أمد/
أعلنت مصادر إسرائيلية يوم الخميس الموافق الثامن والعشرين عن نية مجلس الحرب أو ما يعرف ب "الكابينيت" مناقشة المقترحين المصري والقطري بحضور رئيس الموساد ورئيس هيئة الاستخبارات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار.
بالطبع الإعلان يأتي تزامنا مع بعض من التطورات الدقيقة ومنها:
1- إعلان جهات من حركتي حماس والجهاد الإسلامي سابقا عن تحفظهما على بعض نصوص المبادرة
2- تصاعد حدة القتال في غزة
3- الكشف عن بعض من التفاصيل الدقيقة المتعلقة بحركة حماس ومنها صور خاصة لقيادات عليا في الحركة
4- بات واضحا أن الاعترافات التي يدلي بها بعض من عناصر حركة حماس تنعكس على التطورات الميدانية على الأرض وهو ما يغري إسرائيل عسكريا لمواصلة القتال وعدم التوقف الآن.
أهمية واضحة
وبات واضحا إن الورقة المصرية للتهدئة تمثل صيغة مهمة لإنها تتضمن ولأول مرة رؤية إقليمية– دولية، لآلية وقف الحرب في غزة، فضلا عن حديثها عن اليوم التالي للتهدئة ومصير قطاع غزة.
وتتضمن الورقة المصرية بندين مهمين:
الأول: تشكيل "حكومة تكنوقراط غير فصائلية لإدارة قطاع غزة والضفة الغربية"، وتخلي "حماس" عن حكم غزة، مقابل وقف كامل لإطلاق النار.
الثاني: رعاية أميركية– مصرية– قطرية لهذا الاتفاق.
والمعروف آن الورقة المصرية تتضمن ٣ مراحل :
"المرحلة الأولى:
صفقة إنسانية تمتد بين 7 و10 أيام، يتم خلالها قيام "حماس" بالإفراج عن جميع المدنيين الموجودين لديها من النساء والأطفال والمرضى وكبار السن، مقابل إفراج إسرائيل عن عدد مناسب يُتفق عليه من الأسرى الفلسطينيين لديها، بالإضافة إلى:
1- وقف كامل لإطلاق النار بكافة مناطق قطاع غزة من الجانبين، وإعادة انتشار القوات الإسرائيلية بعيدا عن محيط التجمعات السكنية، والسماح بحركة المواطنين من جنوب قطاع غزة إلى الشمال، وكذلك حركة السيارات والشاحنات. وتلتزم "حماس" بوقف كافة أشكال العمليات تجاه إسرائيل.
2- وقف جميع أشكال النشاط الجوي الإسرائيلي بما في ذلك المسيّرات وطائرات الاستطلاع في مناطق القطاع.
3- تكثيف إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية، وتشمل الأدوية والمستلزمات الطبية والمحروقات والأغذية، إلى كافة مناطق القطاع، خاصة مدينة غزة وشمال القطاع.
المرحلة الثانية:
إفراج "حماس" عن كافة المجندات الإسرائيليات المحتجزات مقابل عدد يُتفق عليه بين الجانبين من الأسرى الفلسطينيين المحتجزين داخل السجون الإسرائيلية، إضافة إلى تسليم الجثامين المحتجزة لدى الجانبين منذ بدء العمليات يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وتمتد هذه المرحلة لمدة 7 أيام وفق معايير وإجراءات المرحلة الأولى.
المرحلة الثالثة:
1- التفاوض لمدة شهر حول إفراج "حماس" عن جميع المجندين الإسرائيليين لديها، مقابل قيام إسرائيل بالإفراج عن عدد يُتفق عليه بين الجانبين من الأسرى الفلسطينيين.
2- يتم خلال هذه المرحلة إعادة انتشار القوات الإسرائيلية خارج حدود قطاع غزة مع استمرار وقف جميع الأنشطة الجوية.
3- التزام "حماس" بوقف كافة الأنشطة العسكرية ضد إسرائيل.
خلال هذه المرحلة، يتم:
1- تعليق إطلاق النار بين الجانبين لمدة 48 ساعة قبل تنفيذ المقترح، للاتفاق على أسماء المفرج عنهم ضمن المرحلتين الأولى والثانية سواء من إسرائيل أو من "حماس" من خلال مفاوضات غير مباشرة تُعقد في مصر بين وفدي إسرائيل و"حماس" بمشاركة مصرية- قطرية- أميركية.
2- لا يتم الانتقال من مرحلة إلى مرحلة إلا بعد تنفيذ كافة إجراءات المرحلة السابقة.
3- حال توافق إسرائيل و"حماس" على المقترح وقوائم الأسماء المتبادلة بينهما يتم البدء في تنفيذ الاتفاق لحظة الإعلان عن ذلك التوافق.
4- التزام الطرفين بالسقف الزمني للتوافق في المرحلة الثالثة، وحال التوصل لاتفاق يتم الإعلان عنه، متزامنا مع وقف كامل لإطلاق النار في القطاع.
5- تتولى مصر وقطر والولايات المتحدة مسؤولية التنسيق لتشكيل حكومة غير فصائلية أو سياسية (تكنوقراط) تتولى إدارة القطاع والضفة الغربية حال الإعلان عن وقف لإطلاق النار بصورة كاملة.
6- يتم تنفيذ الاتفاق بضمانة ومتابعة من مصر وقطر والولايات المتحدة الأميركية.
مصاعب استراتيجية
من الواضح أن هناك بعض من المصاعب التي تواجه طريق هذه الورقة وتواجه تنفيذ ما بها من بنود ، وذلك بسب:
1- عدم حديث الورقة وتفاصيلها عن مصير قيادات حماس التي تعيش تحت الأنفاق حاليا مثل يحيى السنوار أو محمد ضيف أو غيرهما من قيادات سياسية وعسكرية تطالب بهم إسرائيل.
2- عدم معرفة تداعيات الموقف الإيراني من المقترحات المصرية ، ولو أن وجود قطر كضامن لتنفيذ بعض من البنود يضمن موافقة مبدئية لإيران على ما ورد بالورقة.
غير أن التحدي الأبرز سيظل في كيفية التعاطي الإسرائيلي المستقبلي مع يحيى السنوار أو محمد ضيف، وهي نقطة بالتأكيد ستراعيها مصر من أجل نجاح هذه المبادرة ، غير أن نجاح أي مبادرة يرتبط بموافقة إسرائيل عليها ، وبالطبع لن توافق إسرائيل وحكومة نتنياهو على أي مبادرة إلا في حال:
1- الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين
2- القبض على قيادات حركة حماس
وتتعمق الأزمة الاستراتيجية حاليا فيما يتعلق بحركة حماس مع اتفاق دول العالم على أن تكون غزة في المستقبل موقعا ومكانا لا يهدد إسرائيل بالمطلق ، وهو أمر يعني :
1- تجريد غزة من السلاح (المتابع لأفكار العالم وسياساته سيدرك هذه النقطة بسهولة)
2- الغاء فكرة الأنفاق تماما (وهذا ما يتم حاليا بدقة)
3- الغاء فكرة البطل المقاوم التي كانت تنتجها غزة ويدعمها العقل المقاوم الفلسطيني .
موقف السنوار
ويدرك السنوار تداعيات هذا الأمر و وتلك الفكرة ، وهذا يفسر ما تداول أخيرا من معطيات وبيانات تزعم رفضه التام لهذه المبادرة وما سبقها من مبادرات ، خاصة وأن جميعها تؤدي إلى نتيجة واحدة وهي الإطاحة به من منصبه بل والقضاء عليه، وهذا نفس ما هو متوقع أيضا مع محمد ضيف أو غيره من القيادات المتعددة الأخرى.
غير أن الضغوط التي تقوم بها عائلات الرهائن الإسرائيليين تثير بين الحين والآخر الكثير من الجدال ، خاصة مع وصول عدد الرهائن الإسرائيليين إلى ما يقرب من 129 شخصا ، ويُعتقد أن 21 شخصا على الأقل قد ماتوا. ومعظم الرهائن المتبقين من الرجال.
كما تعتقد اسرائيل أن 19 امرأة وطفلين بين المحتجرين. وجميع المحتجرين هم إسرائيليون عدا 11 إسرائيليا مزدوجي الجنسية. وهناك تايلنديون ونيباليون وتنزانيون وواحد يحمل جنسية مزدوجة فرنسية- مكسيكية.
تقدير موقف
من الواضح تماما أن السنوار يعارض المبادرات العامة أو الدولية ، ويرغب فقط في حل ثنائي ودي يتيح له الاستمرار بالبقاء في غزة دون التعرض لأي ضغوط ، هو وجماعته ، الأمر الذي ينفيه الواقع السياسي حاليا، غير ان التطورات الجيوسياسية والاستراتيجية العامة حاليا يمثل بالفعل تحديا يزيد من الضغوط السياسية على السنوار وإسرائيل على حد سواء ، لتكون النتيجة الطبيعية هي استمرار تداعيات المواجهات لحين الوصول إلى حل سياسي وأمني عام .
،عموما فإن الإدارة الأمريكية تدعم رؤية ألا تكون حماس هي المسيطر الرئيسي على إدارة غزة بعد الحرب ، أما القاهرة فهي تبحث عن حل يبقي حماس كشريك في الحكم وليس الحاكم الرئيسي الأمر الذي يزيد من دقة الموقف سياسيا.