أمد/
بعد أيام قليلة تدخل الحرب الإسرائيلية على غزة شهرها الرابع، وسط حالة من الغموض والضبابية لأسباب اندلاعها أو حتى بوادر لإيقافها، والتي سجلت حتى اللحظة قرابة المئة ألف ضحية ما بين شهيد وجريح في القطاع.
منذ بدء عملية "طوفان الأقصى" أعلنت حركة حماس أن الدافع لعمليتها في غلاف غزة يعود إلى انتهاكات المستوطنين للمسجد الأقصى في حين بدى مع مرور الأيام أن هذا السبب غير مقنع للعديد من الفلسطينيين، خاصة مع محاولة مصر وقطر تقديم مبادرات لوقف إطلاق النار حيث بدأت تتكشف نوايا الجانين حماس وإسرائيل من خلال فرض لكل منهما شروط خاصة للموافقة على إنهاء الحرب.
مع تزايد تصريحات قيادة حماس السياسية والعسكرية نستطيع الجزم بأنها توقعت بل وانتظرت المساندة العسكرية من "محور المقاومة"، خاصة مع مرور أيام الحرب وامعان الجيش الإسرائيلي بالإبادة البشرية من خلال القصف بالحزامات النارية والإعدامات الميدانية والاجتياح البري.
وفي قراءة لخطابات الناطق الرسمي لكتائب القسام "أبو عبيدة" بدى واضحا أن المقاومة فقدت الأمل في "محور إيران" وتغيرت لغة خطابهم من خلال شحذ عواطف الشعوب العربية ومطالبتهم بالخروج نحو الحدود مع إسرائيل للضغط عليها ووقف الحرب على غزة.
حماس وحسب تصريحاتها وفي ضوء ما يحدث على الأرض، يبدو أنها أعدت الخطة الكاملة لعملية الاقتحام لغلاف غزة في السابع من أكتوبر، وجهزت خطة الدفاع في حال حدث أي هجوم إسرائيلي كرد فعل، وإن كانت بصيرة حماس ضيقة في وضع سيناريوهات لرد الفعل الإسرائيلي إلا أنها لم تحسب حساب المدنيين في خططها.
وما حدث بعد ذلك لحماس لم يكن في حسبانها، بعد أن قطعت إسرائيل الماء والمساعدات والاتصالات والانترنت، وتلويح إيران وأذرعها العسكرية بأن عملية طوفان الأقصى فلسطينية خالصة، ولم يتم إبلاغ أحد بها، إلا عند اغتيال إسرائيل قياديا بارزا للحرس الثوري في سوريا كان لزاما أن تتغير لغة خطاب إيران.
الأمر الذي وضعها ومحورها في خانة الحرج للرد على عملية الاغتيال في حين لا تريد إيران الدخول في مواجهة مفتوحة مع إسرائيل، ليصرح بعد ذلك المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني رمضان شريف، بأن عملية “طوفان الأقصى” هي رد على اغتيال قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني.
أما حماس بردها الصريح أحرجت الحرس الثوري وقيادات النظام الإيراني حيث نفت ما جاء على لسان المتحدث باسم الحرس الثوري وقالت بأن لا صحة له، وأن "طوفان الأقصى" انطلقت لدوافع فلسطينية بحتة.
تصريحات من الجانبين الإيراني والحمساوي، خلقت حالة من السجال، وكشفت اللثام عن طبيعة العمل الإيراني في المنطقة، وأنها تستخدمه فقط لتلبية مصالحها الخاصة بعيدا عن الدخول في مواجهة لأجل القدس كما تطلق على فيلقها "فيلق القدس" ولم تحرك ساكن لدماء أطفال غزة، ولا حتى لقادتها الذين تُقدِم إسرائيل على اغتيالهم بين حين وآخر.
حماس وبعد أن أوهمتها إيران وأذرعها العسكرية في الشرق الأوسط بأنها معارضة لإسرائيل والنفوذ الأمريكي، وكانت تطلق التصريحات هنا وهنا، أيقنا جميعا بأنها فقاعة من صابون، تجري حسب تيار الهواء لا تسمن ولا تغني وينطبق عليها مثل "المتغطي في إيران عريان".
وعند الحديث عن ما يسمى "فيلق القدس"، نرصد عملياته العسكرية في سوريا واليمن والعراق وغيرهم، إلا في فلسطين لم يحاولوا مرة الدفاع عنها، ناهيك عن دعمها لحركة حماس والذي أفقدنا بوصلتنا العربية والحاضنة الشعبية وزاد من فجوة الانقسام الفلسطيني.
ختاما تصريحات إيران لا تتعدَّ الدائرة المغلقة في الهرب من الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، حتى ولو ضربت عمقها في طهران، وتدفع المال لأذرعها وفي حال شُدِدَ الخناق على أحدهم تقطعه سرا حتى تنكشف علانية كما حصل مع حماس في طوفان الأقصى.