى بعد ان تاهت بها سبل المقاوضات والالهاء في شعاب الاحباط واليأس.
الساعات الاخيرة:
تشهد كل الساحات تصعيدا مضطردا في كل مكان والعنوان كيف يتم حسم المعركة القيامة؟ في فلسطين وعلى أرض قطاع غزة وفي الضفة الغربية يتحرك العدو مستنفرا كل قوته ومدده القادم من امريكا والمانيا وسواهما من الدول الاستعمارية في الدفع ضد الارض وباطنها قبل سطحها الساكنين فوقها يسكنهم الخوف واليأس بحثا عن انفاق المقاومة التي تنفجر في وجوه مجموعاتهم العسكرية التي يغريها فتحة نفق فتتوجه اليه لينفجر في وجوهها او تذهب الى تجريف الارض وقلب المقابر والجثت بحثا عن فوهة نفق وتتخذ من الارض الخالية معسكرات لها يسترخي جنودها بعد جولات القتال فيأتيهم غضب الله من حولهم كمائن وحقول الغام محيطة بهم تحيل حياتهم الى اشلاء وشتات.. يقتحمون بعض البيوت ليجعلوا منها مقرا لقياداتهم وتوجيهاتهم العسكرية فيشرك المقاومون لهم الموقع ويفجرونه او يستقصدهم بقنابل محكمة تعصف بهم.. يندفعون في جباليا وتل الزعتر والنزلة وبيت لاهيا وبيت حانون بعد أن أشاعوا السيطرة عليها فيصطدمون بالالغام والمواجهات والهجوم على الياتهم ودوريات جنودهم.. يوسعون جبهات القتال جنوبا فيلاقون في خانيونس اكثر مما يلاقون في الشمال لا يستقر بهم حال ورغم اطلاقهم النيران في كل اتجاه ياتيهم صاعق الموت والنار من حيث لايشعرون.. وهذا ما نتج عنه عدد قتلى وجرحى ومعاقين في جنودهم أكثر بكثير من كل حروبهم السابقة مع العرب وامتدت بهم الحرب أكثر مما توقع الجميع.. ولقد أصاب الاعياء الجنود والضباط الامر الذي دفع الى اخراج الاف المقاتلين من الجبهات فضلا عن الارهاق العام في المؤسسات الصهيونية جميعا جراء انخراط النخب الشابة جميعا وهي الاحتياط في الجيش المحارب بلاهدف محتمل..
أما المقاومة التي تتجه نحو اكمال شهرها الثالث فهي تفاجيء العالم والعدو بشكل مباشر بقدرتها على الاستمرارية والتدفق في العطاء والتحكم في الية الحرب واسرارها فتنشر المقاومة معلومات حسب الحاجة وبمصداقية عالية بعكس التعتيم الذي يفرضه العدو عن سير الحرب وفرضهم حظر النشر الذي حول وسائل الاعلام الى متاهة المجهول والتهريج.
المقاومة تنشر فيديوهات عن الاسرى الصهاينة وكيف يعيشون في سراديب الانفاق بكل كرامة انسانية وتنشر المقاومة فيديوهات عن كيفية تصنيع البنادق والقنابل لتقول للعدو قبل الصديق لن نعاني من نقص الذخائر في حين اضطرت اسرائيل الى كل مخازن السلاح الامريكي في القواعد العسكرية الامريكية في المنطقة من المانيا وايطاليا والاردن وعديد القواعد العسكرية الامريكية التي بدأت ترسل اشارات النفاذ في حين حمل اسطول جوي الذخائر والقنابل والاسلحة من امريكا الى الكيان الصهيوني من خلال 250 طائرة عسكرية شاحنة.
في الضفة الغربية نهوض مقاومة متصاعد في كل الضفة الغربية بدءا من عاصمة فلسطين القدس المباركة الى خليل الرحمن ورام الله ونابلس وجنين وكل بلداتها وقراها ومخيمات الفلسطينيين في الضفة الفلسطينية في بلاطة والدهيشة والجلزون ومخيم جنين.. وقد تنوعت المواجهات من طعن للصهاينة واشتباكات مسلحة واقتحام للحواجز وقد ارتقى في الضفة الفلسطينية اكثر من 300 شهيد ومئات الجرحى واعتقل مئات الشباب والنساء..
في مواجهة قيامة فلسطين ونهوضها كانت الة الجريمة الصهيونية مدعومة من قبل الحكومة الامريكية تفعل فعلتها بلا اي رادع من خلق او دين او انسانية.. لم يكن فقط 7 اكتوبر هو الباعث على هذا الحنق الصهيوامريكي بما فعله في تدمير روحهم المعنوية انما كانت الايام السبعة والسبعين التالية تسطر في العقل الصهيني كتابا تاريخيا مفاده ضرورة الرحيل عن ارض فلسطين..
تدمير بجنون قتل الابرياء الهجوم على المستشفيات وتجريفها بمن فيها من الاحياء الجرحى وتدمير غرف الاطفال المرضى والخدج والنساء الحوامل وتدمير عمارات تأوي عائلات بكاملها وتقطع المياه والكهرباء وتحاصر المدن والقرى والمخيمات وتحرمها من مصادر الحياة وتضرب بقنابل محرمة دولية فسفور ابيض ويورانيوم منضب وقنابل زنة الواحدة طن..
التهجير هو العنوان الاكثر حقيقة في مقصد العدوان الصهيوني ومن هنا كانت العمليات العسكرية الصهيونية تسلك سبيل تدمير كل شيء وبشكل عشوائي ومقصود ان يلقي في الناس الرعب يحيل كل الاماكن الى ساحة قتل وتدمير وابادة حتى تلك المناطق التي ادعى انها امنة في الجنوب كان حالها حال الشمال.. وهنا ابرز الشعب الفلسطيني اسطورة الصمود فرغم كل هذا العنف الصهيوني ورغم المحرقة التي اقامها العدو في جباليا وما حولها الا ان مليون فلسطيني لازالوا مستقرين في بيوتهم المعرضة للهدم والتدمير على رؤوسهم.. اثبت الفلسطينيون ان الصمود ولو كان ثمنه الموت اولى كثيرا من الرحيل والهجرة حتى لو كانت بحثا عن السلامة.
بعد سبع وسبعين يوما لازالت المقاومة بكل لياقتها في مواجهة اليات العدو او قصف تل ابيب وغلاف غزة وفي المقابل تنهار معنويات الجيش المدجج بالجريمة ومن خلفه ينهار تجمع الصهاينة وتضرب الازمات عمقه في كل الاتجاهات.. في حين لا يسمع المقاومون الفلسطينيون من شعبهم ورغم كل ظروفه الا التأييد والمساندة ولسان حالهم يقول: كلنا فداء المقاومة ولن نرحل.
من هنا بالضبط تتضح موازين القوى المعنوية والقتالية وانها لصالح الشعب الفلسطني اما التدمير والقتل المجنون للمدنيين فهذا له حساب اخر يدرج تحت عناوين اخرى وليست عناوين القتال انها عناوين الجريمة ضد الانسانية وجرائم الحرب التي ستظل تلاحق العدو وستفقده جلد الضحية ومرجعية الهولوكست ليبرز على حقيقته مجرما لايليق به الا ان تصفد ارادته خلف القوانين الانسانية.. في حين يستطيع الشعب الفلسطيني كسر طوق الخوف والجبن والتردد ويفتح بعزيمته وتصميمه طريقا لنهوض الامة وتحريرها من انظمة كبلتها بالخوف والجبن والتخلف..
تراكم انجازات عالمية:
لايمكن عزل مايجري في فلسطين عن صايغات جديدة في الرأي العام العالمي وتحرك الشعوب ونخبها الحرة.. ولعل صوت الضمير الانساني قد وصل مداه في تأييد الشعب الفلسطيني وادانة الجريمة الصهيونية والمطالبة بوقف فوري لاطلاق النار وباستقلال فلسطين من نهرها الى البحر.. الامر وصل الى ان تصبح برلين وفرانكفورت المقيدتين بعقدة الهولوكست الى مدن تضج بالالمان المتظاهرين ضد العصابات الصهيونية الامر الذي يعتبر تجاوزا لاحدى المحرمات في المانيا وهو ما جعل الميت كيسنجر الى الشعور بالاسى والحزن ولعله عجل في موته فلقد كان محتملا ان تكون هناك مظاهرات في كل مكان الا المانيا.. اما امريكا فلقد كان لسان حال التظاهرات العظيمة في واشنطن وسواها من المدن الامريكية يقول: ايها الفلسطينيون انتم تحرروننا قبل ان تحرروا فلسطين، وتبدو المسألة أكثر تجليا ووضحوا عندما يقترب الوجدان الامريكي من الوعي العميق بدور عصابة تتحكم في القرار الامريكي بدعم الجريمة الصهيونية بلا حدود وذلك كله على حساب المواطن الامريكي دافع الضريبة والذي يرى بام عينيه كيف تتحول امواله الى قنابل لقتل اطفال فلسطين وتدمير مستشفياتها ودعم الجنود وتعزيز الضمان الاجتماعي والترفيهي في الكيان فيما المواطن الامريكي محروم من التضامن والعلاج والايواء..
الضغط الشعبي الامريكي والبريطاني المهم والمعزز بوعي متقدم يضاف اليه التظاهر في باريس وبرلين وبرشلونة وفي اكثر من عاصمة اوربية كل هذا كبح جنوح الانظمة الغربية في دعمها غير المشروط للكيان الصهيوني فكان الموقف الشعبي الغربي بالاضافة الى صمود الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية هما المؤثران الحقيقيان في صناعة واقع دولي يتجه الى شروط اقل في التخفيف وفتح باب المساعدات وهدنات ولو مؤقتة..
انها الربع ساعة الاخير والعض على الاصابع بقوة.. وكما هو واضح فان الجيش الصهيوني يتجه الى لاهدف بعد ان فشل خلال شهرين ونصف من القضاء على المقاومة او استرجاع الاسرى الصهاينة.. وهنا تصبح الربع ساعة الاخيرة وتحت وقع القنابل والقتل والرعب تجري المفاوضات بشكب غير مباشر ولن تجد القيادة الصهيونية المتلاعبة الا الخضوع رغم انها تريد استمرار الحرب كاستمرار لازمة تحميهم من المحاسبة والسجون على جرائم ومفاسد ارتكبوها فيما قبل.. ولن يجد بايد المتدني بشعبيته الا الخضوع لارادة الشعب الفلسطيني بوقف اطلاق النار ورفع الحصار عن قطاع غزة وذلك حتما هو النتيجة الطبيعية لاستمرار المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني