أمد/
يقول العزيز الكريم :"إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" صدق الله العظيم، ووفقاً لقول الله تعالى جميعنا أبناء أمة واحدة إن تسامحنا وترفعنا عن كل ما يصيب الروح من أمراض مهلكة، ومن يستخدم الإسلام كوعاء للوجود عليه أن يدرك ذلك ويعمل به قبل غيره وأن يتوخى الطهر والنقاء قبل الولوج إلى هذا الوعاء إلا إذا كان الأمر مجرد وسيلة لبلوغ غاية وهنا لن يكترث بما قد يسببه لهذا من ضرر وتشويه، ولذلك كان مقياس الإيمان والانتماء للعقيدة والقرب من الله بالتقوى وكذلك كان القرب من التاريخ والهوية الإسلامية بمقدار العطاء والالتصاق بالتاريخ والهوية الإسلامية وهو أمر صعب من وجهة نظر البعض أما من وجهة نظر البعض الآخر هو فريضة لا مناص عنها.
ساهم جميع أبناء المسلمين من عرب وأتراك وفرس وأكراد وأمازيغ وطاجيك وغيرهم في بناء التاريخ والحضارة الإسلاميين، ولا يستطيع أحداً سواء كان عربياً أو تركياً أو فارسياً أن ينكر على الآخر دوره ووجوده، نعم العرب هم من بدأوا بنشر الإسلام وقد كان ذلك فريضة عليهم لأنه نزل فيهم وكانوا مكلفين بنشره، ولا يستدعي ذلك الاستعلاء على الغير، وأما ما يتعلق بملالي إيران فلو كانوا هم من نشر الإسلام لاستعبدونا جميعاً، وعلى الرغم من ذلك لو كانوا الأمر بيدهم اليوم لما سمحوا للعرب وغيرهم بالوجود الكريم، ومن وجهة نظر ملالي إيران اليوم يحق للعرب الوجود كبشر ذلك لأنه أمر واقع عليهم وعلى غيرهم كما هو الحال لباقي الشعوب والأمم؛ لكن الملالي اليوم يرون بأن العرب ليس لهم الحق في تقرير مصيرهم أو العيش بكرامة تحت ألويتهم وسيادتهم، وقد يعتقد الملالي أن على العرب كجزء من الأمة الإسلامية أن يخضعوا للحكم الإسلامي تحت خلافة الملالي الإسلامية التي يرون فيها خلافة رشيدة وطاعتها واجبة فيما لا يرى أهل العلم والفقه ذلك إذ بين الملالي وما يدعون فاصلة كبيرة وهي الخروج من قالب الادعاء إلى قالب الإيمان، والأمر أقرب إلى الدعوة بضرورة عودة الملالي عن غيهم والرجوع إلى الإسلام المحمدي بدلاً من تشويه ولو راجعوا أنفسهم قليلاً لجلدوا ذاتهم.
كيف يتعاطى العالم العربي ويتفاعل مع تاريخه وهويته وقضاياه التاريخية والمعاصرة؟
إننا نثير بما نطرح من مفردات وعناوين وأفكار انتباه العقل البشري للتفكير والمراجعة فيما يدور من حولنا من قضايا هامة تتعلق بالوجود والجذور والتواصل معهما من أجل البقاء والاستمرار الرشيد نحو الأفضل لتكون المسيرة من التراب إلى التراب سليمة ونقية ويسيرة وهي المسيرة من (آدم عليه السلام إلى لحظة العودة إلى التراب مرة أخرى).
للبشرية جمعاء هوية واحدة ترتكز على فطرة الله التي فطر الناس عليها والإنتماء لأب واحد وأم واحدة وهما آدم وحواء ومن بعدهما نوح عليهم السلام جميعاً، وأما الهوية بعد تشكل الأمم والحضارات فقد تكونت لكل أمة هوية خاصة بها بعد الطوفان، وللعرب هويتهم الخاصة كما هو الحال لباقي الأمم ولهذه الهوية عناصرها فإن تم المساس بتلك العناصر يتحول أبناء تلك الأمة مكون سطحي لا أصل ولا جذور له كمن جاء من العدم، ويتعاطى معظم العرب مع هويتهم التي هي كبريائهم ووجودهم دون اكتراث إلى الحد الذي باتوا وهويتهم مهددين من قبل نظام الملالي الذي يتعامل معهم بنظرة فوقية استعلائية، فما يمارسه الملالي اليوم ضد العرب في بلدانهم هو عدم اكتراث بهويتهم وكبريائهم وكرامتهم، وأما من يحرص من العرب على كبريائه وكرامته وهويته فينعت بما هو غير لائق من قبل جميع الأطراف، ولا يدرك الكثيرين من العرب أن الصراع مع الملالي صراع وجود وكرامة يستحق التضحية من أجل كسر شوكة الملالي وإنهاء وجودهم الذي يهدد هوية دول وشعوب المنطقة بما في ذلك هوية أبناء الدولة الإيرانية المعاصرة أنفسهم.
ما هي نوايا ملالي إيران للعرب وكيف ينظرون إليهم؟
نوايا ملالي إيران للعرب معقدة ومتعددة الأوجه؛ فمن جهة، ينظر نظام الملالي في إيران إلى العرب باعتبارهم جزءا من الأمة الإسلامية ويتظاهر بالسعي إلى بناء علاقات ودية معهم، ومن جهة أخرى ينظر إليهم بازدراء وعلى أن العرب منافسون أدنى لهم في المنطقة ومن هذا المنطلق يسعون إلى الهيمنة عليها.
يمكن تلخيص نوايا ملالي إيران تجاه العرب في ثلاث نقاط رئيسية:
التوسع الإقليمي: يسعى ملالي إيران إلى التوسع الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، ويعتبر العرب عقبة في طريق تحقيق هذا الهدف لذلك يدعم ملالي إيران الحركات المتمردة في الدول العربية في مسعى منهم إلى إضعاف الدول العربية ونزع قدراتها ليتمكنوا من الهيمنة عليها وعلى المنطقة خاصة بعد احتلال ودمار العراق.
النفوذ الديني: يسعى ملالي إيران إلى نشر فكرهم وهو ما يسمونه بتصدير الثورة تحت غطاء الدين الذي يدعون به والمذهب الجعفري الذي لا ينتمون إليه في العالم العربي ويعتبرون أنفسهم وفكرهم أكثر ثورية من باقي مذاهب الإسلام، ومن هذا المنطلق يدعم ملالي إيران المؤسسات الدينية المتطرفة الموالية لهم والتي تسعى إلى نشر أفكارهم والمجتمعات العربية.
المصالح الاقتصادية: يسعى ملالي إيران إلى تأمين مصالحهم الاقتصادية في الدول العربية وخاصة في مجال الطاقة والنقل، وعليه يسعى ملالي إيران إلى إقامة علاقات تجارية واقتصادية مع الدول العربية والحصول على عقود استثمارية في هذه الدول لأطراف موالية له.
أما نظرة ملالي إيران إلى العرب فهي غالباً وستبقى نظرة متدنية، وينظرون إلى العرب بفوقية وعنصرية على اعتبار أنهم أقل حضارة وأقل تطورا منهم، ومن هنا يريدون فرض الوصاية على العرب إذ يعتقدون أنهم بحاجة إلى التوجيه والقيادة من إيران.
وفيما يلي بعض الأمثلة على نوايا ملالي إيران للعرب ونظرتهم إليهم:
دعم الملالي للحركات المتطرفة في الدول العربية مثل الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان.
تدخل ملالي إيران في الشؤون الداخلية للدول العربية مثل تدخلها في الثورة الوطنية السورية.
نشر فكر ملالي إيران المتطرف في العالم العربي من خلال تأسيس ودعم منظمات كحزب الله في لبنان وأمثاله في الدول العربية.
سعي إيران إلى الحصول على عقود استثمارية في الدول العربية مثل عقودها النفطية مع العراق على سبيل المثال.
ومن هنا يمكن القول إن نوايا ملالي إيران للعرب هي نوايا معقدة ومتعددة الأوجه إذ يسعون إلى تحقيق مصالحهم في بقاء نظامهم من خلال الهيمنة الإقليمية، ولكنها تنظر إلى العرب باعتبارهم منافسين لها.
هل يكترث العرب لهويتهم ووجودهم التاريخيين؟
نعم لابد أن يكترث ويهتم العرب بهويتهم ووجودهم التاريخي المهدد بالزوال وهناك العديد من الأمثلة التي تستحق التذكير بها ومن بينها:
التاريخ العربي والإسلامي: للعرب تاريخ وتراث عربي وإسلامي هو أساس لوجودهم ويمتد بهم إلى الجذور وعليهم أن يحرصوا على التمسك به وتعلمه وتعليمه ونشره والحفاظ عليه.
اللغة العربية: اللغة العربية هي أساس للهوية العربية والتاريخ والتراث العربي الإسلامي وبدون هذا الموروث العريق الذي يمثل كبريائهم وكرامتهم يتدنى قدرهم ومن أراد كسرهم يستهدف هذا الميراث والموروث، واليوم يسعى نظام الملالي إلى استهداف هذا الميراث والموروث لكسرهم والسيطرة عليهم.
الاهتمام بالثقافة العربية: تتميز الثقافة العربية بثرائها وتنوعها، ويحرص العرب على الحفاظ عليها ونشرها، على سبيل المثال، هناك العديد من المهرجانات والفعاليات التي تركز على الثقافة العربية، مثل مهرجانات الموسيقى والسينما والمسرح، ومهرجان الموسيقى العربية في القاهرة، كما أن هناك العديد من المؤسسات التي تعمل على إحياء التراث العربي.
بالطبع هناك من العرب من هو لصيق بتاريخه وهويته وموروثه ومستعد للتضحية من أجل ذلك.. وهناك البعض من العرب الذين لا يهتمون بهويتهم ووجودهم التاريخي وهذا النوع الذي لا يدرك قيمة جذوره يكون عرضة للوقوع كفرائس سهلة لأنظمة متطرفة متعجرفة كنظام الملالي.
هل يستحق تاريخ العرب وهويتهم التضحية والعناء من وجهة نظر عربية؟
الإجابة على هذا السؤال تختلف من شخص لآخر حسب قيمه وآرائه الشخصية، ولكن بشكل عام يمكن القول إن تاريخ العرب وهويتهم يستحقان التضحية والعناء فالتاريخ والتراث العربي هو الجذور والتاريخ الغني بالموروث العريق الذي يستحق الاعتزاز والاحترام شأنهم شأن تاريخ وتراث الأمم الأخرى فهي جديرة بالاحترام والتقدير أيضاً، ولقد تأثر العرب وأثروا بغيرهم في العديد من المجالات بما في ذلك العلوم والفنون والأدب والفلسفة وقد تركوا إرثا ثقافيا مهما للعالم، والهوية العربية جزء أساسي من الهوية الفردية للعديد من العرب.. فهي تمنحهم الإحساس بالانتماء إلى مجموعة أكبر تبعث فيهم القوة، وتوفر لهم إطارا مرجعياً يستندون إليه في حياتهم ومن هذا المنطلق فإن أي مساس بأي عنصر من عناصر الهوية العربية هو مساسٌ بكبريائهم وكرامتهم يستوجب التصدي له وسحق كل من يمس بهم وبهويتهم ووجودهم، وعبر تاريخهم ضحى العرب من من أجل وجودهم وهويتهم وفيما يلي بعض الأمثلة على التضحية التي قدمها العرب من أجل الحفاظ على تاريخهم وهويتهم:
المقاومة العربية للاحتلال الأجنبي: لقد قاوم العرب الاحتلال الأجنبي لأراضيهم لقرون من أجل الحفاظ على استقلالهم وثقافتهم.
النضال العربي من أجل الوحدة: لقد سعى العرب إلى تحقيق الوحدة منذ عقود بهدف إنشاء دولة عربية قوية قادرة على مواجهة التحديات التي تواجهها.
الجهود العربية للحفاظ على اللغة العربية: تعتبر اللغة العربية رمزا للهوية العربية، ولقد بذل العرب جهودا كبيرة للحفاظ عليها من الاندثار.
كيف يفكر العرب وكيف يعملون من أجل إدارة صراعهم مع ملالي إيران الذين أوشكوا على الهيمنة شبه الكلية على الدول العربية في آسيا؟
يفكر العرب في صراعهم مع ملالي إيران على أنه صراع من أجل البقاء، ويرون أن الملالي يسعون إلى الهيمنة على المنطقة العربية وفرض نفوذها وفكرها عليها، ويمثل هذا تهديدا مباشرا للهوية والوجود العربي في المنطقة، يعمل العرب على إدارة صراعهم مع ملالي إيران من خلال مجموعة من الوسائل من بينها:
التعاون العسكري: يتعاون العرب مع بعضهم البعض ومع الدول الغربية من أجل تعزيز قدراتهم العسكرية ومواجهة التهديد الإيراني.
التعاون السياسي: يتعاون العرب مع بعضهم البعض من أجل توحيد موقفهم تجاه إيران وتنسيق جهودهم الدبلوماسية.
الضغوط الاقتصادية: يمارس العرب ضغوطا اقتصادية على نظام الملالي في إيران من خلال فرض العقوبات عليها، وقطع العلاقات التجارية معها.
وفيما يلي بعض الأمثلة على الجهود العربية لإدارة صراعهم مع ملالي إيران:
تأسيس مجلس التعاون الخليجي في عام 1981: كان أحد أهداف تأسيس مجلس التعاون الخليجي هو مواجهة التهديد الإيراني.
التدخل العربي في الثورة الوطنية السورية في عام 2011: كان الهدف من التدخل العربي هو منع إيران من السيطرة على سوريا.
فرض العقوبات الدولية على إيران في عام 2018: كانت العقوبات الدولية جزءا من جهود المجتمع الدولي لمنع إيران من تطوير برنامجها النووي.
تعزيز القدرات الاقتصادية العربية: يجب على الدول العربية تعزيز قدراتها الاقتصادية من أجل مواجهة تهديد النظام الإيراني بشكل أكثر فعالية، كما يجب على الدول العربية العمل على تنويع اقتصاداتها وتعزيز التعاون الاقتصادي فيما بينها.
وإذا تمكن العرب من تحقيق هذه الخطوات، فإنهم سيكونون في وضع أفضل لمواجهة تهديد النظام الإيراني وحماية الهوية العربية والوجود العربي في المنطقة.
الحقيقة التي يجب أن يدركها العرب جميعا دولا وشعوب هي أنهم وتاريخهم وهويتهم وفكرهم ووجودهم مهددين لطالما بقي نظام الملالي على سدة الحكم في إيران ودعمه لمنظمات متطرفة بالمنطقة وتمكنهم من تدمير أربع دول عربية وتشريد وتجويع شعوبها الأمر الذي يستوجب مواجهة هذا النظام بعيدا عن الحروب من خلال الوقوف إلى جانب الشعب الإيراني وثورته والمقاومة الإيرانية ومشروعها من أجل مستقبل أفضل لإيران وكافة مكونات مجتمعها الذي عانى كثيراً من عقودٍ من القمع والاضطهاد، واليوم باتت مواجهة نظام الملالي مسؤولية الجميع حفاظاً على الهوية والوجود والجذور والكرامة.