أمد/
الحرب الإسرائيلية الجارية على غزة، أثبتت للكل الفلسطيني، أن من الأخطاء الكبيرة أن يقرر العسكريون مستقبل البلاد، لأنهم لا يفكرون إلا بالحلول العسكرية بعيدا الدبلوماسية السياسية خاصة.
حماس كـ "تنظيم إسلامي" والتي تحكم غزة في عقيدتها تحرم التعامل المباشر والتفاوض مع الجانب الإسرائيلي إلا تحت النار، أي أنها تمشي في خط موازي مع إسرائيل، وهذا لا يجلب إلا الخراب والدمار.
قرابة الثلاثة أشهر، والجيش الإسرائيلي يمارس جميع أنواع القتل والتنكيل بالفلسطينيين في غزة يحاول بشتى الطرق الخروج بصورة انتصار، لا يهم إن كانت على جثث عشرات الآلاف أطفال نساء شيوخ المهم الانتصار الذي يبيح لهم كل شيء دون الالتفات إلى القانون الدولي أو الرأي العام العالمي.
هنا إذا أردنا أن نلقي نظرة على جميع الأخبار المتعلقة بالحرب الحالية على غزة والأحداث الجارية في الضفة الغربية أو المنطقة العربية "لبنان، اليمن" نستطيع أن نخرج بالعديد من الملاحظات التي تندرج تحت المنطق في التعامل مع الأحداث.
على صعيد الضفة الغربية.. تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، والتي تمتلك أجهزة أمنية للحفاظ على الأمن، لم تخرج للمواجهة العسكرية مع الجيش الإسرائيلي، ولم تجرها العاطفة ولا تزال تتمسك بسياسة السلطة برئاسة محمود عباس والتي تتمثل بالخيار التفاوضي السلمي بعيدا عن المجازر والدم كما يحدث في غزة.
أما في لبنان، حيث التوتر يحكم الأجواء بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، إلا أن الحزب انتهج سياسة ضربة بضربة، على الرغم أنه يمتلك احداثيات أماكن وزارة الجيش الإسرائيلي ومفاعل ديمونا حسب ما أعلن والكثير من الأماكن العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية، إلا أن الأمين العام للحزب "نصر الله" لم يذهب بلبنان نحو حرب مفتوحة، وأعلنها صراحة في خطاب الثالث من نوفمبر الماضي أن القسام اتخذ قراره لوحده بدخول المعركة، ولم يتم إعلامه بذلك، خاصة بعد تهديد وزير جيش الاحتلال الإسرئيلي، قائلا "في حال تدخل "نصر الله" الحرب سيدفع الثمن في المقام الأول هم المواطنون اللبنانيون. ما نفعله في غزة يمكن أن نفعله في بيروت"، الأمر الذي دفع "نصر الله" إلى تحكيم لغة المنطق والرد بالمثل على الضربات الإسرائيلية لتجنب لبنان المجازر والدمار الذي نشاهده في غزة.
أما على الصعيد اليمني، وما تفعله حركة أنصار الله الحوثيين من اعتراض واختطاف سفن متجهة من أو إلى إسرائيل عبر البحر الأحمر دون أن تقوم بتفجيرها أو قصفها، بالإضافة إلى إعلانها مرارا أنها ستعترض أي سفينة عبر البحر تابعة للإسرائيليين، وهذا لا يعني عجزها عن قصفها أو استهدافها بصواريخ ولكنها تجنب نفسها واليمن الضوء الأخضر الذي قد يحصل عليه الجيش الإسرائيلي لتدمير اليمن كمان يحدث في قطاع غزة.
وفي خضم الحديث باقتضاب عن الأصعدة سابقة الذكر، نجد أن الجبهات الثلاث "الضفة الغربية، لبنان، اليمن" آثروا لغة المنطق بعيدا عن المراهقة السياسية والتي تلجأ إلى الحل العسكري، وانتهجوا سياسة الحصار الاقتصادي من جانب اليمن، والرد بالمثل مع لبنان، والمسيرات المنددة بالحرب على غزة في الضفة الغربية.
أما في القطاع للشهر الثالث على التوالي يدفع الغزيون ضريبة القرار العسكري الذي اتخذته قيادة حماس دون التفكير بحجم رد الفعل الإسرائيلي.
وفي الختام يجب على جميع القيادة الفلسطينية التي أدت إلى تدهور الأوضاع في غزة الخروج أمام الجميع والاعتذار والاعتزال وافساح المجال أمام الشعب لاختيار قيادته وإلا سيكون الاختيار اجباريا وليس اختياريا.